سيتم يوم 24 جويلية 2011 أو 16 أكتوبر 2011 انتخاب المجلس الوطنيّ التّأسيسيّ بناء على المرسوم عدد 35 لسنة 2011 الصادر بتاريخ 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التّأسيسي الذي يعتبر المجلس الثاني في تاريخ الجمهورية التونسية، حيث كان الأول سنة 1956 على إثر إعلان الجمهورية وإلغاء الملكية. وقد أراد المشرع بواسطته أن تكون الوسيلة للقطع مع النّظام السّابق الذي بني على الاستبداد وتغييب إرادة الشّعب بالبقاء غير المشروع في السّلطة وتزوير الانتخابات. والوفاء لمبادئ ثورة الشّعب التّونسي الهادفة إلى إرساء مشروعية أساسها الدّيمقراطية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة والتّعددية وحقوق الإنسان والتّداول على السّلطة. انطلاقا من إرادة الشّعب التّونسي في انتخاب مجلس وطني تأسيسي يتولى وضع دستور جديد للبلاد باعتبار أن القانون الانتخابي السّابق لم يكفل انتخابات ديمقراطية وتعددية شفافة ونزيهة. ينتخب أعضاؤه انتخابا عاما، حرّا، مباشرا، سريا وفق مبادئ الدّيمقراطية والمساواة والتّعددية والنّزاهة والشّفافية. وتحت إشراف هيئة وطنية أطلق عليها اسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المحدثة بمقتضى المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18/04/2011 لمراقبة العمليات الانتخابية. وفق معايير وإجراءات قانونية محدّدة بدءا من قبول التّرشح والاقتراع وصولا إلى الإعلان عن النّتائج النّهائية. أولا : من له الحق في الانتخاب أو النّاخب بصفة عامة؟ أعتبر المرسوم عدد 35 لسنة 2011 أن حق الانتخاب حق لجميع التّونسيات والتّونسيين البالغين من العمر 18 عشر سنة كاملة في اليوم السّابق لاجراء الانتخابات والمتمتعين بحقوقهم المدنية والسّياسية، وغير المشمولين بأي صورة من صور الحرمان المنصوص عليها. ويمارس هذا الحق في الاقتراع بواسطة بطاقة التّعريف الوطنية وهي طريقة يؤخذ بها لأول مرّة في تونس، وتعتبر من الوسائل التي تحدّ من الغش في العملية الانتخابية. وتضبط في ذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إجراءات التّسجيل لممارسة هذا الحق والإعلام بها. وقد أستثنى من هذه الممارسة، العسكريون والمدنيون مدة قيامهم بواجبهم العسكري وأعوان قوات الأمن الدّاخلي وفق التّعريف الوارد بالفصل 4 من القانون عدد 70 لسنة 1982. كما منع من هذا الحق الأشخاص المحكوم عليهم من أجل جناية أو جنحة تمس بالشّرف بعقوبة تتجاوز مدتها ستة أشهر سجنا نافذة ولم يستردوا حقوقهم المدنية والسّياسية، والأشخاص المحجور عليهم، والأشخاص المصادرة أموالهم إثر 14 جانفي 2011. ويتم انتخاب المجلس على قاعدة متوسعة أساسها البلديات والمعتمديات، وبخصوص المناطق غير البلدية تضبط قائمة الناخبين تحت مراقبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اعتمادا على قاعدة المعطيات الوطنية لبطاقات التّعريف الوطنية. ويتم توزيع النّاخبين اعتمادا على عنوان الإقامة المصرّح بها في مطلب التّسجيل الاداري في قائمة النّاخبين حسب إجراءات تضبطها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وبنفس الاختصاص المنصوص عليه بالمرسوم تقوم البعثات الدّبلوماسية أو القنصليّة بالنّسبة للتّونسيين المقيمين بالخارج والمسجلين بها تحت مراقبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وعلى هذا الأساس تودع قائمات النّاخبين بمقرات