اتهم وزير الخارجية الامريكي كولن باول السودان بارتكاب «فظائع» في دارفور ترقى الى مستوى الابادة الجماعية. ويأتي اتهام باول للخرطوم في وقت بدأت فيه القوات الامريكية عملية عسكرية وحشية على «الفلوجة» وتل عفر أطلقت عليها ا سم «قصف الدقّة». وماجاء على لسان باول يكشف بوضوح ازدواجية المعايير والتوصيف للأوضاع الانسانية وفقا للمقاييس الامريكية. الوضع في دارفور يفترض أن تبيّنه لجنة تقصّي حقائق وتحدد ما اذا كانت هناك «إبادة جماعية» أم لا، لكن ما يحدث في العراق وفلسطين لا يحتاج الى لجنة تقصي حقائق، فالصور التي تتناقلها وسائل الاعلام العربية والدولية تكشف بوضح أن حرب الابادة الفعلية هي في فلسطين والعراق. وقد كشفت الصور التي تناقلتها وسائل الاعلام أمس زيف الادعاءات الأمريكية وكذبت المزاعم القائلة بأن شهداء الفلوجة من المقاتلين الأجانب وإنما هم أبرياء أمنوا لحظات نوم فباغتتهم حمم القنابل الأمريكية. فالرضيع مصطفى حسن (4 أشهر) لم يكن مقاتلا أجنبيا حتى تمزق شظايا الاحتلال جسده الصغير، وكأنه مكتوب على أبناء العراق أن يعيشوا المأساة مرتين، الأولى حين فرض عليهم الحصار الجائر والذي أودى بحياة أكثر من مليون طفل، والثاني حين فرضت عليهم الحرب واحتلت بلادهم تحت شعارات «التحرير» و»الديمقراطية» التي لم تظهر منها إلا المجازر المروعة. عين باول كانت ترقب الوضع في السودان وتضخمه إلى حدّ وصفه بأنه إبادة جماعية بينما تتراخى جفونه وسائر مسؤولي إدارة بوش عن مجازر القوات الأمريكية في العراق وجرائم الصهاينة في فلسطين. وتأتي تصريحات باول تمهيدا لفرض عقوبات دولية على السودان ولسنا ندري ان كانت «غيرة» إدارة السيد بوش على أبناء دارفور التي هي جزء من السودان أم هي طمع في نفط السودان. والسؤال الذي كان يفترض أن يواجهه كولن باول: هل ان الفظاعات ترتكب في السودان أم أنها في العراق وفلسطين؟ كولن باول نسي او تناسى وهو يدلي بشهادته امام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس حول ازمة دارفور ان القصف الامريكي للعراق منذ الغزو خلّف 20 الف شهيد وآلاف الجرحى وان القصف الصهيوني برّا وجوّا للمناطق الفلسطينية اودى بحياة المئات من الابرياء وان اكثر من 700 طفل فلسطيني استشهدوا منذ بداية الانتفاضة الثانية. أليست هذه حرب ابادة جماعية ام ان للسيد باول رأي آخر ومقاييس اخرى لتوصيف جرائم بلاده في العراق والجرائم الصهيونية في فلسطين؟!