أكد السيد حمة الهمامي الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي في ندوة صحفية عقدها أمس بأحد النزل بالعاصمة بمناسبة تشريع حزب العمال الشيوعي بعد 25 سنة من النضال السري أن هذا التشريع هو ثمرة من ثمار ثورة 14 جانفي التي أطاحت ب«بن علي» وفتحت عهدا جديدا لتونس وفرضت حق التنظم حيث رافق حزب العمال الشعب التونسي خلال ربع القرن الأخير وجعل على رأس أهدافه إسقاط الدكتاتورية العائق الرئيسي أمام تحرّر الشعب ونهضة الوطن. وأضاف المتدخل أن الحزب لم يدّخر أي جهد في الاسهام في توحيد صفوف المعارضة لضمان الانتصار على الدكتاتورية، فجاءت ثورة 14 جانفي تتويجا لأكثر من 20 سنة من النضال والتضحيات لأبناء الشعب التونسي من مختلف النزعات الفكرية والسياسية المعارضة للدكتاتورية سواء كانوا منظمين في أحزاب وجمعيات ومنظمات وهيئات نقابية وحقوقية أو غير منظمين. وأكد حمّة الهمامي أن الثورة لم تنته لأنها لم تكمل مهامها خاصة وأن القوى الرجعية تعمل على إجهاضها بالعمل على حصرها في مجرّد عملية اصلاح للنظام القديم دون المساس بأسسه وبقاعدته الاقتصادية والاجتماعية، وهذه القوى مازالت متغلغلة في مختلف الأجهزة والمؤسسات وهي التي تحاول ضرب وحدة الشعب التونسي عبر إثارة النعرات القبلية والجهوية والعقائدية وبثّ الخوف والرعب بينه لثنيه عن مواصلة الثورة وتحقيق أهدافه. كما اعتبر الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي البوليس السياسي مازال قائما في تونس طالما أنه لم يقع تطهير الادارة ولا استقلالية القضاء ولا حرية الاعلام الذي مازال يعاني من السيطرة والرقابة والتعتيم المقصود داعيا الى ضرورة تأجيل موعد الانتخابات وإبعادها عن موعد الامتحانات خاصة وأن الشباب هو من قام بهذه الثورة ولا يجب حرمانه من النشاط السياسي لتمكين الشعب ومختلف القوى السياسية من الاستعداد الجيّد لها لضمان الشفافية والانصاف بين مختلف المشاركين مع العمل على سدّ الباب أمام الارشاء وإلا فإن أعداء الثورة سيعودون الى السلطة من جديد. وعن تعدّد الأحزاب السياسية في تونس أكد حمّة الهمامي أن المسألة عادية بعد ما عاناه الشعب التونسي من سياسة عدم التنظيم قائلا أن لكل حزب الحرية في ممارسة نشاطه القانوني وأن البقاء سيكون لمن له قاعدة شعبية واسعة تخدم مبادئ الثورة وأهدافها مشيرا الى رفضه لقانون الأحزاب الذي يحدّ من توسيع مناخ الحرية والديمقراطية. التأميم وإجابة عن سؤال يتعلق بوجهة نظر حزب العمال حول التأميم قال المتحدث في هذا السياق «لا يمكن بناء اقتصاد وطني دون أن تحصل عملية تأميم للقطاعات الاستراتيجية» مؤكدا أنه لا يمكن ترك بعض القطاعات في يد رأس المال الخاص الذي سيرهنها بالدوائر الامبريالية مشدّدا على أن حزب العمال لا يدعو الى تأميم الممتلكات الخاصة كما يشيع البعض بل هو يقف مع المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تضرّرت من رأس المال الكبير وهيمنة الدوائر المالية النافذ، مضيفا أن حزبه لا يدعو الى الانغلاق في علاقة البلاد بالخارج بقدر ما يطرح أسسا جديدة لهذه العلاقات لا تقوم على الهيمنة بقدر ما تقوم