تباينت الآراء والمواقف حول ما أعلنه الوزير الأول صباح أمس من تحويرات للفصل 15 من مشروع المرسوم المتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي. هذا الفصل الذي أثار جدلا واسعا خلال جلسات الهيئة العليا للاصلاح السياسي قبل مصادقة أعضائها عشية 10 أفريل الجاري على المرسوم في شكله النهائي تضمن في مقترحه الأول اقصاء كل من تحمل مسؤولية صلب الحكومة وهياكل التجمع خلال العشر سنوات الماضية من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي.... وفي مقترح ثان تم تمديد تلك السنوات لتصبح 23 سنة وتشمل كل من تحمل مسؤولية، صلب الحكومة أو هياكل التجمع. هذا الفصل في شكله النهائي صوت له أغلبية الحاضرين من أعضاء الهيئة عشية التصويت على المرسوم ورفضه حوالي 34 عضوا... وظل الجدل دائرا حوله طيلة أكثر من أسبوعين حتى اعلان الحكومة المؤقتة موقفها منه صباح أمس. موقف الحكومة عدل الفصل ثانية وأعاده الى مقترحه الأول مع اضافة قائمة تضم أعضاء الديوان الرئاسي السابق ومستشاري بن علي والملحقين بديوانه.. مما أثار الجدل مجددا بين رافض ومساند لهذا التعديل.. ولوّح البعض من أعضاء الهيئة العليا للاصلاح السياسي باستقالاتهم.. فيما من المنتظر حسب مصادر «الشروق» أن يلتقي الوزير الأول الباجي قايد السبسي يوم الجمعة أعضاء الهيئة في جلسة استثنائية لمناقشة الأمر. كان من السهل تبيّن حالة الاحتقان التي ظهرت لدى عدد من أعضاء هيئة الاصلاح السياسي الذين ما يزالون حدّ هذه اللحظة يرفضون التحوير الذي تمّ في الفصل 8 من المرسوم المتعلّق بإحداث اللجنة العليا المستقلة للانتخابات والذي أقرّ بمبدإ التناصف بين جمعية القضاة ونقابة القضاة في ترشيح 6 قضاة لعضوية اللجنة المذكورة.. بل ان بعضهم قال ان التحوير الذي تمّ في الفصل المذكور ودون العودة الى الهيئة كان مقدمة لتحوير الفصل 15.. أو ربما على حدّ قول بعضهم الآخر محاولة من الحكومة المؤقتة لفهم ردّات الفعل في حال تمّ تمرير الفصل 15 في نسخته المعدلة مباشرة للنشر في الرائد الرسمي. الرافضون لما أعلنه الباجي قايد السبسي صباح أمس قالوا ان التعديل يعني رفضا لرأي الأغلبية.. أما المساندون له اعتبروه محاولة رسمية للمّ شمل التونسيين ورفض أي اقصاء أو اجتثاث. حمة الهمامي أمين عام حزب العمال الشيوعي التونسي من حيث المبدأ أرى ان إقصاء كل من تحمل مسؤولية صلب الحكومة او هياكل «التجمع» هو إجراء ثوري يتخذ خلال الثورات ضد كل الذين ارتكبوا جرائم سياسية أو اقتصادية، ضد شعبهم في عهد الاستبداد وهو اجراء يتخذ لحماية الثورة بشكل عام. وأضاف «طالبنا بحل «التجمع» باعتباره حزبا يتحمّل مسؤولية الاستبداد لنصف قرن وطالبنا ونطالب بعدم السماح بظهورهم في شكل أحزاب أخرى. أما في ما يتعلق بحرمانهم من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي فموقفنا هو أن من حق الشعب ان يحرم كل من تحمل مسؤولية واضحة في قمعه من قيادات التجمع في كل المستويات من الترشح علاوة على أن من حقه