رحبّت الأحزاب السياسية الممثلة في الحكومة الجزائرية أمس بالإصلاحات السياسية التي أعلنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الليلة قبل الماضية معتبرة أن التعديلات المرتقبة تنبئ بمؤشرات إيجابية، لكن أحزاب المعارضة رأت أن ما جاء في خطاب الرئيس لم يرق إلى مطالب التغيير الجذري. فقد أعلن بوتفليقة في خطاب للأمة الليلة قبل الماضية عزمه على تعديل الدستور ومجموعة القوانين المنظمة للممارسة الديمقراطية، دون أن يحدّد تاريخا لتطبيق هذه التعديلات. وذكر انه بعد استعادة السلم والأمن واطلاق برامج تنموية طموحة وبعد رفع حالة الطوارئ «قررت استكمال هذا المسعى ببرنامج اصلاحات سياسية الغاية منه تعميق المسار الديمقراطي وتمكين المواطنين من مساهمة اوسع في اتخاذ القرارات التي يتوقف عليها مستقبلهم ومستقبل أبنائهم». وأكد الرئيس الجزائري انه سيجري «تعديلات عميقة على قانون الانتخابات للاستجابة لحقوق المواطنين في ممارسة حقهم الانتخابي في احسن ظروف الديمقراطية والشفافية». وتابع «لهذا الغرض سيتم اشراك كافة الاحزاب السياسية الممثلة منها وغير الممثلة في البرلمان واستشارتها لصياغة نظام انتخابي جديد». كما اعلن الرئيس بوتفليقة عن تعديل قانون الاحزاب مما يسمح لها «بالمساهمة الفعالة في المسار الديمقراطي». ويمن حزب «جبهة التحرير الوطني» (حزب الرئيس) الاصلاحات، معتبرا أنها ستكرس الممارسة الديمقراطية من خلال مراجعة عدة قوانين مرتبطة بالحياة السياسية. واعتبر الحزب أن انشاء لجنة تعمل على تقديم مشروع الدستور يصبّ في عمق الاصلاح السياسي، مثمنا الاعلان عن تفعيل تنظيمات حقوق الانسان والجمعيات إضافة إلى تحسين علاقة المواطنين بالإدارة ومؤسسات الدولة ومحاربة الفساد والرشوة والبيروقراطية. من جانبه ثمن الناطق الرسمي باسم حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» (وهو حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى) قرار بوتفليقة المتعلق بمراجعة قانون الانتخابات والأحزاب وتنظيم نشاط البرلمان مع توسيع صلاحيات المجالس المنتخبة. واعتبر ميلود شرفي أن هذه الاصلاحات هي برنامج عمل سيكرس ما وعد به بوتفليقة برنامجه الانتخابي عام 1999. ومن جهتها عبّرت حركة «مجتمع السلم» أكبر الأحزاب الاسلامية عن استعدادها للدخول والمشاركة في هذا المسعى الاصلاحي. في المقابل اعتبرت صحف جزائرية صادرة أمس أن خطاب بوتفليقة لم يرق إلى مطالب المعارضة التي دعت إلى تغيير سياسي جذري يبدأ بحل البرلمان والحكومة وإنشاء مجلس تأسيسي يضم جميع القوى السياسية يعمل على اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة تؤرخ للجمهورية الثانية. وقالت صحيفة «الخبر» الأوسع انتشارا ان بوتفليقة الذي توجه لأول مرة بخطاب إلى الشعب الجزائري عبر التلفزيون استجاب للتحالف الرئاسي (الأحزاب الثلاثة التي تشكل الحكومة) وأدار ظهره للمعارضة. وقالت الصحيفة انه بالرغم من أن بوتفليقة أعلن عن تعديل الدستور واستدعى لذلك لجنة دستورية تشارك فيها ما سماها «التيارات السياسية الفاعلة» و«خبراء في القانون الدستوري» إلا أنه أخضع دستور البلاد لمراجعة لم يوضح مداها، على خلفية أنه أبقى الباب مفتوحا أمام تعديلها عن طريق البرلمان أو استفتاء شعبي.