تونس «الشروق» كان قاب قوسين او ادنى من الانقسام والتلاشي لكن مطارحات ومصارحات آخر لحظة مكنته من الخروج سالما من عنق الزجاجة وتجاوز الازمة الخانقة التي كادت ان تعصف بوحدته مرة واحدة. تلك كانت حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من خلال اشغال مجلسه المركزي الاستثنائي الذي التأم نهاية الاسبوع الماضي بجهة أميلكار نتيجة حالة التجاذب التي تواجدت منذ اشهر بين قياداته ومناضليه حول منصب الامانة العامة الشاغر أوشك المتابعون لشأن هذا الحزب ان يقرّروا بأنه واقع لا محالة في الخيبة وان مصيرا مجهولا في انتظاره خاصة بعد التمسّك الذي أبداه بعض النافذين في الحزب من اجل نيل المركز القيادي الاول مهما كانت التكاليف ومهما تنوّعت الاساليب. «الشروق» تابعت اشغال المجلس المركزي الاستثنائي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي ونقلت مجريات الاشغال وتطوّراتها الى حين الوصول الى برّ الامان. برغم مرور اليوم الاول من الاشغال وانعقاد جلسة بثلاث ساعات للمكتب السياسي فإن المواقف لم تراوح مكانها بين الاشقاء الفرقاء وغاب عن الانظار اي افق لحل ممكن يحرّك المياه الآسنة، وكان للوضعية التي بلغها الحزب مساء السبت الماضي عندما انفضّ المجلس المركزي بانغلاق تام وانسداد مخيف اربك الجميع وحمّلهم مسؤولية كبيرة في ضرورة البحث عن مخرج حقيقي قبل ان يضيع كل شيء. وكان لرئاسة المجلس المركزي (عضو المكتب السياسي البشير الثابتي) دور في إدارة «الصراع» بعيدا عن كل التشنجات وبعيدا عن الوقوع في مزالق خطيرة والإبقاء على امل ما في ايجاد حل يقرّب وجهات النظر ويساهم في التخفيض في عدد المترشحين الذي بلغ خمسة ترشحات (الغندور، الجلالي، الشابي، اليحياوي، عمر). وتمحور «الإنسداد» اساسا حول رفض وصول عدد من المترشحين لمنصب الامانة العامة وهم اساسا (المنصف الشابي وعبد الكريم عمر والطيب الجلالي) الذي كان يسود في الكواليس ان الوضع الحزبي والوطني لا يحتمل صعودهم في الوقت الراهن لأن هذا الصعود ان تم قد يتسبب في ازمة داخل الحزب وربما في حدوث سلسلة من الانقسامات او الانسحابات وفي تصدّع حقيقي للحزب. ومع انبلاج فجر اليوم الثاني للمجلس (الاحد) وبعد سلسلة من الحوارات والنقاشات خيّر الثالوث المذكور الانسحاب من سباق المنافسة وانضاف لهم احمد الغندور وفضلوا التنازل عن حقهم المشروع في الترشح تغليبا لمصلحة الحزب على مصلحتهم الشخصية واقترح الاربعة اسمي احمد الاينوبلي ونزار قاسم لمنافسة المترشح الخامس الاستاذ مصطفى اليحياوي الذي تمسّك بترشحه بدعم قوي من احد الاعضاء البارزين في المكتب السياسي وعلى ضوء معلومات تم تسريبها حول حضور قوي وفاعل له وحظوظ متزايدة وسط المجلس المركزي لكن انسحاب الاستاذقاسم في آخر اللحظات من السباق لفائدة الاستاذ الاينوبلي اوجد حالة جديدة من الارتياح على اعتبار ما ستوفّره فرصة تقدّم مرشحين فقط للانتخابات من امل في ايجاد وحدة وانسجام داخل الحزب بالسير نحو الخيار الانتخابي في كنف الهدوء والسكينة. وشكّل المجلس المركزي لجنة انتخابات لمتابعة ومراقبة لجنة النظام الداخلي المكلفة بتنظيم العملية الانتخابية التي جرت في منتهى الشفافية وبحرص كبير من رئاسة المجلس التي وفّرت كل الضمانات لانتخاب تعددي ديمقراطي حر، واسفرت العملية الانتخابية على حصول الاستاذ الاينوبلي على اغلبية الاصوات (50 صوتا) في حين لم يحصل الاستاذ اليحياوي الا على 16 صوتا في حين ألغيت 4 ورقات انتخابية وتغيّب 5 ناخبين عن الإدلاء برأيهم. وأنهى المجلس الوطني الاستثنائي اشغاله بعد ان تولى الأمين العام الجديد المنتخب الاستاذ احمد الاينوبلي مهامه واعدا بتحقيق الوئام داخل الحزب وبالبقاء عند الثقة التي منحت له وفوّض المجلس للمكتب السياسي النظر في ابداء التعليل الملائم حول قرار عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية والاستعداد كما يجب لخوض الانتخابات التشريعية في اكثر ما يمكن من الدوائر الانتخابية بالتنسيق مع الجهات والمناضلين القاعديين لتحقيق مشاركة جيدة للحزب في هذا الموعد الانتخابي الوطني الهام وضمان انطلاقة جديدة للحزب على الساحة السياسية الوطنية تقطع مع سلبيات الماضي.