يعد الذهاب الى المدرسة لأول مرّة حدثا استثنائيا بكل المقاييس بالنسبة للطفل او الوالدين. فانتقال الصغير من عالم اللعب واللهو الى فضاء اخر يتطلب الجدية والانضباط غالبا ما يثير بنفسه الكثير من مشاعر التخوف والرهبة والتي يترجمها من خلال رفضه الذهاب الى المدرسة بأساليب شتى أهمها البكاء والصراخ. وقد تصل حالة الرهبة التي يشعر بها الطفل حد الاصابة ببعض الاعراض المرضية، وهو ما يضاعف من حيرة الوالدين ويجعلهما في حالة عجز عن الاتيان بأي تصرف. «الشروق» استمعت الى حكايات على لسان بعض الامهات عن الاعراض الغريبة التي أصابت أطفالهن بسبب الخوف من المدرسة. **حالة اغماء غريبة السيدة «حياة» قصت علينا ما حدث لابنها البكر قبل سنوات تقول هذه السيدة: «مع اقتراب موعد الدخول المدرسي أصبح طفلي عصبيا وقليل الحركة والكلام، وكان يرفض اي حديث، عن المدرسة أو الدراسة، لدرجة أنه رفض رؤية حقيبته وميدعته الجديدتين بل انه كان يصاب بنوبة من البكاء عندما نحدّثه عن المدرسة. وتضيف السيدة حياة أنها حاولت جاهدة ترغيب صغيرها في المدرسة لكنه ظل على موقفه حتى جاء اليوم الموعود، حيث أصيب الصغير بنوبة بكاء طويلة عندما همّت بمرافقته الى المدرسة قبل ان يصاب بحالة اغماء طويلة جعلتها تفقد صوابها وتصاب بالذعر خوفا على طفلها». وذكرت لنا هذه السيدة أن حالة الاغماء تكررت مع طفلها لعدة ايام حيث كان يصاب بها في كل يوم عند باب المدرسة وهو ما أدخلها في دوّامة العلاج الاطباء واستمرت الرحلة لاكثر من ثلاثة أشهر حيث تمت معالجة الصغير لدى مختص في علم نفس الطفل». تهديد المروّضةقصة أخرى روتها لنا السيدة «كوثر» التي عانت كثيرا مع ابنتها، تقول هذه السيدة «رغم ان طفلتي قد قضت ثلاث سنوات كاملة بالروضة الا انها أصيبت بحالة ذعر غريبة في الايام الاخيرة التي سبقت الدخول المدرسي . وتضيف «كوثر» ان صغيرتها لم تكن تعبّر عن خوفها بالبكاء ولكن بالصمت وحالة من الشحوب كانت تنتابها كلّما ورد ذكر المدرسة أمامها، أما في اليوم الاول فلم تعبّر الطفلة عن رفضها بالبكاء مثل البقية بل انها ظلّت صامتة ومنعزلة. وفي المساء اصيبت بحالة من الحمّى الشديدة، استمرّت معها لعدّة ايام. وذكرت كوثر ان الاطباء أخبروها بعدم وجود أي سبب عضوي لتلك الحمّى وهو ما دفعها الى العلاج لدى الاخصائي النفساني، الذي اكتشف بأن الصغيرة كانت تعاني من حالة من الرهبة بسبب كلمة كانت تردّدها معلّمتها في الروضة «سترون الوضع سيتغير في المدرسة» حيث كانت الصغيرة تكبت تلك المخاوف بداخلها ولم تحدّث بها أحدا حالات اخرى تصيب الاطفال ويعبّرون من خلالها عن رهبتهم من المدرسة كالاصابة بالاسهال او القيء وهو ما يصيب الاباء بالحيرة. **نصائح مختصة «الشروق» استأنست برأي الاخصائي النفساني الدكتور عماد الرقيق الذي شدّد على ضرورة التحضير البسيكولوجي للطفل قبل فترة طويلة من انطلاق موعد الدراسة. ويتم ذلك حسب الدكتور الرقيق عن طريق الترغيب كاصطحاب الطفل في جولة واقتناء بعض الادوات المدرسية التي اختارها بنفسه بالاضافة الى المحفظة والميدعة. والحديث عن محاسن المدرسة وكل الاشياء الجميلة التي سيصادفها كالاصدقاء الجدد واللعب أثناء وقت الراحة واللمجة بالاضافة الى الجوائز وافهام الطفل بأن المدرسة ليست مؤسسة عقابية كما يصوّرها البعض في اذهان الصغار. **دور الاب ويدعو الدكتور الرقيق الى أهمية قيام الاب بدوره في هذه المسألة حيث عادة ما يكون الصغير ملتصقا بأمه الى درجة تجعله يخشى من فراقها بالذهاب الى المدرسة، ويتمثل دور الاب في الاقتراب من عالم الطفل والتحاور معه واستفساره عما يثير حيرته ورهبته، مع تفسير كل الاشياء التي يتساءل عنها، لأن ترك التساؤلات الحائرة تتراكم في ذهن الطفل دون تفسير من شأنه رسم صورة سلبية عن المدرسة. وينصح هذا الاخصائي بعدم تهويل الامور او اظهار الاهتمام المبالغ به امام الطفل لان ذلك يزيد الامر سوءا وتعقيدا، كما يحذّر من مغبّة اتباع اسلوب التهديد والوعيد مع الطفل اذا ما رفض الذهاب الى المدرسة في اليوم الاول.