مقاضاة كل من تثبت إدانته في جرائم اقتصادية واجتماعية وهذا لا يعني اجتثاثا فنحن نفرّق بين المنخرط العادي الذي قد يكون فرض عليه ذلك وبين الضالعين في القمع والاستبداد. وما نخشاه من كلام الوزير الاول هو تفريغ هذا المطلب الشعبي من محتواه فحصر الأعضاء في الديوان الرئاسي والمستشارين والملحقين وترك البقية لأمر يصدر عن الرئيس المؤقت لاحقا قد يشكّل التفافا على قرار الهيئة ذاته. وما نلاحظه هو ان السلطة المؤقتة ممعنة في اتخاذ القرارات دون تشاور وبشكل انفرادي وفقا للشكل القديم. رضا بوزريبة عضو الهيئة العليا للإصلاح السياسي ممثلا عن اتحاد الشغل سأستقيل من عضوية الهيئة وحقّا اعتذر للشعب التونسي عن دخولي أساسا لهذه الهيئة. شخصيا أرفض المس من الفصل 15 وأعتبر ذلك التفافا لأن هذا الفصل تم التصويت له لكن الحكومة انحازت لآراء الاقلية، وبالتالي تصرفت تصرفا مخالفا للديمقراطية. وأضاف بوزريبة سأستقيل من عضوية الهيئة أي كان موقف المكتب التنفيذي للاتحاد. وذكر ل«الشروق» أنه كان سيستقيل منذ تحوير الفصل 8 من المرسوم المتعلق بإحداث اللجنة العليا المستقلة للانتخابات وذلك قصد إتاحة الفرصة للحكومة لمراجعة تصرفاتها... لكن قررت الاستقالة بعد التحويرات التي أعلنها السبسي يوم أمس في الفصل 15. عمر صحابو رئيس الحركة الاصلاحية التونسية مشروع المرسوم المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي في منع المسؤولين في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي خلال السنوات العشر الأخيرة من الترشح للانتخابات أكثر عدالة من مشروع ال23 سنة وشخصيا أنا مع ال10 سنوات لأنها أكثر عدالة. وفي الحقيقة موقفي مازال لم ينضج بعد. بوصيري بوعبدلي رئيس الحزب الليبرالي المغاربي في الوقت الحاضر نحن مجبورون على لمّ شمل كل التونسيين.. أنا سعيد بقرار ال10 سنوات لكن في نفس الوقت متخوّف من ردّة فعل البعض. لكن يجب وضع مصلحة البلاد في الحسبان فهي تحتاج لنا جميعا ومحاسبة من أجرموا فعلا في حق الشعب لأنه ليس كل من كان منتميا الى حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي مجرما، لا بدّ من محاسبة الكبار لا رؤساء الشعب. شكري بلعيد منسق حركة الوطنيين الديمقراطيين التحوير الذي أعلنه الوزير الأول للفصل 15 من مشروع المرسوم المتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي جانب الصواب والحكومة جانبت الصواب لاعتبارين اثنين.. فهذا القرار لا يستجيب لمطالب الشعب بل هو دليل واضح على استغلال مراكز النفوذ والضغط خاصة وأن التجمعيين دخلوا في حملة اعلامية ما بعد مصادقة الهيئة على المرسوم وقرروا التظاهر ضدّ الاقصاء لكن مظاهرتهم أثبتت أن بقايا التجمع أضعف من أن يتم الالتفاف حولها لكن ذلك لا يمنع محافظتها على مراكز القوة في الاعلام وفي مفاصل الإدارة. ثانيا السيد الباجي قايد السبسي أعلن سابقا التزامه بقرارات الهيئة العليا للاصلاح السياسي لكنه اليوم يتراجع أمام أول امتحان جدّي. والمسألة لا تعني