بقلم : فاطمة بن عبد الله الكرّاي علاقة القضية الفلسطينية بالمواطن العربي، من المحيط إلى الخليج...لا تخضع إلى نواميس «الديبلوماسية» أو لعرق الجوار...بل هي قضية كامنة في الإنسان العربي تعد بالنسبة إليه استحقاقا لا بد منه. اليوم ، تمر ثلاثة وستون عاما على إنشاء دولة العصابات الصهيونية، والقضية الفلسطينية مازالت تحتل أولوية في سلم المطالب الشعبية العربية...وفي كامل البلاد العربية...اليوم وفي زمن الثورات العربية، قد يختلف وضع بلد عربي عن الآخر، في ما يخص طرق انطلاق الثورة... وسبل الإحتجاجات الشعبية...وأساليب حماية الثورة وتحقيق أهدافها...لكن ما يجمع عليه الشعب العربي «من مراكش للبحرين» هو أن الثورة الفلسطينية هي طليعة الثورة العربية...ثورة شارف عمرها على العقد السابع وماتزال مصرة على تحقيق أهدافها، في التحرر من الاستعمار الإستيطاني ومن الامبريالية ومن الرجعيّة المتواطئة مع الأعداء...أعداء الثورة. «الشعب يريد...تحرير فلسطين...» هكذا ردد المتظاهرون والمعتصمون في تونس وفي مصر بمجرد الاطاحة بالدكتاتوريين وهكذا ستواصل النداء، جماهير الغضب في بقية البلدان العربية... ثورتا تونس ومصر أشعلتا شمعة في النفق العربي المظلم...بأن أرجعتا الثقة إلى نفسية الانسان العربي...ثقة قوامها الإرادة المتجددة والثورة على السائد من فساد وانفراد بالسلطة وغياب تام للحريات العامة والفردية... لطالما قال التقدميون من الساسة والمفكرين عبر أرجاء هذه الأمة المترامية من الماء إلى الماء، أن الواقع العربي، الذي تحول إلى لوحة طلاسم يصعب فك رموزها أو قراءة معانيها بفعل التخلف عن مسار التاريخ لطالما قالوا وكتبوا ونادوا بأن خلاص الأمة لن يكون إلا بأيدي أبنائها...خلاص يبدأ بالثورة الوطنية داخل القطر الواحد، ثم سرعان ما سيتلاحم الاحتجاج بالاحتجاج... والثورة بالثورة بإتجاه القطع مع السائد... الذي جثم على صدر الأمة طويلا..بلا تغيير ولا حراك. لكن القوى الرجعية ومعها القوى المنفصلة عن الواقع العربي من تلك التي ترى التغيير لا يحدث إلا على أيدي «غونداليزا رايس» وعلى طريقتها التي شرحتها أواسط العشرية المنقضية وأقصد خطة الدومينو«domino» في التخلص من الأنطمة العربية هؤلاء لا يصدقون ولا يعتقدون في الثورة وفي إمكانية حدوثها وعندما تحدث وحدثت فإنك تجدهم «يتراكضون لركوبها» والإلتفاف عليها ....وتجيير مطالبها واستحقاقاتها النبيلة إلى هذه الجهة....أو تلك...! «الشعب يريد ...تحرير فلسطين» هكذا يردد الشعب العربي الذي أراد من خلال ثورة تونس وشعاراتها أن يماهي شعوبا عديدة في هذا العالم لم تمكنها ظروفها السياسية ولا نمط خياراتها الاقتصادية والصناعية من أن تنجز ثورتها...زمن الثورات الوطنية العارمة...إن أول انعكاس لثورتي تونس ومصر على المشهد الفلسطيني الذي شابته الهنات..والفرقة بين الأشقاء هو هذا الإنجاز الذي عرفته عاصمة الثورة في مصر...حين تنادى الفصيلان «فتح» و«حماس» إلى طاولة التوافق فأمضيا إتفاقا، هزّ أركان الكيان الصهيوني...وزعزع منظومة واشنطن التي تريدها أو تريد أن تعتمدها في الإطاحة بالأنظمة..العربية... الإرادة الحرة هي التي تصنع المعجزات والإرادة المتحررة هي التي تعد نبراس التغيير... فإذا تجسدت إرادة الشعب فعليا، سواء كان ذلك في تونس أو في بقية البلدان العربية فإن تحقيق أهداف الثورات العربية سيكون أمرا ممكنا..ذلك أن فلسطين الثورة كابدت وجاهدت وتمسكت بمطالبها المشروعة طوال سبعة عقود تقريبا، رغم حالات الإلتفاف...ومحاولات الغدر التي تعرضت لها هذه الثورة ولا تزال...» «الشعب يريد تحرير فلسطين» من هنا تبدأ الخطوة الأولى....الإعلان عن إرادة الشعب... وعن ماذا يريد...اليوم تمر 63 عاما على نكبة فلسطين حين تحالفت القوى الرجعية العربية مع القوى الإمبريالية والصهيونية وسلمت فلسطين إلى عصابات صهيونية لا تجمع بينها سوى مصالح تفريق وتشتيت الأمة العربية خدمة للمصالح الإمبريالية واحتلال فلسطين استعمارا استيطانيا بغيضا من المفترض أنه محل إدانة من كل القوى الديمقراطية والتقدمية في العالم. والمنفصلة إنفصالا، لا ريب فيه، عن الإمبريالية العالمية... إرادة الشعب، أصبحت اليوم حقيقة لامناص من وجودها..حقيقة قد تجعل أعداء الثورة. يكشرون عن أنيابهم أكثر فأكثر ويدفعون بالمخططات والإلتفافات نحو مشهد غير واضح...أو ربما نحو مشهد تتراءى ملامحه، مخيفة كما يحدث في بعض الثورات العربية الآن... لكن القيادات السياسية والمدنية والحقوقية الشريفة، مواقف وممارسات هي التي يلقى عليها دور «كشف المستور» وتعرية المخططات...لأن لا أحد يعتقد بأن طريق الثورة أي ثورة هو طريق سالك وسهل ولا أحد يعتقد بأن مجرد القيام بالثورة على النظام السائد ومسحه من الوجود في هذا البلد أو ذاك يعتبر وصولا للأهداف...أهداف الثورة أو تحقيقا لها...أبدا اليوم وبعد 63 سنة من افتكاك فلسطين بالقوة وتهجير شعبها باتجاه الشتات عبر موجات إقتلاع لشعب من أرضه بقوة السلاح يحق للشعب العربي أن يحمي ثوراته وأن يعبر عن إرادته بالسبل التي ارتآها: إقامة أنظمة ديمقراطية تعكس ارادة الشعب في التحرر والانعتاق والتداول على السلطة والتحرر هنا يكون من ثالوث السوء : الرجعية والإمبريالية والصهيونية...هذا الثالوث التي يترابط بشكل عضوي هو الذي توجعه كل في موقعه إرادة الشعب...في التحرر...