الهيئات الفرعية للانتخابات ومقرات البلديات والمعتمديات والعمادات ومقرات البعثات الديبلوماسية أو القنصلية التونسية بالخارج. حيث يكون من حق كل ناخب الاطلاع عليها 30 يوما على الأقل قبل يوم الاقتراع. وبالموقع الالكتروني للهيئة العليا المستقلة للانتخابات. ويكون مطلوب من رئيس الهيئة الفرعية للانتخابات ورئيس البلدية أو المعتمد والعمد ورئيس البعثة التّونسية الدّبلوماسية أو القنصلية بتعليق قائمات النّاخبين التي تتضمن القائمات المحيّنة النّاخبين الذين تمّ ترسيمهم أو الواقع شطب أسمائهم بعد إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن حلول آجال التّعليق والطعون وانتهائها طبقا للأحكام الواردة بالمرسوم بواسطة وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية والمرئيّة. وزيادة في تحقيق ضمانات الاقتراع المخوّل لكل التّونسيين، فقد مُكّن كل من وجد في حالة من الحرمان المنصوص عليها بواسطة المرسوم بعد انتهاء آجال التّرسيم والدّعوة لإجراء الانتخابات وزوال المنع عليه وهم العسكريون وأعوان قوات الأمن الدّاخلي في صورة فقدانهم لهذه الصفة بعد آجال التّرسيم. والأشخاص الذين يتوفر فيهم شرط السّن القانونية بعد آجال التّرسيم. والأشخاص الذين صدر لفائدتهم حكم بات يقضي بترسيمهم بقائمات النّاخبين. والتّونسيون المقيمون بالخارج والموجودون بالتّراب الوطني في فترة الانتخابات. من التّمتع بهذا الحق أن يقدّم المعني بالأمر مطلبا كتابيّا في الغرض إلى الهيئة الفرعيّة للانتخابات مصحوبا بوثائق الإثبات اللاّزمة 10 أيام قبل يوم الاقتراع على الأقل بتعمير مطبوعة معدة للغرض. كما أعطى في نفس الوقت للهيئات الفرعية للانتخابات الصّلاحية في الشّطب من قائمات النّاخبين، اسم النّاخب الذي توفي وحال ترسيم الوفاة، وأسماء المدنيين مدة قيامهم بواجبهم العسكري، وأسماء الأشخاص الذين ثبت أنهم فقدوا أهلية الانتخاب. وكل من تولى تقديم طلب كتابي يرغب من خلاله في ترسيمه في غير القائمة المرسّم بها، على أن يدلي بما يفيد طلب ترسيمه بقائمة أخرى. ويخوّل في ذلك لكل شخص المنازعة في التّرسيم بقائمات النّاخبين أو طلب شطب اسمه لدى الهيئة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيا. والتي لها البتّ في المسألة في أجل أقصاه 8 أيام من تاريخ تقديم مطلب الاعتراض إلى الهيئة. كما تبتّ الهيئة الفرعية للانتخابات الملحقة بالمركز الدّيبلوماسي في الطّعون المتعلقة بضبط قائمات النّاخبين الرّاجعين لها بالنّظر. ويقع الاعتراض على ضبط قائمات النّاخبين وفق إجراءات قانونية محدّدة أمام الهيئة الفرعية للانتخابات. حيث يقدّم مطلب الاعتراض بمكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ في أجل 7 أيام من تاريخ تعليق القائمات، ويعتبر تاريخ إيداع المكتوب مضمون الوصول تاريخا لتقديم الاعتراض. وبما أن الحكم الذي يصدر في شأن الإعتراض يعد بمثابة حكم ابتدائيّ فقد خوّل المرسوم للأطراف حقّ استئناف قرارات الهيئة الفرعية للانتخابات أمام المحكمة الابتدائية المختصة ترابيّا في تركيبتها الثّلاثية، وذلك في أجل 5 أيام من تاريخ إعلام المعنيين بالأمر بالقرار. مع ضرورة التقيّد بالإجراءات المنصوص عليها بالفصول 43 و46 و47 و48 فقرة أخيرة و49 و50 من مجلة المرافعات المدنية والتّجاريّة. بقلم : الدّكتور يوسف بن المكّي عبيد (دكتوراه دولة في القانون محامي لدى التّعقيب)