دمشق «الشرو» من محمد كنايسي أكد السيد أحمد الحسن وزير الاعلام السوري ان سوريا لم تغلق باب الحوار مع الادارة الأمريكية وان كان ثمة صقور في هذه الادارة يدفعون الأمور باتجاه تصعيد غير مبرر. وقال الوزير في حديث خاص ل»الشروق» ان واشنطن أقرت غير مرة بتعاون سوريا في مكافحة الارهاب ولكنها في الوقت نفسه تتعامى عن تعريف الارهاب تغطية لارهاب اسرائيل. وحول ما يجري في فلسطين قال السيد الحسن أن جرائم الحرب الاسرائيلية أدت إلى قتل خريطة الطريق التي ولدت ميتة أصلا مثل غيرها من الخرائط والمشاريع. وفي جوابه على سؤال عن الوضع في العراق وانعكاساته شدد وزير الاعلام السوري على ان انهاء الاحتلال الأمريكي للعراق وممارسة الشعب العراقي لسيادته الوطنية عاملان أساسيان في ضمان استقرار وأمن المنطقة. وحول الوجود العسكري السوري في لبنان قال الوزير انه يرتبط باتفاقات ثنائية وبالتطورات في ساحة الصراع وضرورات الأمن المشترك اللبناني السوري بوجه العدو الاسرائيلي.. وفي ما يلي نص الحديث: -إلى أي حد يمكن للتهديدات الأمريكية، ولا سيما قانون محاسبة سوريا أن تشكل ضغطا قويا على سوريا، وما هو الموقف السوري من هذه التهديدات؟ التهديدات الأمريكية لسوريا ليست جديدة وإن كانت وتيرتها قد تصاعدت مؤخرا على نحو غير مسبوق عندما قال الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في تبرير الغارة الاسرائيلية على موقع مدني قرب دمشق بأنه لو كان مكان شارون لفعل مثله. وقانون محاسبة سوريا الذي أقره مجلس النواب يشكل ظاهرة جديدة في الحياة الدولية عندما تحاول السلطة التشريعية الأمريكية مد نفوذها خارج الولاياتالمتحدة وكأنها بديلة للأمم المتحدة. أما عن موقف سوريا من هذه التهديدات فهو التعامل معها من منظور تمسكنا بوحدتنا الوطنية وتفعيلنا للتضامن العربي والإسلامي وسعينا في الساحة الدولية لأن تعود الأممالمتحدة لممارسة دورها المنوط بها في حل النزاعات بالطرق السلمية. ونحن لن نغلق باب الحوار مع الادارة الأمريكية وان كان ثمة صقور في هذه الادارة يدفعون الأمور باتجاه تصعيد غير مبرر. - ماذا تقرؤون في الانتقاد الشديد الذي وجهه وزير الخارجية الأمريكي إلى تصريح السيد فاروق الشرع حول احتمال قصف المستوطنات الاسرائيلية في الجولان المحتل إذا تعرضت الأراضي السورية لعدوان اسرائيلي جديد؟ لابد من الاشارة أولا إلى ان اسرائيل خرقت بعدوانها على موقع مدني قرب دمشق اتفاقية فصل القوات عام 74 وحكومة شارون لم تتوقف عن توجيه التهديدات بتكرار عدوانها على سوريا ثانيا، وعندما قالت دمشق انها تملك خيارات لم تستخدمها بعد في حال تعرضها لعدوان جديد بعد ان كانت قد مارست ضبط النفظ وذهبت إلى مجلس الأمن بوصفه يتحمل مسؤولية الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين بوجه كل من يمارس العدوان.. فإنها لن تطأطىء رأسها لاعتداءات اسرائيلية محتملة. والمؤسف ان كولن باول بدل أن يدين العدوان الاسرائيلي نظر إليه بالعين الاسرائيلية. إضافة إلى ذلك فمن حقنا أن نسأل ماذا كانت نتيجة اعلان الولاياتالمتحدة المتكرر التزامها بعملية السلام وبانهاء الاحتلال الاسرائيلي للجولان وغيره من الأراضي العربية المحتلة وفق مبدأ الأرض مقابل السلام الذي تعتبره سوريا خيارا استراتيجيا لها. وفي هذا السياق يمكن فهم مغزى تصريح الوزير الشرع. - كيف تنظرون إلى وضع العلاقات السورية الأمريكية، وهل صحيح ما يقال عن وجود اتصالات سرية بين الجانبين؟ ولماذا الاتصالات السرية إذا كان الحوار مع واشنطن لم ينقطع وإذا كنا ندعو واشنطن باستمرار إلى مواصلة الحوار بشأن حل القضايا الخلافية بيننا. - بماذا تردون على تهمة دعم الارهاب التي يجهد التحالف الأمريكي الصهيوني في إلقاصها بسوريا؟ نحن ندين الارهاب وقد عانينا منه قبل احداث 11 أيلول في الولاياتالمتحدة. وسوريا منذ قرابة ثلاثة عقود دعت إلى عقد مؤتمر دولي لتعريف الارهاب والتمييز بينه وبين نضال الشعوب المشروع لتحرير أراضيها من الاحتلال الذي يؤكد عليه ميثاق الأممالمتحدة. وواشنطن أقرت غير مرة بتعاوننا في مكافحة الارهاب.. لكنها في الوقت نفسه تتعامى عن تعريف الارهاب تغطية لارهاب اسرائيل الذي تمارسه على مستوى دولة. وهذا ما نسيمه بممارسة واشنطن سياسة المعايير المزدوجة عندما تعتبر تشبث اسرائيل بما تحتله من الأراضي العربية وتقترف جرائم القتل والابادة والعقاب الجماعي بأنه دفاع عن النفس كما تعتبر من يقاتل من أجل تحرير أراضيه ارهابيا. - هل تتوقعون عدوانا صهيونيا جديدا على الأراضي السورية، وهل لفظت العملية السلمية في المنطقة أنفاسها الأخيرة؟ لقد ذكرت ان قادة اسرائيل لم يتوقفوا عن توجيه التهديدات بتنفيذ اعتداءات ضد سوريا.. وحكومة شارون أثبتت أنها حكومة حرب وتحاول توتير الأوضاع باستمرار لجرّ المنطقة إلى حرب واسعة هربا من مأزقها الناجم عن فشلها بقمع انتفاضة الأقصى، ولاستكمال تنفيذ المشروع الصهيوني التوراتي كما يجاهر بذلك شارون والمتطرفون الاسرائيليون. ومن كان هذا برنامجه فلا مكان في هذا البرنامج لأي توجه نحو السلام.. وليس ثمة من مؤشرات تخرج عملية السلام من سباتها ولأن الولاياتالمتحدة تراجعت عن كل التعهدات التي قدمتها بشأن تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة. فاتهامنا بالارهاب هو في غير المكان الذي يجب أن يوجه إليه. - كيف تنظرون إلى ما يجري في فلسطينالمحتلة وهل من أفق أمام خارطة الطريق؟ إنها جرائم حرب يومية تنفذها اسرائيل بوحشية لكسر ارادة الشعب الفلسطيني الذي يرفض الرضوخ للاحتلال واملاءاته في التخلي عن حقوقه الوطنية في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وضمان حق عودة اللاجئين. انها جرائم حرب بامتياز اسرائيلي.. أدى إلى قتل خريطة الطريق التي ولدت ميتة أصلا.. مثل غيرها من الخرائط والمشاريع.. بعد أن جرى الخروج على مرجعية مدريد التي تشكل الأساس في تنفيذ قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة التي تؤكد على عودة اسرائيل إلى خطوط الرابع من جوان عام 1967 مقابل السلام. - في ظل تصاعد الضغوط والتهديدات الأمريكية الصهيونية على سوريا ولبنان كيف تنظرون إلى واقع العلاقات بين البلدين الشقيقين، وما هو موقف سوريا من دعوات الانسحاب من لبنان؟ العلاقات السورية اللبنانية راسخة وهي تتطور باستمرار بحيث تكون المثال الذي يحتذى به بين بلدين شقيقين. أما عن الوجود العسكري السوري في لبنان فهو مرتبط باتفاقات ثنائية كالطائف ومعاهدة الاخوة والتعاون وبالتطورات في ساحة الصراع وضرورات الأمن المشترك اللبناني السوري بوجه العدو الاسرائيلي الذي ما يزال يحتل مزارع شبعا والجولان والذي لا يخفي أطماعه التوسعية ومحاولته فرض املاءاته على كل دولة عربية ينفرد بها. - كيف تنظرون إلى الوضع العراقي وما هو موقف سوريا من المطالب الأمريكية بشأن العراق؟ لقد عارضنا الحرب على العراق قبل وقوعها وعملنا مع غالبية دول مجلس الأمن لمنع حدوثها وقد نفذت خارج الشرعية الدولية وبعد مرور ستة أشهر على احتلال العراق فإن الأوضاع فيه تزداد سوءا لفشل الاحتلال في توفير الأمن للعراقيين وفي إعادة اعمار مؤسسات الدولة التي تعرضت للدمار ولتردي الأوضاع المعيشية الأمر الذي يؤكد استمرار معاناة الشعب العراقي بصورة أكبر من مرحلة الحصار التي استمرت اثني عشر عاما قبل احتلاله بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل لم يتم العثور على أي منها حتى الآن. ونحن في سوريا نؤكد كما أكدنا سابقا ضرروة الحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا وندعو واشنطن إلى وضع جدول زمني لانهاء احتلالها الذي لم ينجم عن استمراره غير تفاقم الأوضاع الداخلية العراقية وتصعيد المقاومة ضد الاحتلال، وتسعير حالة التوتر والاضطراب في المنطقة. - ما هي انعكاسات ما يجري في العراق على الوضع في المنطقة عموما وعلى الصراع العربي الصهيوني بوجه خاص؟ هذا ما تدارسه وزراء خارجية دول الجوار في اجتماعهم الرابع في دمشق يومي 1 و2 نوفمبر الجاري من تداعيات وانعكاسات الحالة العراقية عليهم وكيفية مساعدة الشعب العراقي الشقيق وليس التدخل في شؤونه الداخلية في توحيد جهوده من أجل وضع جدول زمني لانهاء الاحتلال واعطاء الأممالمتحدة دورا فاعلا بما يمكّن الشعب العراقي من استعادة سيادته الوطنية على أرضه وإعادة بناء مختلف مؤسساته التي تعرضت للتدمير والانهيار وعودته إلى لعب دوره في إطار أسرته العربية والإسلامية وعلى الصعيد الدولي. وقد أكد البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق على حق الشعب العراقي في تقرير مستقبله السياسي بنفسه وعلى أهمية تعزيز الأممالمتحدة لدورها الحيوي في العراق ولاسيما الاشراف على صياغة الدستور العراقي وعلى الانتخابات ووضع جدول زمني لانهاء الاحتلال وكذلك الاسراع في نقل السلطة إلى العراقيين بما يمكن الشعب العراقي من استعادة حقوقه والسيادة على أراضيه. وإنجاز الشعب العراقي لهذه الأهداف سيجنب المنطقة الأخطار الناجمة عن غياب الأمن في العراق ومحاولة قوات الاحتلال تعليق أسباب عجزها عن ضمان الأمن في العراق على مشاجب الآخرين.. بالاضافة إلى قطع الطريق على مخططات الارهابي شارون بجر سوريا والمنطقة إلى حرب اقليمية تحت ذريعة مكافحة الارهاب واعتبار حربه الوحشية الدموية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة امتدادا لحرب بوش المفتوحة على الارهاب الدولي. لذلك فإن انهاء الاحتلال الأمريكي للعراق وممارسة الشعب العراقي لسيادته الوطنية عاملان أساسيان في ضمان استقرار وأمن المنطقة. - إلى أي حد يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في لجم سياسة العدوان الاسرائيلية التي تهدد المنطقة والعالم، وما هو الدور العربي المطلوب في ذلك؟ مع إدراكنا العميق لأهمية دور المجتمع الدولي الذي يتمثل خاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة دول عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الاسلامي وغيرها في إدانة السياسة الاسرائيلية العدوانية والتوسعية فإن اسرائيل واصلت سياسة الخروج على القانون والشرعية الدولية خلال أكثر من نصف قرن معتمدة في ذلك على تحالفها الاستراتيجي مع الولاياتالمتحدة الذي وصل مع مجيء شارون إلى الحكم في اسرائيل وهيمنة المحافظين الجدد على القرار الأمريكي إلى المرحلة التي دفعت الرئيس بوش لوصف شارون بأنه رجل سلام في أعقاب الاجتياح الدموي الوحشي وعمليات الإبادة اليومية للفلسطينيين التي تمارسها قوات الاحتلال بعد يوم من انعقاد القمة العربية في بيروت في 28 مارس 2002 والتي اعتمدت المبادرة السعودية خيارا استراتيجيا عربيا لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. فإسرائيل لا تريد السلام وإلا لكانت التزمت بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحل الصراع العربي الاسرائيلي، والولاياتالمتحدة لم تبذل أية جهود جدية حيال مبادرتها أصلا من أجل تحقيق السلام وفق مرجعية مؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام، وطالما تستخدم واشنطن الفيتو لمنع إدانة اسرائيل وارغامها على الرضوخ لإرادة الشرعية الدولية، فإن أفق السلام يبدو بعيدا للغاية إن لم تقل أن أخطار الاعتداءات الاسرائيلية هي ما يطفو على سطح الأحداث في المنطقة وما تفرزه من نتائج سلبية على الأمن والسلام الدوليين. ومن هنا تبرز أهمية التضامن العربي وتفعيله من أجل مجابهة الأخطار المحدقة بالعرب كافة.. وهم قادرون على ذلك إذا انطلقوا في مواقفهم من الالتزام بالثوابت القومية. - ما هي خلفيات الحملة الاعلامية الاسرائيلية التي يتعرض لها مسلسل «الشتات» ولماذا لم يعرضه التلفزيون السوري؟ باختصار ان العالم يرى يوميا كيف تتلوث أيادي قوات الاحتلال الاسرائيلي بدم الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين وكيف تهدم البيوت وتجرف الأشجار دون أن يملك القدرة على الفعل باستثناء إدانة جرائم الحرب الاسرائيلية التي لم تعد تخدع أحدا ولكن وسائل الدعاية الاسرائيلية والصهيونية المتغلغلة في مؤسسات الاعلام الدولي ترد على هذه الادانات باتهام كل من يؤكد عليها بأنه معاد للسامية. وهذه التهمة لا قيمة لها لأن من ينتهك القوانين الدولية ويمارس جرائم الحرب لا يمكنه اخفاء هذا السجل الأسود من معاداته للإنسان والإنسانية. من هذا المنظور يمكن معرفة دوافع الدعائية الاسرائيلية ضد مسلسل الشتات الذي يستعرض تاريخ وممارسات الحركة الصهيونية وأساطينها حتى عام 1948 والمسلسل من انتاج القطاع الخاص ونحن لن نعرضه على شاشاتنا الوطنية لأن حلقاته لم تستكمل وبالتالي لم تقره لجنة الرقابة المختصة في هذا النوع من الدراما السياسية. ولكن اللافت للأمر أكثر انه في حين تعرض أفلام وبرامج في وسائل الاعلام الأمريكية تشوه العرب والمسلمين خاصة بعد احداث 11 سبتمبر فإننا لم نلمس أي موقف من قبل المسؤولين الأمريكيين يدحض هذه المزاعم الظالمة التي تتنافى مع الحقيقة.