اقصاء ولا اجتثاثا بقدر ما هي استجابة لرغبة شعبية فالشعار المركزي للثورة كان (RCD Dégage)... والمعنيون بعدم الترشح لا يتجاوز عددهم 9 آلاف رغم ما أعلنوه عبر الاعلام بأنهم ملايين. وأضاف السيد شكري بلعيد أن قرار التحوير جاء ضد رغبة الأغلبية وجاء على قياس شخص واحد معين هو ذاته عينه دون أن أذكر اسمه. وردّا على سؤالنا حول ما يتم تداوله في الشارع السياسي بأن الفصل 15 تغذيه مصلحة سياسية حزبية فضّلت ازاحة الرموز السابقين للوصول للمقاعد قال السيد بلعيد «هذا غير صحيح وترويج كاذب لأن كل الثورات في العالم استبعدت الأحزاب الحاكمة وأردنا أن نفعل بالمثل لكن الحكومة المؤقتة أعنت رأيا مخالفا وقد تسبب في توترات مجانية كانت في غنى عنها. محمد صحبي البصلي أمين عام حزب المستقبل في تقديري وقناعاتي تماما كما في تقدير الكثيرين أرى أن النظام السابق تغير خلال العشر سنوات الأخيرة وشخصيا غادرت البلاد منذ 14 عاما اذ كنت واليا وعرفت أن حرمة الدولة خلال العشر سنوات الماضية لم تكن مصانة لا أخلاقيا ولا سياسيا ولا اقتصاديا.... وأعتقد أن منع من تحمل مسؤولية صلب الحكومة أو هياكل «التجمع» خلال 10 سنوات المذكورة تقييم جيد رغم أنني غير معني شخصيا لا ب10 سنوات ولا ب23 سنة وأساند ما تقدم به الوزير الأول. عبد الجليل البدوي منسّق الهيئة التأسيسية لحزب العمل التونسي رغم أني اعتبر ان التجمع الدستوري الديمقراطي كان السبب الرئيسي في عديد المآسي للشعب التونسي وكان شريكا فعليا في الاستبداد ومن المفروض محاسبته الا أني أرى أن هذا من مشمولات القضاء، والخطوة الاولى التي يجب اتخاذها في هذا الموضوع فرصة المصالحة حتى يستطيع هؤلاء تفسير الظروف التي مروا بها للشعب التونسي ثم المساءلة من طرف العدالة وأخيرا المصالحة وهذا هو مفهوم الانتقال الديمقراطي وحتى لا يوضع الجميع في نفس الكفة، ونبتعد عن التشفي والظلم، وحتى لا نعطي الفرصة لردود أفعال قوية أو تصفية حسابات قد لا تخدم مصلحة البلاد. نور الدين البحيري (عضو المكتب التنفيذي لحركة «النهضة») المقترح الذي تقدمت به الهيئة لم يعد خيارا حزبيا أو خيارا فرديا بل هو خيار هيئة بكل مكوناتها. وموقف الحكومة من هذا الخيار كان مخالفا. وبالتالي كممثل لحركة «النهضة» في الهيئة أقول إننا سنعود لتبادل وجهات النظر داخل الهيئة لاتخاذ موقف جماعي سواء كان سلبيا أو إيجابيا والقرار سيكون لمراعاة مصلحة تونس وسيدعم عملية الانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة. وردا على سؤالنا حول ما إذا كان مقترح اقصاء المسؤولين السابقين أو في هياكل التجمع المنحل خلال 23 سنة الماضية خيارا سياسيا تغذيه المصلحة السياسية خاصة وأنه صادر عن هيئة تفتقد لمشروعية التمثيل وهي التي لم يتم انتخابها بل تم تعيينها قال السيد البحيري الخيار لم يكن سياسيا ولا مصلحة انتخابية فيه بل هو محاولة لتحقيق مهمة من مهمات الثورة. وأضاف أن المجلس التأسيسي هو أول مؤسسة منتخبة تولد من رحم الثورة لذلك أردنا