سفارة إيطاليا في تونس تحذر من وسطاء حجز مواعيد للتصريح بالقيمة وتدعو الطلبة إلى التثبت    عاجل/ إقرار إضراب ال"ستاغ" عقب فشل الجلسة الصلحية وهذا موعده    الدينار في أعلى مستوياته مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية 2022    حالة الطقس هذه الليلة    للناجحين في دورة المراقبة للبكالوريا: هكذا تتم عملية التوجيه الجامعي 2025    إصدار "إعلان تونس" في اختتام أشغال المؤتمر الدولي حول دور القوات المسلحة    الاسباني كارولوس ألكاراز يتأهل الى الدور النهائي لبطولة ويمبلدون    الاعلامي فهمي البرهومي يؤكد تعرضه للسحر من شخص مقرّب منه    المنستير: تنظيم الأيام الإعلامية الجهوية للتوجيه الجامعي لفائدة الناجحين في البكالوريا يومي 14 و15 جويلية الجاري    لأول مرة: جامعة القيروان ضمن التصنيف العالمي للجامعات    الجزائر: حمود بوعلام يشتري رُويبة ويُقصي الفرنسي ''كاستيل'' من السوق    تلامذة من تونس يلمعو عربياً في تحدي كبير! شكونهم؟    تاكل تُن وانت مريض سكر؟ إنت في الأمان ولا تغالط في روحك؟    حتى الجنينة تنظفها وتُبعد الحشرات... بكعبة قارص ورشة ملح    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    توزر: تواصل التدخلات لإزالة آثار العاصفة الرملية    تونس: البنك الأوروبي للإستثمار مستعد لتمويل مشاريع ذات النجاعة الطاقية ومكافحة الهدر المائي والنقل الحديدي    بقلم مرشد السماوي : مهرجان الحمامات جوهرة ثقافية تنتظر توسعة المسرح و دعما يليق بمكانتها    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    استشهاد 798 شخصا أثناء تلقي المساعدات في غزة    الأمم المتحدة: فرض عقوبات أميركية على مبعوثة أممية "سابقة خطيرة"    علاقة وثيقة بين النوم والعمل..    عاجل : ''الكاف'' يفتح تحقيقًا بشأن منتخب الجزائر للسيدات    العجز التجاري لتونس يتفاقم بنسبة 23،5 بالمائة    هل حيك معني؟ الستاغ تركّب منشآت جديدة في منوبة وتُوعد بنهاية الهبوط الطاقي    عاجل/ تغيّرات جوية مرتقبة ووزارة الفلاحة تحذّر..    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    البطولة الوطنية لكرة اليدّ على الأبواب.. وهاذم التواريخ    عاجل/ هذا ما كشفه عمر بحبة عن العاصفة الرمليّة بقبلي وتوزر..وهذه حالة الطقس نهاية الأسبوع..    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    النادي الإفريقي: رئيس الهيئة العليا للرقابة يكشف عن ديون سابقة لم يتم تسويتها    عاجل/ أول تصريح لنتنياهو حول اتفاقه مع ترامب بشأن غزة..    مانشستر يونايتد يتعاقد مع المهاجم الفرنسي إنزو كانا    بعد العاصفة الرملية التي شهدتها توزر وقبلي: معهد الرصد الجوي يكشف التفاصيل..#خبر_عاجل    عاجل/ ترامب يتوعد باعلان مهم الاثنين المقبل..وهذه التفاصيل..    هام/ هذه الدول الأكثر طلبًا للكفاءات التونسيّة والمهن المطلوبة..    النجم الساحلي: ثنائي أجنبي يعزز الفريق في المركاتو الصيفي الحالي    كأس العالم للأندية 2025: صراع محتدم على الحذاء الذهبي قبل االمباراة النهائية    هام/ نسب النجاح في دورتي البكالوريا حسب الولايات..    عاجل: صدور حكم بالسجن سنة مع وقف التنفيذ ضد نجل فنان مشهور    القهوة باش تغلى؟ البرازيل في وجه العاصفة وترامب السبب    قوة إسرائيلية تتسلل داخل الأراضي اللبنانية وتنفذ عملية تفجير    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    طيران الإمارات تتصدر تصنيف YouGov لأكثر العلامات التجارية العالمية الموصى بها لعام 2025    معز حديدان: 75 بالمائة من دعم الحبوب تذهب للأثرياء و 1 بالمائة فقط للفقراء... إصلاح منظومة الدعم أصبح ضرورة عاجلة    دوري روشن السعودي: نادي الحزم يجدد ثقته في "جلال القادري"    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    كفاش تحمي صغارك من شمس الصيف؟ نصائح ذهبية من أطباء الأطفال    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    تفاصيل أسعار عروض مهرجان قرطاج الدولي    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردّا على مقال «خيبة المشروع العلماني في تونس»: لا لانتحال الصّفة... فالشعب لم يقل كلمته بعد
نشر في الشروق يوم 05 - 04 - 2011

نشرت صحيفة «الشروق» بتاريخ 30 مارس 2011 في قسم «كلمات حرّة» مقالا للأستاذ البشراوي تحت عنوان «خيبة المشروع العلماني في تونس ما بعد الثورة» وقد صفّف كاتبه بعض النقاط لتسويق فكرة رئيسية مفادها أن الأمور قد حسمت نهائيا لصالح أنموذج، اعتبر نفسه من مريديه وهذا حقه المشروع ويهمني تفاعلا مع ما كتبه التأكيد على بعض الملاحظات التي رأيت من واجبي كمواطن يدافع على حقّ المواطنة إثارتها.
أولا: إن حركة التحرّر العربية وحركة النهضة العربية التي عرفتها الشعوب العربية والاسلامية منذ منتصف القرن 19 الى يومنا هذا هي حركة تقدمية استطاعت أن تخرج ببعض الشعوب العربية والاسلامية من وضعية غلق باب الاجتهاد الى التفاعل الجديد مع المتغيّرات الدولية والاقليمية والتي مهّد لها «الخط الهمايوني» الأول في بداية الثلاثينات من القرن 19 والصادر عن الباب العالي الذي يعدّ اللّبنة الأولى للمسار الحداثي الذي استند إليه ابن أبي الضياف وخير الدين في البداية في وضع الأسس الدستورية للقطع مع الحكم الفردي باسم الاسلام فكان عهد الأمان 1857 ودستور 1861 ومن قبلهما قرار إلغاء الرّقّ 1846 والذي ترافق مع انشاء بعض المؤسسات الرمزية نذكر منها على سبيل الحصر المدرسة الحربية بباردو ومن بعدها المدرسة الصادقية.
ثانيا: إن حركة الحداثة التي برز روادها من المسلمين وغير المسلمين في الوطن العربي في مفتتح القرن 19، فبرز أمين والطهطاوي والأفغاني ومصطفى كمال أتاتورك ورفعت والحداد وغيرهم من أعلام الحداثة وبرزت مفاهيم جديدة في عالمنا العربي والاسلامي مثل المساواة والحرية والمشاركة في أخذ القرار والفصل بين السلطات.. وفي تونس بالذات لقد شكلت الحركة الشبابية والحزبية والنقابية اللبنة الأولى لتطوير هذه المفاهيم وربطها بالتحرّر من التبعية والانعتاق الاجتماعي فكانت تعبيرة وطنية بامتياز ضمّت القومي والاسلامي والشيوعي جنبا الى جنب من علي باش حامبة الى الحزب الدستوري الى الحزب الشيوعي الى جامعة عموم العملة بقيادة الشاب محمد علي الحامي الذي انفصل ودعا الى الانفصال عن النقابات الفرنسية وفضحها ودفع الثمن بالحاضر ليموت وهو المتهم بالشيوعية والإلحاد في عاصمة الاسلام السعودية، فكان النضال الوطني والاجتماعي تونسيا لم تبرز فيه لغة التخوين ولا الانقسامات على الرغم من بعض المحاولات البائسة.
