احتدمت المعارك أمس في مدينة أجدابيا بين الكتائب الأمنية التابعة للعقيد معمر القذافي وقوات الثوار في الشرق فيما اتسعت رقعة القصف الذي تقوم به قوات النظام الليبي في الغرب لتطال يفرن والزنتان والرجبان مع تواصل حصار مدينة زوارة وعزلها عن العالم الخارجي، في الوقت الذي وصلت فيه لجنة الاتحاد الافريقي للوساطة في الأزمة الليبية إلى العاصمة طرابلس. ونقلت وكالة «اسوشايتد براس» عن مصادر طبية قولها إن 8 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 9 آخرون في معارك عنيفة بأجدابيا التي يقطنها نحو 150 ألف نسمة ونزح العديد منهم هربا من المعارك إلى مناطق أكثر أمنا. معارك شرسة وقال الثوار، الذين وصلتهم تعزيزات من الشرق, إنهم بسطوا سيطرتهم على معظم أحياء المدينة وحاصروا مجموعة تابعة للنظام هناك وأسروا عددا من جنودها. وفي السياق ذاته نقلت «رويترز» عن ناطق باسم الثوار بمصراتة قوله إن ثلاثين منهم قتلوا خلال هجمات كتائب القذافي على المدينة الليلة قبل الماضية، وأضاف أن هذه القوات هاجمت مصراتة من ثلاثة مداخل قبل أن يصدها الثوار. وذكرت مصادر من مصراتة للوكالة نفسها أن كتائب القذافي قصفت أمس الأول الجانب الشرقي للمدينة بالمدفعية الثقيلة لليوم الثاني على التوالي، مع تركيز القتال على الطريق المؤدية إلى الميناء حيث قتل سبعة من الثوار في معارك عنيفة على هذه الطريق. وكان الثوار قد خاضوا معركة ضارية مع القناصة, وقالوا إنهم سيطروا على جزء كبير من شارع طرابلس في مصراتة وقطَعوا الإمدادات عن القناصة. كما تقول أنباء إنّ نحو خمسين جنديا من الكتائب قد سلّموا أنفسهم للثوار بالمنطقة المعروفة بزاوية المحجوب في ظلّ تراجعٍ أعداد الجنود في الشوارع. ومن جهة أخرى قال حلف الناتو إنه دمر 17 دبابة تابعة لكتائب القذافي، 15 منها في مصراتة واثنتان جنوبي البريقة شرقي البلاد. ومن جهتها بثت وزارة الدفاع البريطانية صورا قالت إنها تظهر عمليات قصف نفذتها مقاتلة بريطانية من طراز «تورنيدو» ضد أربع دبابات تابعة للقذافي عند مشارف مصراتة. وتأتي هذه العمليات الدولية ضد قوات القذافي بعد انتقادات واسعة وجهها مدنيون وثوار في ليبيا إزاء ما اعتبروه تباطؤا من قبل الناتو في حماية المدنيين بمصراتة من هجمات كتائب القذافي. وقال متحدث من الثوار إنهم يشعرون بتغيير إيجابي في موقف الناتو بعدما قصفت طائراته مواقع لقوات القذافي بمصراتة، وكثفت ضرباتها الجوية لقواته المدرعة خلال الساعات ال24 الماضية. وأكد مسؤول بالحلف أن مقاتلاته اعترضت طائرة من طراز «ميغ 23» بالقرب من بنغازي أمس الأول كان يقودها طيار من الثوار وطلبت منه الهبوط. بالمقابل قال خالد كعيم، نائب وزير الخارجية الليبي، إن القوات الموالية للقذافي أسقطت طائرتين مروحيتين تابعتين للثوار قرب البريقة، واتهم الناتو بالانحياز للثوار بتغاضيه عن هذه الطائرات وعدم فرض حظر الطيران الذي نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973. اتساع جبهات الغرب كما اندلع القتال بين الثوار وكتائب القذافي على عدة جبهات أخرى، ففي يفرن بالجبل الغربي قصفت قوات القذافي المدينة بثلاثة صواريخ من طراز «غراد» سقط أحدها على مركز الدرن بمستشفى المدينة ملحقا به أضرارا بالغة. وتعرضت الجبهة الشمالية لمدينة الزنتان لقصف كثيف من قوات القذافي انطلاقا من الجبل. وقُصفت مدينة الرجبان القريبة والزنتان أيضا انطلاقا من داخل معسكر الذخيرة بمنطقة القاعة. وفي هذه الأثناء تستمر كتائب القذافي في محاصرة مدينة زوارة بالشمال الغربي وعزلها عن العالم الخارجي، في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية بتناقصِ المواد الغذائية والطبية ومياه الشرب. وعلى صعيد آخر أوضح بيان للجنة الاتحاد الأفريقي حول ليبيا، المكونة من خمسة رؤساء دول أفريقية، في ختام اجتماع بالعاصمة الموريتانية نواكشوط فجر أمس أن «الحل السلمي يجب أن يكون بطريق الحوار والمفاوضات بين طرفي النزاع». ودعا إلى وقف فوري لاطلاق النار واعتماد آلية لمراقبته، وإلى «إطلاق حوار سياسي شامل بين الأطراف بما يضمن للشعب الليبي تحقيق تطلعاته إلى الديمقراطية والإصلاح السياسي والعدالة والسلام والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية». وتقدمت اللجنة بمقترح لحل الأزمة يتضمن مرحلة انتقالية يتم تسييرها بمشاركة جميع الأطراف، ويتم خلالها إقرار وتنفيذ إصلاحات سياسية تضمن تحقيق الديمقراطية في البلاد. كما طالب الاتحاد بتعاون السلطات الليبية المختصة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الى المحتاجين إليها والمحاصرين في بعض المدن من جراء القتال الدائر فيها بين الثوار والقوات التابعة للقذافي. وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الذي يرأس اللجنة بتصريحات صحفية فجر أمس إن هذه اللقاءات المرتقبة مع أطراف النزاع في ليبيا ستبحث السبل الكفيلة بحل الأزمة. وأضاف أن الهدف الأول لهذه المساعي هو «وقف العمليات العسكرية وإيجاد حلول ملائمة لتسوية المشكلة» مؤكدا أن اللجنة على اتصال مع المجتمع الدولي من أجل الوصول إلى هذه الأهداف.