...تختلف الأحداث من جهة الى أخرى... أحداث ربما يعيشها التونسي لأول مرة في حياته... اعتبارا لكونه يعايش ثورة في مقابل ثورة مضادة لأول مرة أيضا... كل الفتن تم زرعها...كل الاشاعات تم استغلالها...كل المحرمات والممنوعات تم العبور عليها...من فتنة الجهويات الى فتنة المؤسستين العسكرية والأمنية... الى التسجيلات المزيفة التى يقع تداولها على «الفايس بوك» ...هذا الموقع الاجتماعي الذي لم يعد اجتماعيا بقدر ما تحول الى سياسي بامتياز ومنه حبل الفتن مرّ عبر القصرين وسيدي بوزيد...وبقصر هلال والساحل وامتد للمناطق العروشية... فلم تسلم منه حتى المصانع والشركات الكبرى. خيط الأكاذيب الذي كان دقيقا جدا ومحكم التخطيط طال أجهزة الأمن ليجعلها في مقدمة المشتبه فيهم وبالتالي تهيئة الأرضية للهجوم ...هجوم في ذاكرة البسطاء أنه احتجاج على الحقوق لكن في باطن من خططه هو هجوم مسلح بالقوارير الحارقة لبث الرعب ولاسقاط المزيد من الشهداء الأبرياء...يقع تحريض الرأي العام... ودراسة نقاط ضعفه.... وتسريب المعلومات والمغالطات...فنون الفتن والاشاعة نشطت منذ مدة طويلة وسببت في بث الرعب والفوضى...وخلفت قتلى وجرحى وخسائر مادية جسيمة.... هذه الفتن والاكاذيب كانت وراء تعرض رئيس منطقة الكاف الى محاولة قتل ومنها احراق المنطقة كما خلفت عددا كبيرا جدا من الجرحى... نفس الاشاعة كادت أن تفتك برئيس مركز الهيشرية للحرس...وكالعادة يومها قدم اعلامنا المرئي شهود عيان زور... لوقائع خطيرة تأكدت في ما بعد أنها كاذبة...آخر هذه الفتن المبرمجة ...كانت ما آلت اليه احداث باب الجزيرة وباب الفلة وسوق بومنديل...أحداث دامية جدا...معارك مسلحة بالسيوف والسواطير...جرحى ودماء ...حجارة في كل مكان... رعب للمواطنين واعتداء على الممتلكات الخاصة...وحين تدخل الأمن لفرض النظام...واجهته حملة مضادة على «الفايس بوك» بكونه يعتقل ويعتدي بقنابل الكريموجان. أحداث «الجزيرة» تأكيدا لن يدفع ثمنها الا عامة الشعب ممن سرقوا ما وجدوه الى الطريق العام أو ما جادت به عليهم بعض المخازن والمحلات... في حين يبقى محركو هذا الحدث بعيدين عن الأنظار... بعض من تسببوا في اندلاع هذه المعارك الدامية ليسوا الا أطرافا تمتلك المال لكنها خسرت نفوذها القابع خلف القضبان تريد اعادة عقارب الساعة الى الصفر...شأنها شأن غيرها من الراكبين على ظهر الثورة... لنيل نصيب من الجمهورية الثانية...ليلة أولى دامية جدا انتهت باعتقالات مكثفة لكل المشاركين في الأحداث... ومن بينهم تجار جلمة...حيث تم سماعهم قبل اطلاق سراحهم جميعا. في تلك الليلة تمت عملية اقتحام ممنهجة للمحلات وللمخازن والبيوت اقتحامات مكثفة من طرف عدد كبير من الأنفار ووقع من خلالها الاستيلاء على عشرات الملايين من البضائع... والسلع. حجز المسروقات في الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والى حدود منتصف النهار من يوم الاربعاء... تمكن أعوان الأمن ومنهم منطقة المدينة من كشف أوكار اخفاء المسروق واستعادة جزء منه قاربت قيمته 30 ألف دينار داخل عدة بيوت ومنازل بنهج المخطف وبومنديل وبالقصبة. تمشيط أمني مسؤول أمني تحدث عن عمليات الحجز بالقول:« لقد تمكنا من القيام بتركيز أمني كبير في هذه المنطقة التي شهدت الأحداث وتمكنا من ايقاف عدد من المورطين في عملية السرقة وذلك من خلال حجز كميات كبيرة جدا من البضائع المستولى عليها كما أمكن ايقاف أطراف أخرى متلبسة بنقل المسروقات وسيقع تقديمهم للعدالة. استرجاع مسروقات «الشروق» تحدثت الى الباعة التي نهبت مخازنهم ومحلاتهم اذ أكدوا انهم فقدوا كميات كبيرة جدا من البضائع من ملابس ومواد تجميل واكسسوارات وأثاث بيوت وأنهم بصدد استرجاع جزء من بضاعتهم وأكد المتضرر فتحي الغلقاوي أن منزله تعرض للسرقة حيث كان يخزن بضاعة محله وأن شاري المسروق من أحد أبناء الجهة كما أنه فقد دراجته النارية من نوع «الفيسبا». كل شهود العيان الذين تحدثنا اليهم أكدوا أن وراء العملية مخطط مجهول جعل من الفتنة تأخذ طريقها لهذا المكان وأن من دفع ثمنها هم أهل المنطقة وتحارها ومتساكونها الذين فقدوا الأمان. هل هو الفصل الأخير؟ المتتبع للأحداث يرى دون شك أن أحداث باب الجزيرة تحمل في طياتها نفس سر حرق ونهب مغازة «الجيون» بالمنيهلة ونفس ما تعرضت له كل المحلات الأخرى ومنها أحداث البالمريوم... فالمخطط واحد خاصة وأن من نفذوها لم يتم اعتقالهم الى اليوم. فصل أحداث باب الجزيرة هو فصل جديد من مسلسل الانفلات الأمني الذي عاشته بلادنا الصغيرة والكبيرة بموقعها الاستراتيجي مازلنا ننتظر المسؤولين ليقدموا لنا من تم ايقافهم على خلفية هذه الأحداث ...ليس المنفذون الحقيقيون بل والمخططون كذلك لأن بقاء الوضع على ما هو عليه لا يخدم الا جهات معينة تتكالب على كرسي الحكم والنفوذ في وطننا العزيز. لذلك نأمل أن تكون أحداث باب الجزيرة الفصل الأخير في مسلسل الانفلات الأمني.