تونس «الشروق» : التهديدات الاسرائيلية الاخيرة بابعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وضرب سوريا في الوقت الذي يراه حكام تل ابيب مناسبا. وما انطوت عليه تلك التهديدات من فظاظة ووقاحة... وتصاعد وتيرة الاستهداف الامريكي للدول العربية، الواحدة تلو الاخرى تحت عناوين مختلفة مثل الحرص على «سيادة لبنان» وعلى «حقوق الانسان» في السودان والضغط المتواصل على دول اخرى مثل سوريا والسعودية، بدعاوى مكافحة «الارهاب» و»التطرف» و»الاصلاح» ونشر «الديمقراطية» تكشف الى اي حدّ بلغ «التكالب» والاجتراء الامريكي الاسرائيلي على الدول العربية، وتكشف ايضا مدى عجز هذه الدول عن مواجهة هجمة ضارية تستهدف الاجهاز على ما بقي من ارادة ورغبة في مقاومة تيار جارف يهدد باقتلاع الجميع واغراقهم. وبالتأكيد تلتقي هنا الاهداف الامريكية والاسرائيلية، فالولايات ا لمتحدة التي اعلنت قبل اكثر من 14 عاما تصميمها على اعادة العراق الى العصر الحجري لانه رفع لواء التحدي وحاول بناء قوة علمية وعسكرية اكبر مما يمكن ان تسمح به امريكا لغير حلفائها الصهاينة، عملت منذ حرب الخليج الثانية (1991) على تنفيذ «وعدها» بقوة السلاح ثم بالحصار ثم اخيرا بالغزو المباشر وما اعقبه من استنزاف مبرمج لثروات العراق المادية والبشرية... لكنها لم تتوقف عند حدود العراق الذي كان احتلاله قد فتح باب الهيمنة الامريكية على المنطقة، على مصراعيه... فالولاياتالمتحدة (والمقصود ادارتها الحالية) التي تحرص كل الحرص على تقديم كل «الخدمات المجانية» الممكنة للكيان الاسرائيلي باسم التحالف الاستراتيجي وحماية أمن الصهاينة... وتعمل بكل الوسائل على تأبيد حالة التسلط الصهيوني على المنطقة برمتها، تحاول على ما يبدو الآن اختراق ما تبقى من «جهاز المناعة» العربي الذي لا يزال يكافح لمنع الانهيار الكامل عبر الاستفراد بالقطر العربي بعد الآخر خصوصا بعد ان ايقنت واشنطن انها لن تواجه ردا جماعيا إذا هي استهدفت قطرا عربيا آخر بعد العراق سواء عن طريق القوة وهذا ما يمكن أن يحصل مع سوريا (لا قدر اللّه) أو عن طريق الحصار على السودان وهذا وارد جدا في ظل اذعان مجلس الأمن لكل الرغبات الأمريكية ولكن أيضا في ظل العجز العربي الكامل عن معالجة قضية كقضية «دار فور» يفترض أن لا تخرج عن الاطار العربي. وبتوافق تام مع الكيان الصهيوني، بل وباتفاق مع شارون على الخطوط العامة وحتى على الجزئيات تعمل واشنطن على تصعيد المواجهة مع سوريا من خلال املاء المطالب الاسرائيلية على دمشق ربما «لتسخين الأجواء» تمهيدا لضربة اسرائيلية. وبالتوازي مع خلق حالة عدائية مع سوريا، تقف الولاياتالمتحدة في وضع عدائي تجاه الفلسطينيين وحقوقهم وليس فقط تجاه قيادتهم بينما ينعم شارون بكل الدعم والتبجيل بما أنه أصبح اليد التي تضرب بها واشنطن «المتمردين» في المنطقة دونما حاجة إلى تدخلها هي لتأديب هؤلاء. وأمام هذا «التكالب» الأمريكي الاسرائيلي تطرح أسئلة كثيرة حائرة تبدو بلا جواب في ظل هذا الوضع العربي «الملتبس»... لأنها تصب كلها في الاستفهام عن صحوة عربية قد لا تأتي إلا متأخرة.