تعيش تونس حاليا فترة حرجة من تاريخها نريدها أن تكون منعرجا حقيقيا نحو دولة القانون والمؤسسات, دولة حضارية ديمقراطية متقدمة تقطع مع سياسة الهرج واللغو والكذب والنفاق. يؤسفنا أن نرى تهافتا كبيرا على تكوين أحزاب سياسية من طرف أشخاص كان من المفروض ان يلزموا بيوتهم عسى أن ينساهم الشعب أو يتناساهم لأنهم في الواقع يهدفون من وراء تكوين هذه الأحزاب إلى إيجاد مكان لهم في المجلس التأسيسي المقبل بصورة تحفظ لهم مصالحهم وأغلب هؤلاء هم من المتنفذين في عهد النظام البائد من وزراء وأشباه الممثلين في التنظيمات الوطنية وكذلك رؤساء مديرين عامين وغيرهم ممن تمعشوا في العهد المنحل وطالبوا بدوامه كخيار أوحد لتونس ولم يحدث أن يتحرك لهم ضمير ولا همّة كي ينأوا على الأقل بأنفسهم على سياسة الظلم والنهب والطغيان بل اختاروا الركون إلى امتيازاتهم ومرتباتهم العالية على حساب أنين شعبهم ووطنهم وهاهم اليوم لا يخجلون ولا يشعرون بوخز الضمير فيطالبون بالحرية والديمقراطية وعدم الإقصاء وهي شعارات لم تكن تعنيهم في السابق لأن الشعب هو وحده كان المستهدف. لذا نرى أنه من الواجب علينا سحب البساط من تحت أقدامهم وأيضا من تحت أشباههم وذلك ليس باعتماد قوانين فوقية تبدو وكأنها تسلطية ولكن عن طريق شروط راقية علمية ومتحضرة لا يمكن ان يقدح فيها كائن ما كان لا تتوفر في الوصوليين الجدد ولا في القدامى وتتمثل هذه الشروط في ما يلي: أن يقدّم كلّ مترشّح جرْدا لأملاكه وأملاك عائلتهِ «زوج أو زوجة وأبناء» وطريقة اكتسابها مع الإدلاء بشهادة برائة جبائيّة لفترة لا تقلّ عن عشر سنوات وتكلّف اللّجان المشرفة على الانتخابات بالتحقّق من هذه الممتلكات ومصادرها. اعتماد الدّائرة الضّيِّقة الّتي تتكوّن من معتمديه أو معتمديّتين حسب عدد سكّانها, ويمكن للمترشّحين ان يكونوا منتمين الى أحزاب أو منظّمات وطنيّة أو مستقلّين لكي يتمكّن النّاخب من اختيار ممثّله على دراية وموضوعيّة. ومن ميزة هذه الطّريقة أنّها ستمكّن من المحافظة على أموال الشّعب حيث أنّه لا داعي في هذه الحالة لتمويل الحملات الانتخابية للأحزاب أو المنظّمات أو الأفراد. يقع تحديد أماكن خاصّة للمعلّقات الانتخابية المتعلّقة بالمترشّحين في نطاق الدّائرة مع منع الإشهار في أماكن أخرى. يعتمد الانتخاب على دورتين تكون الثّانية فاصلة بين الأوّل والثّاني من مترشّحي الدورة الأولى,إذا لم يفز أي مترشح بأكثر من 50 بالمائة في الدورة الأولى. وميزة هذه الطريقة أنّها سوف تمكّن فوز المترشّح الأقرب إلى طموحات الشّعب, ويتغلب الطابع الديمقراطي على الإنتخابات وأضرب مثلا طريقة نجاح شيراك في الانتخابات الرّئاسيّة للفترة الثانية. يمنع منعا باتّا استعمال المال الخاصّ أو العامّ لشراء الذّمم في هذه الانتخابات, نظرا لسهولة الاتّصال المباشر بين المترشّح والناخبين في الأسواق والأماكن العامّة وغيرها, ويلغى ترشّح كلّ من تثبت إدانته بالرّشوة بصفة مباشرة أوعن طريق وسطاء مع إمكانيّة تسليط عقوبة جزائيّة. بإيجاز نحن لا نريد إطلاقا إهدار المال العامّ في الحملات الانتخابية البهلوانيّة بل نريد تسخير كلّ إمكانيّات بلادنا لإحداث مواطن الشّغل وتحسين بنيتنا الأساسيّة والاقتصاديّة, ولقد كان أسفنا شديدا لنوع القرارات الّتي اتّخذتها اللّجنة العليا للمحافظة على الثّورة والّتي اتّضح أنّها صيغت على مقاس المشاركين فيها وخاصّة منها الأحزاب الّتي لا تثق في إمكانية كسب أصوات النّاخبين. ونظرا لانقسام التونسيين بين مؤيد لنظام الاقتراع على الأفراد ومؤيد لنظام الاقتراع النسبي نرى أن احسن طريقة للخروج من هذا الانقسام هو الاحتكام الى الشعب عن طريق الاستفتاء.