نظّم «مركز الكواكبي للتحوّلات الديمقراطية» والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أول أمس الاثنين بسوسة ندوة تقنية حول الاعلام والانتخابات وذلك بالتعاون مع الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام والاتصال ومرصد أخلاقيات المهنة والممارسات الاعلامية.. وتميّزت الندوة بمداخلات مختلفة لعدد من المختصين في المجالين الاعلامي والقانوني على غرار أمين محفوظ ورضا جنيّح (عضوي الهيئة العليا للاصلاح السياسي) وهشام السنوسي (عضو الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام) وبيتر سلّوم (الهيئة الدولية للأبحاث IREX) ومحسن مرزوق (مدير مركز الكواكبي) وناجي البغوري (رئيس نقابة الصحفيين). ووقع التطرّق في هذه الندوة التي حضرها عدد من الصحفيين الى عدة مواضيع على غاية من الأهمية خاصة في ظل استعداد المؤسسات الاعلامية في تونس لمواكبة حدث سياسي استثنائي في جويلية القادم وهو انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وما يتطلبه من تغطية استثنائية سيلعب فيها الاعلام دورا تاريخيا هاما وحسّاسا أثناء فترة الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع وبعد انطلاق عمل المجلس. وأجمع المتدخلون في الندوة على أن دور الاعلامي في هذه الفترة السابقة لموعد الانتخابات وأيضا يوم الاقتراع وبعده يجب أن يتّسم بالاستقلالية والحياد عن مختلف التيارات السياسية وأن يبرهن على حرفيته وعلى احترامه لأخلاقيات المهنة الصحفية وأن لا يلعب دور المرشد أو الموجّه السياسي للمواطن.. وكل هذا للقطع مع ما كان يحصل في الماضي عندما كان النظام السياسي المستبدّ في تونس يوظف خاصة في السنوات الأخيرة الاعلام لخدمة مصالحه ووجهات نظره السياسية على حساب بقية التيارات السياسية الأخرى وهو ما جعل الناس يسحبون الثقة من الاعلام عندما يتعلق الأمر بالشأن السياسي. تقنيات من جهة أخرى، أكد المتدخلون على ضرورة اكتساب الصحفي الذي سيتولى تغطية الحراك السياسي لهذه الفترة وليوم الاقتراع، المعلومات والمعارف الضرورية الخاصة بالعملية الانتخابية حتى يقوم بعمله على أحسن وجه.. من ذلك مثلا ضرورة إلمامه بالقوانين والنصوص المنظمة للحملات الانتخابية وللاقتراع ولشروط الترشح ولشروط التصويت وللدوائر الانتخابية.. إضافة الى ضرورة إلمامه بمختلف الأحزاب والأطراف المشاركة في الانتخابات وأيضا، وهذا الأهم، ب«الجرائم» الانتخابية التي قد ترتكبها الأطراف المترشحة من أجل تحقيق الفوز على غرار المناورات و«التكتيكات» والمغالطات والتزوير وشراء الأصوات وذلك حتى يفضحها في صورة تفطنه إليها. موازية تطرّق المتدخلون الى أهمية الفترة الحالية السابقة لموعد انطلاق الحملات الانتخابية الذي من المنتظر أن يكون 21 يوما قبل يوم الاقتراع. فهذه الفترة الحالية يمكن أن تتحول الى حملة انتخابية موازية وغير قانونية إذا لم يعرف الصحفي كيف يتعامل مع التيارات السياسية المختلفة، خاصة الأحزاب الجديدة، التي شرعت منذ مدة في التعريف بنفسها.. لكن حصل الاتفاق صلب الندوة على أن ما تقوم به وسائل الاعلام حاليا لا يتعدّى أن يكون تعريفا مجرّدا بالأحزاب الجديدة حتى يعرفها المواطنون أكثر، وذلك دون أن يبدي الصحفي رأيه فيها.. وتمّ في هذا الاطار استعراض تجربة «الشروق» التي تحاول منذ حوالي شهر تخصيص صفحة يومية لكل حزب للتعريف به دون أن يبدي الصحفي أو الصحيفة رأيه في توجّهات الحزب وأفكاره وبرامجه وأعضائه. وعبّر الصحفيون الحاضرون من جهتهم عن استعدادهم وعن رغبتهم في الالتزام والتقيّد بالحرفية وبالاستقلالية التامة أثناء تغطية الأحداث السياسية المنتظرة في تونس وفي القطع مع الممارسات التي كان يسلّطها نظام بن علي على الاعلام عندما يتعلق الأمر بالشأن السياسي أو بالانتخابات. غير أن كل هذا يتطلب في رأي الاعلاميين ضرورة توفّر مناخ قانوني يضمن لهم الحرية والاستقلالية عند ممارسة عملهم ويضمن أيضا استقلالية الصحفي تجاه ضغوطات مؤسسته الاعلامية.