تتواصل بمختلف جهات البلاد التحركات الاحتجاجية لاطارات وأعوان الجمعيات التنموية التي يبلغ عددها 294 جمعية يعمل بها حوالي 1300 اطار جامعي يمثلون ما لا يقل عن 95٪ من عموم الأعوان وتشهد هذه التحرّكات إعادة النظر في الأوضاع المهنية والاجتماعية غير المستقرّة لهذه الاطارات بسبب تهميشهم وانغلاق آفاق تسوية أوضاعهم. وهو ما حدا بهم الى رفع سقف مطالبهم الى حل الجمعيات التنموية القائمة واستبدالها بمؤسسات مالية عمومية تضمن حقوقهم كاملة. «الشروق» استطلعت آراء عدد من الجامعيين العاملين بالجمعيات التنموية بولاية قفصة. وكانت البداية مع السيد محمد مبروك (تقني سام في التصرف في إدارة المؤسسات) والمدير التنفيذي بجمعية التنمية بمعتمدية القصر الذي أشار الى أن الجمعيات التنموية ينتخب أعضاؤها نظريا كل ثلاث سنوات لكنها في الواقع منصبة من قبل السلط الجهوية والمحلية وهو ما جعلها تستحوذ على كل الصلاحيات فيما يكتفي الاطارات والأعوان بتطبيق قرارات الهيئة المديرة دون نقاش وهو ما أكدته حبيبة حامد المدير التنفيذي بجمعية التنمية بالقطار التي أشارت الى أنها وزملاءها ممنوعون من حقهم في إبداء الرأي في عملية اسناد القروض وكذلك في القرارات المتعلقة بعملية التسيير الاداري. وفي هذا الاطار تنتقد جميلة تركي (اطار بجمعية التنمية بالمتلوي) مبدأ المحاصصة في تعيين أعضاء الجمعية وانتداب الاطارات واسناد القروض وهو ما يؤثر سلبا حسب محدثتنا على آداء الجمعية ويكرس تهميش الاطارات العاملة بها الذين يعانون من جهة أخرى من غياب قانون أساسي لهم ينظم عملهم ويضمن حقوقهم المهنية ناهيك عن انعدام أي سلم للأجور والمنح مع عدم تعميم التغطية الاجتماعية عليهم. هذا بالاضافة الى عدم قدرتهم على الحصول على قروض بنكية إلا من خلال التدخلات مع بنوك لها علاقة بالبنك التونسي للتضامن الذي يمثل خط تمويل بالنسبة الى الجمعيات التنموية. ويثير السيد عبد الرحيم الصغير (مدير تنفيذي بجمعية التنمية بالمظيلة) مشكل التأجير لاطارات الجمعية الذي ينطلق في مستوى الثلاث سنوات الأولى مناصفة بين الجمعية والولاية في اطار آلية 21/21 وبعد ذلك تضطلع الجمعية بنسبة 75٪ من الأجر. وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية إذ تصبح فرص عمل الاطارات مهدّدة وأجورهم غير مضمونة وهو ما يجعل الجمعيات كما تقول جميلة تركي تقبل أعدادا متزايدة من الاطارات لتستغني عنهم لاحقا بتعلة عدم القدرة على الخلاص. يقول محمد مبروك إنّ الجمعيات تحمّل الاطارات مسؤولية انجاز عملية الاستخلاص التي لم يكن لهم فيها رأي عند الاسناد ويضيف أن الأزمة تتعمق إذا لم تبلغ نسبة الاستخلاص 85٪ باعتبار أنه في هذه الحالة لا يقوم بنك التضامن بتنزيل أموال اضافية للجمعيات بما يعني العجز في مستوى موارد الجمعية المتأتية بالأساس من فوائد القروض وبهذه الطريقة تدخل الجمعيات في حلقة مفرغة يكون الاطارات والأعوان أول المتضرّرين منها. وقد استعرض محدّثونا عديد المشاكل والاجراءات وحالات التعرض للعنف اللفظي والاهانات عندما يعملون جاهدين على استخلاص ديون الجمعية من المستفيدين من القروض. هذه الوضعية جعلت العمال والموظفين يصدرون من مطالبهم المتمثلة أساسا في حلّ الجمعيات التنموية وتحويلها الى مؤسسات مالية عمومية تحت اشراف وزارة المالية حيث أن هذا الحلّ سيؤدي حتما الى ضمان حقوقهم وتمكينهم من قانون أساسي وتأمين أجورهم المستحقة بعيدا عن كل التجاذبات كما سيطوي هذا الحلّ منظومة القروض التنموية الصغرى ويجعلها أكثر شفافية ونجاعة ومساهمة فعليا في المسيرة الوطنية.