بقلم الأستاذ: طارق العلائمي محام وباحث في القانون الرياضي جاءت ثورة 14 جانفي 2011 قاطعة مع الماضي بكل شخوصه ومؤسساته الى التنقل من «سنوات الولاء»الى «سنوات الرأس المستقل» لتؤسس لمجتمع مدني جديد يمتثل لأمر«الصندوق الانتخابي الحقيقي» وليس«لأمر الصندوق الانتخابي المعين مسبقا» فالانتخاب قديما كان آلية لتزكية أشخاص معينين مسبقا من قبل سلطة الإشراف المختصة بالنظر التي تعمل على إضفاء غطاء ديمقراطي لعملية« تسمية مقنعة» وذلك في جميع الهياكل خاصة منها الرياضية لأهميتها الواقعية نظرا لتأثيرها المباشر على استقرار المجتمع التونسي آنذاك إذ أن الرياضة كانت حديثه وشغله ونقاشه ونقده الوحيد المسموح به من قبل السلطة السابقة. يطرح اليوم تساؤلا حول وضعية الجمعيات الرياضية خاصة وبالذات شرعية رؤسائها في البقاء ومواصلة التسيير القانوني والفعلي بعد ثورة 14 جانفي 2011؟ وحول مدى امتثالهم لأحكام النظام الأساسي للجمعية الرياضية بخصوص ضرورة انتخاب الرئيس ونائبه مع تحديد مدتهما النيابية؟ من ذلك أن أحكام النظام الأساسي للجمعية الرياضية المصادق عليه بموجب القرار الصادر عن السيد وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية المؤرخ في 19 08 2006 أقرت في فصلها العاشر انه : «تسير الجمعية مدة سنتين هيئة مديرة متركبة من رئيس ونائب رئيس تنتخبهما الجلسة العامة عن طريق الاقتراع السري المباشر ومن أعضاء يعينهم الرئيس المنتخب «لتتأسس وفق ما سبق ذكره الجمعية الرياضية قانونيا وإداريا وماليا على رئيس ونائب رئيس منتخبين بموجب الاقتراع الحر المباشر صلب أعمال الجلسة العامة الانتخابية ولمدة محددة بسنتين وهي حقيقة وضعية قانونية لم تطبق مطلقا نظرا لاعتماد «آلية تعيين رؤساء الجمعيات الرياضية» من قبل السلطة السابقة. لتجد الرياضة التونسية اليوم نفسها مقيدة بهياكل وشخوص من العهد القديم وضعوا لخدمة مصالح معينة وبمباركة السلطة السابقة متجاوزين في ذلك أحكام النظام الأساسي للجمعية الرياضية الموجبة«لمبدإ الانتخاب الحر المباشر«لرئيس الجمعية ونائبه والذي استبدل واقعا«بمبدإ التعيين المسبق المحتوم». بيد أن التطبيق الفعلي لأحكام الفصل العاشر من النظام النموذجي للجمعية الرياضية أفضى حقيقة الى تلاعب بأحكام الزمن القانوني وذلك بتغيير مبدإ الانتخاب الى التعيين المباشر«الى مبدإ التعيين المفروض باعتماد جلسة عامة عوضا عن الجلسة العامة الانتخابية والتي غالبا ماكانت بمباركة سلطة الإشراف ممثلة في والي الجهة باعتباره ممثلا قانونيا ترابيا لرئيس الدولة ويشرف على أعمال التعيين ويباركها لتنقلب بذلك وظيفة الجمعية الرياضية من خدمة لمصلحة السلطة العليا وحفاظا على مصلحة الأفراد دون مصلحة الشعب. لتنقلب بذلك وظيفة الجمعية الرياضية من جمعية تهدف الى تكوين وتأطير الشباب وتنمية قدراته البدنية و الفنية والرقي به الى ارفع المستويات الرياضية والأخلاقية«وفق أحكام الفصل الثاني من النظام الأساسي الى جمعية رياضية ذات بعد سياسي تهدف إضافة الى كل ذلك الى العمل وفق أجندا سياسية رياضية . وعليه فإن أغلب رؤساء الجمعيات الرياضية مطالبون اليوم بالامتثال الى سلطان النص القانوني ونداء الواجب الأخلاقي عبر تقديمهم لاستقالة جماعية من مناصبهم ذات البعد التنصيبي والدعوة الى عقد جلسة عامة انتخابية تحترم القانون ويكون ذلك وفق أحكام انتقالية تحترم حسن سير المرفق الرياضي عامة ومصلحة الجمعية الرياضية خاصة عبر تفعيل أحكام الفصل 26من النظام الأساسي القاضي بأنه« في حالة حدوث شغور في منصب رئيس جمعية يتولى مهام رئاستها نائب الرئيس الذي يقوم بالإعداد لعقد جلسة عامة استثنائية في أجل أقصاه ثلاثة أشهر تخصص لإنتخاب رئيس الجمعية» مما يعني قياسا بواقع الرياضة التونسية اليومية أنه وبعد تقديم استقالة الرئيس يعهد لهيئة تسيير وقتي تدبر شؤون الجمعية الرياضية على أن لا يتجاوز أجلها الثلاثة أشهر وهو ما يتطابق مع نهاية الموسم الرياضي الحالي ومن بعد عقد الجلسة العامة الاستثنائية بهدف انتخاب الرئيس ونائبه وفق نظام انتخابي حر ومباشر. فالمصلحة الرياضية الوطنية اليوم تقتضي من أغلب رؤساء الجمعيات الرياضية إتخاذ جملة من التدابير العملية تتمثل في الآتي بيانه: 1 تقديم استقالة مباشرة من رئاسة الجمعية الرياضية. 2 عقد جلسة عامة استثنائية هدفها تكوين لجنة تسيير مؤقت الى حد نهاية الموسم الرياضي. 3 تعيين موعد جلسة عامة إنتخابية في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ إستقالة الرئيس ونائبه من تسيير الجمعية الرياضية. 4 التعهد النهائي باستئناف النشاط الرياضي دعما للمصلحة الوطنية عامة والمصلحة الرياضية خاصة. 5 تعيين موعد جلسة عامة استثنائية تهم جميع الجمعيات الرياضية غايتها تقديم مقترحات قانونية وواقعية لتطوير الرياضة التونسية مع انتخاب هيئة عمل وقتية لأجل لا يتجاوز مفتتح السنة الرياضية 2012/2011 مهمتها إعادة سن قوانين رياضية جديدة تتوافق ونفس الحرية الجديد مع وضع خارطة طريق رياضية تؤسس لهياكل رياضية حديثة وفق النظم العالمية المعروفة بقصد إنجاح المسار الرياضي التونسي من جديد. القول الفصل: إن الثورة تقتضي القطع مع الماضي وتأمين الحاضر بقصد إنجاح المستقبل