ثالث: إن حركة التحرّر الوطني والانعتاق الاجتماعي التي ضمّت شهداء أحداث 9 أفريل 1938 والتي وحّدت التونسيين في ما بعد في مؤتمر ليلة القدر لم تطرح ما تطرحه أنت يا أستاذنا الجليل، ففرحات حشاد الذي صُفّي برصاص الغدر الاستعماري وغيره من شهداء الحرية لم يبخلوا بدمائهم من أجل برلمان تونسي ولم يصنفوا المجتمع على ثنائية الكفر والإلحاد وإنما عملوا جميعا على تجاوز خلافاتهم المذهبية والايديولوجية وسبقوا مصلحة الوطن على المصالح الشخصية و«الحوانيتية».
رابعا: إن الفصل الأول من الدستور التونسي ليس محل خلاف اليوم فلماذا نصر على ضرورة فتح الأبواب المفتوحة وشخصيا لم أسمع واحدا ممّن سمحت لنفسك بنعتهم بأبشع النعوت من عملاء لإسرائيل وعملاء للفرنسيين والغرب وعملاء للأمريكان وإذا لم تخنّي الذاكرة هم أكثر الناس وأشرسهم في التصدّي للتدخل الأجنبي في بلادنا وأكبر المنخرطين في حركات التحرّر الوطني والذين على الدوام دفعوا ضريبة مواقفهم المبدئية سواء في السبعينات لرفض زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أو الاضرابات العمالية للتصدّي لزيارة شارون في السنوات الأخيرة.. سنوات الجمر.. فهذه الاضرابات قادتها بامتياز التيارات اليسارية والعروبية وعملوا على إنجاحها ودفعوا ثمن مواقفهم غاليا على حساب أرزاقهم وعائلاتهم وحرياتهم الفردية. فهل من العدل اليوم وبجرّة قلم من أستاذ في الجامعة التونسية التي ركع فيها البوليس السياسي وقوات القمع إرادة طلابها اليساريين والقوميين والاسلاميين بالسجون والطرد والملاحقات أمام صمت مفضوح لشريحة كبيرة من أساتذتهم الذين خافوا على مصالحهم ونحن لا نخوّنهم ونعلم أنه ثمّة فيالق منهم وخاصة النقابيين ممّن كانوا صفّا واحدا مع طلابهم ضد القمع النوفمبري.. فلماذا صاروا في نظرك اليوم عملاء للصهيونية ودعاة للتغريب؟
خامسا: إن الجدال القائم اليوم بين العلمانيين والاسلاميين هو جدال خاطئ بالأساس ولا يصبّ إلا في مصلحة أعداء الثورة، فالكل يعرف أنه ثمّة علمانيات واسلاميات ولا يوجد متحدث باسم العلمانية ولا باسم الاسلام وإن ما يطرحه الوطنيون الصادقون اليوم هو أنموذج تونسي محض ينطلق من خصوصيات الشعب التونسي وتطلعاته في الحرية والعدالة والانعتاق الاجتماعي. أنموذج تصان فيه العقيدة وتحترم فيه الآراء ويضمن فيه حق التعبير وحق الاختلاف وحق التنظيم وتكافؤ الفرص أمام الجميع حتى يتسنى فيه المشاركة الفعالة في إدارة الشأن العام دون اقصاء ولا استثناء.
