كاذب على نفسه ومُفتر على الناس وضاحك على ذقنه وذقون الناس من يدعي أنه اليوم مازال يفهم شيئا مما تمر به البلاد وتتخبط في أوحال انزلاقاته نحو الهاوية لا قدّر الله. ها ان كلما قلّ أنين الوطن من ألم جراحه الغائرة الا وجاء من «فقع دمّالة» أخرى وزاده على علله الشتى علّة يستعصي علاجها على الطبيب والمجرّب معا دون الاكتفاء بنصيحة «اسأل مجرّبا ولا تسأل طبيبا». لم أجد ما أكتبه في هذه المساحة، والحال تلك وكل الأحداث والأوضاع عصية على الفهم، لم أجد ما أكتبه خوفا من أن أموت ضحكا على نفسي وذقني قبل ذقون الآخرين لذلك قررت الاعتصام لا احتجاجا لا على «المرسكين» في ركوبهم على الثورة، ولا على قطاع الطرق بكل أنواعها ولا على من صلّوا صلاة الجنازة على الكد والجد والعمل والضمير، وصاروا في جنازاتها بعد ما قتلوها عمدا مع سابقية الاضمار والترصد بالمرصاد، ولا على من قتلوا الأبرياء، ولا على من جرحوهم جروحا في الأجساد والخواطر، ولا على من حرقوا، ولا على من نهبوا، ولا على من سلبوا، ولا على الزيف والحيف، ولا على حملة الخنجر والسيف، ولا على الأيادي الجبانة التي عجزت عن «تفريك الرمانة»، ولا على أصحاب الجاه والمقام والمكانة من فئران الخزانة، ولا على الأحزاب التي تغني في عرس استقطابها للتجمعيين «للّة العروسة عالسلامة جيتي، يا فرح قلبي ويا عمارة بيتي» بعد المطالبة بطلاقهم (بالثلاث) والعشرين (حسب الفصل 15) ولم نكن ندري ان في السياسة زواج المتعة أيضا. قررت الاعتصام لا احتجاجا على تردّي الأحوال، ولا على قطع الأوصال، ولا على غبن الزّوالي، ولا على «صحة العين» في ثقب جيب السروال، ولا على الشطاحين على الفن الزندالي، ولا على «البندار، ولا على الزكّار، ولا على الطبّال، ولا على «البرّاح»، ولا على «الدلاّل» في أسواق القيل والقال عن بُعد عبر التكنولوجيات الحديثة، وانما قررت الاعتصام مساندة للفرار من السجن لأم الجميع التي يتسع حضنها للجميع، انها مرضعة الجميع حبّا واخلاصا ووفاء لها انها أم الشعب. نعم أريد لتونس ان تهرب من هذا السجن المقيت المضروب عليها حتى وإن تكاثر السجّانون واتحدوا مع الشياطين عليها وغنوا نكالة فيها «عالسلامة خيتي للّة العروسة».