تونس – الشروق – أمين بن مسعود: لم يكن يوم 17 فيفري الفارط – اندلاع شرارة الثورة الليبية – تاريخا عاديا للشاب التونسي يسري الغربي ولغيره من التونسيين المقيمين في ليبيا ذلك أن الصراع بين الطرفين أبى أن يكون محليا ومنحصرا بين أبناء البلد الواحد وإنما انسحب على عدة اطراف أجنبية بحيث أن مفاهيم المرتزقة والاتهامات المتبادلة بالاستقواء بالأجنبي لم تغب عن خطاب الطرفين المتنازعين. يشير الشاب يسري إلى أن ليبيا عامة وطرابلس خاصة عاشت 3 أيام – ابتداء من 17 فيفري – انفلاتا أمنيا كبيرا تزامن مع غياب مؤسسات الدولة و«اختفاء» العناصر الأمنية في أنحاء العاصمة وأصبح كل شيء هدفا متاحا في ظل انتشار السلاح والمسلحين. اختار يسري إغلاق «فضاء النت» الذي يملكه والمكوث في المكتب طيلة 3 أيام متتالية بأقل قدر ممكن من الأكل والشراب يحفظ له استمرار حياته. بعد انقضاء مدة الاستنفار عادت الحياة إلى طبيعتها في طرابلس على الأقل – بالضبط بعد خطاب القذافي الشهير بزنقة زنقة – وبدأ يسري في التنسيق مع أصدقائه التونسيين وإمكانية المغادرة.. اختار عدد منهم المغادرة إلى حين هدوء الأوضاع بينما فضل يسري البقاء كلفه ذلك ما كلفه. يسري من بين الخمسة والعشرين ألف تونسي الذين بقوا في ليبيا من جملة خمسين ألفا (يمثلون عدد الجالية التونسية) تقطعت بعدد كبير منهم السبل في ليبيا لاسيما عقب إغلاق الشركات الكبرى أبوابها وتفضيلها مغادرة البلاد. وفي ذات الموضوع يقول سفير تونس في ليبيا السيد صلاح الدين الجمالي إن حالة الجالية التونسية في ليبيا بخير و«السلوكيات السيئة» التي ارتكبت ضدها قليلة جدا ولم تكن ممنهجة أو مؤطرة مشيرا إلى أن السفارة تسهر على رعاية التونسيين وتأمين مصالحهم بقدر استطاعتها. ويضيف أن عدد المعتقلين التونسيين في أول أيام الأزمة كان يراوح بين 350 و300 ويبلغ حاليا 10 معتقلين (عقب الإفراج عن معظمهم وحتى المحكوم عليهم جزائيا).. موضحا أن ملف المواطن التونسي المعتقل والمتهم بتوزيع أقراص الهلوسة والذي أذيعت اعترافاته على التلفزيون الليبي يحظى بالأولوية المطلقة خاصة في ظل أنباء متواترة بأنه متخلف ذهنيا وأن والده ترك في قلب الأزمة وغادر البلاد. ويؤكد السفير صلاح الدين الجمالي في نبرة تفاؤل بأن الشعبين سيتجاوزان هذه المحنة وستعود الحياة إلى سالف نسقها المعتاد ذلك أن كل أزمة يمر بها الشعب الليبي تنعكس سلبا على الشعب التونسي وعلى مقدراته الاقتصادية والتجارية. أما بالنسبة الى الأفاق المستقبلية فقد أكد السيد بشير الثابتي (عضو مؤسس للجبهة الوطنية لمقاومة العدوان على ليبيا) أنه عقب جلوس الجبهة مع قيادات ليبية من الصف الأوّل (أمين اللجنة الشعبية العامة للمؤتمر الشعبي العام الدكتور سليمان الشحومي والأمين العام لاتحاد الشباب الليبي والأمين العام لاتحاد المنتجين) قررت اللجنة الشعبية العامة إيلاء الأهمية للعمالة التونسية وجعل تونس أولوية لاستقبال العمال وقررت أيضا البحث في كل ملفات التونسيين الذين غادروا ليبيا وتسويتها من خلال تعويض الضرر الحاصل –إن ثبت – لأي تونسي. كما عبرت هذه القيادات عن استعدادها لتبني أية مبادرة للجبهة الوطنية لمناهضة العدوان من شأنها حقن دماء الليبيين على قاعدة ترك السلاح جانبا وفك الارتباط بالخارج وفتح حوار واسع لحل كل المشاكل بمشاركة الخيارين من العرب والأفارقة. وأضاف الثابتي أن إطلاق سراح الصحفي لطفي المسعودي كان استجابة لمجهودات الجبهة الملتحمة بنقابة الصحفيين التونسيين شاكرا القيادة الليبية على التعاطي الإيجابي مع هذه الجهود رغم أن المسعودي دخل التراب الليبي خلسة وبمساعدة معارض ليبي من مسببي الأزمة.