سادسا: إنّ الذي يتحدث عن إرادة الشعب وعن الثورة عليه أولا أن يحترم إرادة هذا الشعب التونسي وينتحل صفة لم يقل الشعب كلمته فيها عن طريق الاقتراع الحر والمباشر. فالشعب لم يفوّض على حدّ علمي ناطقا باسم الاسلام في بلدي، بل على العكس هو عبّر عن تذمره من بعض السلوكات لبعض الأشخاص والتيارات التي تريد الكسب السياسي انطلاقا من دور العبادة وأنت بنفسك قلت انهم لا يمثلون الاسلام في شيء. فالمسجد يؤمه الناس لأداء فريضة الصلاة وعلى حدّ علمي لا توجد فريضة جديدة تجبره على الانخراط في نضالات أحزاب سياسية حاصلة على تأشيرة العمل المدني القانوني والتي مجالها الساحات العامة والفضاءات المدنية المخصّصة لذلك. ومن الظلم اجبار المصلي والمصلية على الاصغاء في دور العبادة الى خطب تحريضية سياسية تدعو الى الفتنة وتروّج لها باتهامات خلناها ولّت واندثرت منذ أيام الحجاج بن يوسف والخلفاء الأمويين الذين وصل بهم الأمر الى حدّ القتل على الشبهة. واليوم ينتصب بعض من نصبوا أنفسهم أئمة في دور العبادة الى التكفير على الشبهة. وهذا في اعتقادي كمواطن تعدّ على عقائد الناس وتلجيم لحرية التفكير باسم التكفير. فلم يبق سوى أن يدفعوا الجزية ليقيموا في ديارهم ما دامت الثورة قد فتحت الأبواب.
سابعا: حرّي بنا اليوم أن نبسّط الأمور قدر المستطاع ليتسع الوطن لكل أبنائه بدون مغالاة وأن نتوجه جميعا الى انجاح المسار الديمقراطي لتحقيق الأهداف الحقيقية للشعب وفاء لدماء الشهداء من الشباب الذين سقطوا برصاص الغدر والذين لم يكن ضمنهم لا الاسلامي ولا القومي ولا الشيوعي وهاتوا إن كان ثمّة من له معلومات أخرى، غير أننا نعتبر من توفي في سنوات الجمر من نبيل بركاتي في مركز قعفور الى الفاضل ساسي في ثورة الخبز الى الاسلاميين الذين ماتوا في السجون والزنازين، نعتبرهم مهدوا لهذه الثورة المجيدة تماما كما هو الشأن لشهداء الحوض المنجمي سنة 2008 فمسار التحرّر هذا مهّد له الجميع ومن العيب ووفاء لدمائهم أن يتسع الوطن للجميع دون استثناء.
ثامنا: وحتى لا نتهم بالمغالاة، فهل من حقنا اليوم أن ندعو الى ما مارسه الاثنيون والاسيرطيون منذ ما يزيد على 2500 سنة من جعل «الآكربول» للعبادة و«الأقورا» للعمل السياسي والمدني لأن الحديث عن الديمقراطية كلام فضفاض إذا لم يقترن بآليات العمل الديمقراطي في جعل الانتخاب والاقتراع هو أساس الحكم والاقتراع أو الانتخاب ليس عملية وضع ورقة في صندوق، بل هو يبدأ من تحديد قوانين إدارة اللعبة بضبط قانون للانتخاب وتحديد القائمات الانتخابية وتحديد فترة الحملات الانتخابية زمنيا ولوجستيا. فمن غير المعقول بالمرة انطلاق الحملة الانتخابية بصورة عشوائية بالمساجد، فإذا كان بن علي يستعمل المساجد للدعاية له ولزبانيته ويستعمل الادارة عن طريق الشعب المهنية سيئة الصيت في تحويل هذه المؤسسات لأبواق دعاية تضمن له نسبة 99٪ فحرّي بنا نحن الذين اكتوينا بهذه الممارسات والسياسات أن نقطع مع التوظيف ونلتزم بنواميس العمل الديمقراطي بكل مراحله وأن نكف عن سياسة الضحك على الأذقان. فشعبنا بلغ من الوعي وهو ما لا يعلمه ربما من كانوا يتفتّقون في شوارع عاصمة الضباب وعاصمة النور لعقود ينعمون بالحرية والكرامة والمال المأجور ليأتوا اليوم ويتمترسوا في دور العبادة ليلقنونا دروسا في الولاء للوطن والحضارة العربية الاسلامية اليوم بعد أن استوت الكعكة وسال لعاب الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.