له عنوانا هو تحقيق فعلي لأهداف الثورة فمن شروط تحقيق الثورة هو القطع مع رموز العهد البائد وخياراته الاقتصادية والاجتماعية وهذا الخيار لا يعني الاقصاء ولا يتعلق بالتجمعيين المنخرطين في التجمع من كانوا بدورهم ضحايا للقمع بل يتعلق بالمسؤولين ممن ساهموا في ارتكاب التجاوزات... ثم إن إقصاء كل من تحمل مسؤولية صلب الحكومة او هياكل التجمع يعدّ بالنسبة الينا موقفا صائبا وصحيحا ومعبّرا عن إرادة الشعب. لكن المسّ من مصداقية الهيئة العليا للاصلاح السياسي من شأنه ان يفتح المجال لحالات من عدم الثقة والانفلات. كما قال ردّا على سؤالنا: يقول العارفون بالشأن السياسي إن إقصاء المسؤولين السياسيين ومسؤولي التجمع على مدى 23 سنة الماضية يعدّ فوزا سياسيا بالنسبة الى حركة النهضة فإزاحة هؤلاء هو تعبيد طريق بالنسبة الى النهضة للوصول الى مقاعد التأسيسي... «آخر ما يعنينا هو عدد المقاعد التي سنفوز بها في التأسيسي» وأضاف: «نحن مع كل ما يتم الاتفاق عليه دون إقصاء أو اجتثاث ومصلحة البلاد فوق كل اعتبار وبالنسبة الى التأسيسي نودّ ان يكون متنوعا وأن لا يكون محتكرا حتى وإن كان من قبل النهضة لابدّ لهذا المجلس ان يكون صورة مصغّرة لتونس دون إقصاء او هيمنة فنحن نرفض الهيمنة لأننا عانينا منها سابقا ونرفض ان نكون طرفا في عملية استبدادية والأهم ليس في القوة العددية والتي لم نتأكد منها بعد بل في قوة المشاركة في اصلاح اوضاع البلاد وتحقيق أهداف الثورة. محسن مرزوق أنا مع تحديد المسؤوليات، من هم المسؤولون المقصودون وضدّ الفصل 15 فهو تعميمي جدا وفيه منطق اجتثاثي وتحميل المسؤولية السياسية بشكل اعتباطي يؤدي الى الحرمان لذلك لا بدّ من مشروع وضع قائمة لحصر المعنيين بالاقصاء، والمهم وضع ضوابط محددة ومعايير لأسباب الاقصاء. وفي كل الحالات مسألة الانتقال الديمقراطي في تونس لا تقتصر على هذا الموضوع فقط لذلك لا بدّ من النظر الى الجوانب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية. أرجو من كامل القوى السياسية وإن اختلفت مع الحكومة في مواقفها أن يكون تعاملها النقدي ناضجا ومسؤولا لأن البلد لا يتحمّل هزّات اضافية ولأن الاختلاف حول الفصل 15 ليس في الجوهر وإنما في الترتيبات التنفيذية. سمير بن عمر أمين مال حزب المؤتمر من أجل الجمهورية نحن نندد بالمساس بالفصل 15 ونعتبر ذلك أمرا خطيرا لأن الحكومة المؤقتة انحازت الى أعداء الثورة ونحملها المسؤولية السياسية لكل ما ينجر عن تصرفها. وأضاف «سننسق مع بقية الأطراف السياسية» مستنكرا المغالاة في تداول مسألة الاقصاء التي «لا تتعلق بالاجتثاث» على حد قوله «ومنع كل المنخرطين في التجمع بل ان المنع من الترشح لانتخابات التأسيسي لا يشمل سوى حوالي 45 شخصا. وأوضح سمير بن عمر أن الثورة جاءت لمحو الدكتاتورية، لكن من الممكن جدا بعد تحوير هذا الفصل أن يستفيق التونسي على ذات الأشخاص السابقين يحكمونه رغم أن الثورة جاءت للتخلص من بن علي ومن إرثه. اعداد: أسماء سحبون ونجوى حيدري