تونس الصباح: في مفتتح كل سنة دراسية جديدة هناك أفواج من التلاميذ الصغار الذين بلغوا سن السادسة يؤمون المدرسة لاول مرة.. كما أنه بناء على النهج التربوي في تونس، فإن خطة دمج الصغار وتعويدهم على الحياة الدراسية وأقلمتهم معها، فسح المجال لهؤلاء الصغار ليكنوا داخل المدرسة أيضا عبر برنامج السنة التحضيرية. لا شك أن كل هذا هام ويؤهل ذلك الصغير ويعوده على الحياة المدرسية والقسم والاختلاط بأترابه داخل فضاء رحب قد يختلف عن الروضة والمحضنة التي كان ربما يتردد عليها في سنة أو سنتين مضت. لكن الاهم من كل هذا، هو التلميذ ذاته من حيث تقبله لهذه النقلة في حياته، والشعور الذي يتملكه فرحة أو خوفا أو رهبة. فنفسيته الصغيرة قد لا تستوعب هذه النقلة وهذا العالم الجديد الذي "حشر" فيه، فتكون له بناء على ذلك ردات فعل قد تذهب من الانصهار ببطء في الحياة المدرسية إلى الرفض وحتى المرض. إن كل هذا يستدعي جملة من الاحتياطات والاساليب في قبول التلاميذ الصغار، والتعامل معهم، واستقبالهم أيضا في أول يوم يؤمون فيه المدرسة. فكيف السبيل للتعامل بشيء من اللطف والمرونة والبشاشة مع هذا التلميذ الجديد، أو سيدمج في المدرسة ضمن قسم تحضيري؟ إحاطة عائلية خارج المدرسة التلميذ الجديد الصغير عالمه وتفكيره وشعوره يبقى خاصا جدا في يومه الاول أو قل أيامه الاولى التي يؤم فيها المدرسة. فإما أن تجده مندفعا بكل حركته وحواسه في هذا الوسط، أو تجده منكمشا يتحسس طريقه وسط هذا العالم الجديد ببطء وتخوف ورهبة تصل في بعض الاحيان حد الرفض لهذا المحيط الجديد الذي وجد فيه. وبناء على هذا الوضع الذي يكون عليه التلميذ تكون أيضا مسيرته الدراسية، حيث تتبعه أو تترسخ في ذهنه جملة من الافكار التي يصعب تجاوزها بسهولة. في هذا المستوى يقول أحد المربين الذي إلتقينا به أخيرا، أن الحذر يجب أن يكون شديدا في التعامل مع هذه الفئة الصغيرة من التلاميذ الجدد، حيث يجب أن تكون عائلته مرافقة له خلال الايام الاولى من ذهابه إلى المدرسة، كما عليها استقباله عند الخروج منها. ويشير وهو صاحب تجربة طويلة في التدريس أن هذه المهمة حتى وإن كانت شاقة لدى بعض العائلات فهي ضرورية وأساسية ولا يمكن أيضا أن نوكلها لاي كان، باعتبار أن الطمأنينة والتشجيع لا يمكن أن تصدر إلا عن الولي أما كان أو أبا. ويقدم لنا هذا المربي جملة من أسالب رد فعل التلميذ الصغير في أيامه الاولى المدرسية، حيث هناك من تراه مرتعد الفرائص عند ساعة الدخول، وهناك من تنتابه موجة بكاء، وهناك من يتمسك بتلابيب مرافقه ويرفض الدخول حتى إلى ساحة المدرسة.. وكل هذه الحركات أو ردات الفعل تعكس النفسية التي يكون عليها التلميذ الصغير، وتتطلب نوعا من التعامل واللطف معه حتى يقبل بوضعه وحياته الجديدة. .. وأخرى تربوية داخل المدرسة داخل المدرسة عادة ما يكون التلميذ الصغير الجديد متشبثا بمن يعرفه من التلاميذ الكبار، يلازمه داخل الساحة وكأنه يحتمي به. أما داخل القسم فيقول هذا المربي أن تصرفات التلاميذ الصغار تكون مختلفة ومن النقيض الى النقيض، ولا تخطر على بال، وهي أيضا لا تخلو من المفاجآت العجيبة والغريبة والمضحكة في معظم الحالات. فردة فعل التلميذ الصغير خاصة اذا تعلق الامر بأدواته والمس منها عدائية جدا، وتصل حتى التشابك مع زملائه لاتفه الاسباب والاشياء. وقد تحدث هذا المربي عن نوادر كثيرة يأتيها هؤلاء الصغار، حيث يمكن للبعض منهم أن يجمع أدواته ويهم بالخروج متى شاء، ويعمد بعضهم الى محاولة القفز من الشباك هربا من القسم، كما يعبر البعض الاخر عن ضجره بنوبة بكاء وصياح، وأيضا لا يتوان بعضهم في التبول داخل القسم. وبخصوص اقناعهم بالجلوس وعدم مغادرة المقعد يقول هذا المربي، للتعود على هذا الجانب يتطلب أياما وحتى شهورا، لان هذا الصغير يرفض أن تقيد حركته، ولا يعني له شئ مغادرة المكان. لكل هذا فإن مهمة تدريس هؤلاء الصغار في سنتهم الاولى عادة ما يوكل لمرب أو مربية لها تجربة السنوات الطوال معهم، وسعة البال التي تقوم على أبعاد بيداغوجية وبسيكولوجية واجتماعية متطورة. يوم خاص بالتلاميذ الجدد المعروف في القطاع التربوي أن افتتاح السنة الدراسية الجديدة يمثل عودة بالنسبة لكل التلاميذ من مبتدئهم الجديد إلى تلاميذ السادسة أساسي.. وهذه الاجواء قد تكون عادية بالنسبة الى من تعود الذهاب إلى المدرسة، لكن أن يحشر وسط هذه الاجواء من لا عهد لهم بالحياة المدرسية وبفوضى اليوم الاول، فهو خطأ كبير لا بد من تجاوزه. فالتلميذ الجديد أو الذي سيتابع حضورا في قسم تحضيري، لابد أن يكون حضوره الى المدرسة في يومه الاول خاصا، هادئا، ولا يخلو أيضا من التشجيع وراحة باله الصغير. ولعله في هذا الجانب نقترح يوما خاصا بدخول هؤلاء الى المدرسة، وأن يكون هذا اليوم بعد يومين أو ثلاثة أو حتى اسبوع من بداية السنة الدراسية، حيث تستقر الامور داخل المؤسسة التربوية بشكل عام، ويمكن أن يكون هذا الاستقبال بأجواء خاصة تشارك فيه الاسرة التربوية وتلاميذ المدرسة.