أكدت اللجنة الوطنية لتقصّي الحقائق حول التجاوزات والانتهاكات المسجلة خلال الأحداث الأخيرة «انه لم يصدر عنها ما قد يفهم منه إدانة لسلك الأمن برمته وإيمانها بأن المؤسسة الأمنية جزء لا يتجزأ من المعادلة الوطنية ودورها حيوي في توفير الاستقرار وضمان أمن المواطنين» مبينة أن «إصلاح المؤسسة الأمنية يشكل احد ضمانات نجاح مرحلة الانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة». وأوضحت اللجنة في بلاغ لها يوم أمس بإمضاء رئيسها الأستاذ توفيق بودربالة أنها «تميز بين العاملين بمختلف الأجهزة الأمنية بجد وانضباط والملتزمين بالقانون وبمبادىء وحقوق الإنسان وبين من ارتكبوا جرائم موثقة خلال الثورة وتسببوا في قتل أو جرح مواطنين أبرياء». وجاءت توضيحات اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق حول التجاوزات والانتهاكات المسجلة خلال الأحداث الأخيرة على اثر تعدد ردود الفعل في الأيام الأخيرة على الندوة الصحفية التي عقدتها اللجنة الوطنية وخصصتها لاستعراض ما توصلت إليه من نتائج أولية بعد الزيارات الميدانية التي قام بها أعضاؤها لكل من ولايتي سيدي بوزيد والقصرين. وأوضحت في هذا الشأن أنه «رغم حرص رئيس اللجنة على الوضوح وتجنب كل ما من شأنه أن يثير الالتباس أو يوقع في التعميم والتهويل وسوء الفهم فقد خضعت بعض التصريحات لنقل غير دقيق أو تم إخضاعها لتأويلات خاطئة وفي غير محلها وهو ما يفسر حدة بعض الردود التي استنبطت أحيانا نبرة تهديد نعتقد بأنها كانت في غير محلها أو أنها غير موجهة إلى اللجنة». وأضاف نص البلاغ «اننا لا نعتقد بأن القائمين على وزارة الداخلية أو كل رجل أمن شريف يقبلون بطمس الحقائق وإبقاء من أخطأ في حق الشعب التونسي بعيدا عن المساءلة التي هي المدخل الطبيعي الى تحقيق المصالحة القائمة على مبادىء العدالة الانتقالية». وأعربت اللجنة عن عزمها الاستماع الى رجال الأمن الذين أصيبوا خلال الأحداث قبل تاريخ 14 جانفي وبعده لمعرفة الظروف والملابسات التي حفت بتلك الإصابات معربة عن الأمل في أن تلقى التسهيلات الضرورية من قبل مصالح وزارة الداخلية. وأكدت من جهة أخرى انه «لم يصدر عن اللجنة ولا عن رئيسها ما قد يفهم منه سعي الى تشويه صورة الجيش أو الطعن في وفائه لمبادىء الجمهورية أو التشكيك في نزاهة القوات المسلحة» مبرزة إيمان اللجنة ب«الدور الوطني والشجاع» الذي قام به الجنود خلال الثورة وذلك بامتناعهم عن إطلاق النار على المواطنين بل وحمايتهم في الكثير من الجهات. وجاء في البيان أن «اللجنة تدرك حساسية المهمة الوطنية التي كلفت بأدائها ولكنها مصرة على مواصلة القيام بها وتأمل في أن تجد من مختلف الجهات الرسمية والشعبية كل التعاون والدعم وذلك خدمة لتونس وسعيا الى طي صفحة الماضي بكل ما فيها من انتهاكات ومظالم». وأفادت اللجنة أن ما توفر لها من معطيات تؤكد بأن «إطلاق النار من قبل بعض الجنود قد حصل بعد 14 جانفي ولم يتعد حالات محدودة» مشيرة إلى أنها سجلت «بإيجابية» فتح تحقيق من قبل القضاء العسكري. وأعربت عن الأمل في أن يتواصل التعاون بين اللجنة ووزارة الدفاع في هذا الشأن ووضع كل المعلومات تحت تصرف اللجنة حتى يكون تقريرها شاملا ودقيقا وذلك ضمانا لإقامة العدل واستكمالا لمختلف مكونات الحقيقة.