على التكافؤ علاقة تستفيد منها بلادنا ولا تقوم على الاخضاع داعيا في الآن ذاته الى إلغاء ديون تونس مطالبا من الحكومة الحالية وبشكل مرحلي إيقاف سداد المديونية لمدة 3 أو 4 سنوات كما حصل في أمريكا اللاتينية لتوظيف هذه المديونية في النهوض الاقتصادي ومعالجة البطالة. مراقبة الحكومة وفي انتقاده لهيئة الاصلاح السياسي وتحقيق أهداف الثورة أكد حمّة الهمامي على أن الحكومة ترفض الدور الرقابي للهيئة بتعلّة عدم وجود مشروعية للهيئة ولكن للمرء أن يتساءل من أين جاءت شرعية الحكومة ذاتها متسائلا أيضا عن جدوى الانفراد بالرأي على غرار طريقة تعيين الولاة والمعتمدين داعيا الى التشاور والتوافق والذي في غيابه سيواصل الحزب رفض كل القرارات المنافية لما قدّمه الشعب من تضحيات. العلمانية والجهويات ونبّه المتدخل الى النزعات التي تحاول إثارة العروشية والجهويات وكذلك مناقشة العلمانية بشكل مغلوط حتى انبرى البعض يكفّر البعض الآخر مؤكدا أن الحوار حول العلمانية لا يدخل في إطار الدين بقدر ما يندرج في اطار حرية التفكير داعيا الى مناقشة الأفكار وليس المصطلحات فالتونسي هو بربري وعربي ومسلم ولكن من أجل ماذا؟ من أجل حرية التعبير والديمقراطية كقيم؟ من أجل العدالة الاجتماعية؟ من أجل الابداع في الفنون؟ من أجل المساواة..؟ وهل أن التونسي هو مع هذه القيم ضدّ الظلامية والاستبداد واستعمال الدين وتوظيفه لضرب هذه القيم أم لا؟ هذا هو جوهر النقاش الحقيقي وكلمة «العلمانية» يجب ألاّ تكون الشجرة التي تحجب الغابة، وأضاف أيضا أن حزب العمال كان ضد نزع الحجاب زمن بن علي ولكنه أيضا سيكون أيضا ضد محاولات فرض الحجاب بالقوة منبّها الى أن ما يحصل في المساجد يجب التنبّه إليه حيث أن الدولة مدعوة دائما الى حماية حرية العقيدة وبصورة عامة لا يمكن توظيف الدين لاعتقاده أن الايمان لا يتناقض مع الحرية مؤكدا أن الشيوعيين يدافعون عن الطاهر الحدّاد الذي دعا الى المساواة في الإرث وهو مصلح لا تدافع عنه الحركات الدينية، مذكّرا أيضا في هذا السياق وردّا على الرافضين للعلمانية أن راشد الغنوشي عاش في بريطانيا العلمانية كلاجئ بعد أن اضطهده النظام وبن علي الرئيس المخلوع والدكتاتور يعيش الآن في السعودية الدولة التي تناصب العلمانية العداء المطلق.. إنها مفارقات في تقديره يجب فهمها لإدراك مفهوم كالعلمانية. البوليس السياسي وفي هذه الندوة التي حضرها أعضاء الهيئة التأسيسية لحزب العمال تدخل السيد عمّار عروسية مؤكدا أن حكومة الباجي قائد السبسي أفرغت بعض المطالب من محتواها مثل تركيبة هيئة بن عاشور وكذلك الادعاء بحلّ جهاز البوليس السياسي الذي لا يزال ينشط إضافة الى القول بأن عناصره لا تتجاوز 200 عون والحال أن هؤلاء يمكن أن يكونوا موظفي مكتب واحد، ليخلص الى القول إن هذا القرار ديماغوجي. كما قال مومن بن عانس عضو الهيئة التأسيسية للحزب إن قرار الترخيص لأحزاب كانت تابعة للتجمع يعدّ أمرا خطيرا حيث كان يجب محاكمة بعض رموزهم وخاصة المورّطين منهم بدل منحهم تأشيرات للعمل السياسي، مضيفا أن هذا يندرج في إطار السعي الى الالتفاف على مكاسب الثورة. يوسف الوسلاتي