٭ من مبعوثنا الخاص: الحبيب الميساوي ٭ الشوشة (الشروق): قدمت الى مخيّم الشوشة لأول مرة في بداية شهر مارس وزرته مرة ثانية على خلفية الأحداث المؤلمة التي جدّت في منتصف شهر ماي وها أنا أعود اليه للمرة الثالثة لاكتشف في كل مرة حقائق جديدة عن منظومة إغاثة اللاجئين المعتمدة من طرف الأممالمتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية. والحقيقة انني كنت أنبهر في كل مرة أتابع فيها تدخل هذه المنظمات في مكان ما من العالم معتقدا انه لولا هذه الجمعيات الدولية لماتت الملايين من البشر وشرّدت وجاعت ملايين أخرى من الصدمة كانت كبيرة وأنا أكتشف ما يحدث في مخيّمات اللاجئين بالجنوب التونسي وتحديدا في الشوشة الواقعة بين بوّابة العبور برأس جدير ومدينة بن قردان. فالآلاف المؤلفة من اللاجئين الذين توافدوا على تونس منذ اندلاع الحرب في ليبيا كانوا في الحقيقة عنوانا كبيرا للدعاية والبروباغندا استغلته جل هذه المنظمات لتعرّف بنفسها وكذريعة تنهب المال من الصناديق الدولية حتى اني لم أصدّق لمّا قيل لي إن المنسق التابع لهذه الجمعيات يتقاضى أجرا يصل الى 11000 دولار مع الاقامة في نزل من فئة 5 نجوم الى جانب السائق والسيارة والمترجم والسكرتيرة ومتى اشتدّت درجة الحرارة أو عرف المخيّم بعض التوتّر تراه يلجأ الى النزل تاركا وحدات الجيش التونسي والمنظمات الوطنية التونسية تواجه لوحدها عبء الآلاف المؤلفة من اللاجئين. وللتاريخ فوجئت مفاجأة كبيرة بالدرجة العالية لأداء دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة اللتين تموّلان مخيّمات بطريقة غاية في التنظيم بل ان هاتين الدولتين وجدتا نفسيهما مجبرتين على سدّ فراغ وتقاعس المنظمات العالمية بما فيها الأممالمتحدة. هذا الواقع المرير والكذبة الكبرى المسمّاة بالمنظمات الدولية خلق أجواء من التوتر والاحتقان بين مختلف الجاليات التي تعيش في المخيّم. فالتشنّج يرمي بظلاله على المخيّمات التي تحوّلت الى أوكار للدعارة وبيع الخمر والقمار والمتاجرة بما لا يتصوّره العقل. الكارثة وقد كان من الطبيعي ان تؤدي هذه الأوضاع الى حالة من الاختناق مما هدّد المخيّم بالانفجار الذي سرعان ما سُمع دويه بعد أحداث عنف أولى أدّت الى مقتل 4 من الارتريين وحرق 21 خيمة لا يعرف الى حدّ الآن أسبابها. هذه المأساة كانت وراء حركات احتجاجية قام بها اللاجئون مندّدين بتجاهل الأممالمتحدة لأوضاعهم وتقاعس بقية المنظمات عن تحمّل مسؤولياتها مما دفع الى حدوث أعمال عنف ثانية أدّت الى مقتل اثنين من السودانيين وجرح أكثر من 40 لاجئ وحرق 621 خيمة. الجيش يتدخل تفاقم الاوضاع الرديئة وتلاحق أعمال العنف أدى بالجيش التونسي الى التدخل على ثلاثة مستويات لحماية اللاجئين أولا وتهيئة مخيّمات جديدة ثانيا ووضع المنظمات الدولية أمام مسؤولياتها ثالثا. والحقيقة انه منذ اندلاع الأحداث الثانية بقي أكثر من ألف لاجئ بلا خيام ينامون على الرمل ويتلحّفون السماء في غياب برنامج واضح لتسفيرهم الى بلدانهم ورغم النداءات المتكرّرة للجيش التونسي الموجهة الى المنظمات العالمية لم تستجب الا الإمارات وقطر اللتين وفّرتا 4 طائرات إضافية لترحيل اللاجئين مع ان ذلك من مشمولات عمل منظمات إغاثة اللاجئين. في ذات الوقت انصرفت وحدات الجيش لتطهير المخيّمات التي تهدّمت جرّاء أعمال العنف بحرق ما تبقى منها مخافة انتشار الأمراض مع بذل أقصى الجهود للاسراع ببناء مخيّمات جديدة. الى ذلك يواصل الآلاف من السودانيين والمصريين والارتريين وأفارقة الاقامة بالمخيّم رافضين في الكثير من الأوقات العودة الى بلدانهم علْما أن سفارة السودان رفضت ترحيل من هم من أصيلي دارفور وتلك حكاية أخرى.