تعليقا على كل هذه الأحداث وغيرها وخاصة على المواقف الصادرة عن البعض والتي عقبت تلك الأحداث أقول أولا إن كل هذه الأطراف قد أخطأت في حق بعضها البعض.فعقب لقاء الأولمبي الباجي ومستقبل المرسى، كان على المكتب الجامعي أن يتعهد بنفسه ومباشرة بتلك القضية فالنظام الأساسي للجامعة يمنحها صلاحيات واسعة لاتخاذ التدابير اللازمة لحسن سير مسابقات البطولة والكأس وبالتالي فإن هذه التدابير تشمل العقوبات.في هذا الصدد، كان على المكتب الجامعي أن يقرر إعادة تلك المقابلة. أما قرار مواصلة البطولة دون حضور الجمهور فإني أراه قرارا جائرا في حق جماهير شبيبة القيروان مثلا التي امتازت في السنوات الأخيرة بروحها الرياضية العالية فما ذنبها أن تحرم من مشاهدة فريقها؟ وما ذنب الجمعية لكي تحرم من مداخيل بيع التذاكر؟ ثم إن هذا القرار لا يخدم في شيء مسيرة الثورة فإذا منعنا الجماهير من حضور مباريات كرة القدم، فما الذي يمنعنا من حضور الاجتماعات العامة ومختلف التظاهرات التي تنظمها الجمعيات والأحزاب؟ أما منع هيئة مستقبل قابس الصحافيين من تغطية مباراته مع نادي حمام الأنف، فقد كان قرارا خاطئا وإن كان للموقف في حدّ ذاته، شيئا من المشروعية لأنني أتفهم مشاعر جماهير تلك الفرق التي تعاني من التجاهل الإعلامي. القرار خاطئ لأنه حرم جمهور نادي حمام الأنف من مشاهدة فريقه. أما ردّ فعل الصحافة المسموعة والمرئية تجاه هيئة مستقبل قابس فقد كان مبالغا فيه. وهنا أسجل مثلا موقف الصحفية سهام العيادي التي دفعت المنجي بحر رئيس نادي حمام الأنف دفعا وجرته إلى الحديث عن تهديدات تعرّض لها في قابس. وهو الذي كان قد بدأ كلامه بشكر رئيس وهيئة مستقبل قابس على القبول الحسن الذي لقيه منهم. وفي قناة نسمة التلفزية، علق أحمد المغيربي في سهرة الأحد 24 أفريل 2011، على أحداث مقابلة النادي البنزرتي والنادي الصفاقسي وقال بنبرة تهكمية إن الديمقراطية معروفة وإننا لسنا نحن من سيبدعها... وأودّ أن أدعو المغيربي إلى الكفّ عن التهكم والسخرية من التونسيين ومن الكرة التونسية... فإن كان حال كرتنا سيئا فلأنه كان احد الفاعلين فيها... كما أقول له إننا قادرون على إبداع وصياغة مفاهيم جديدة فكفّ عنّا آذاك ! ونفس هذا الكلام تقريبا، أريد أن أقوله لخالد حسني صاحب المواعظ والعبر والنبرة الباكية... لقد كانت تحاليله الفنية للمباريات تبدو لي من أرفع طراز وأنا لا أنسى إعجابه الشديد بشبيبة القيروان في موسم 1992- 1993 ولكني لم أفهم سرّ الانقلاب المفاجئ في موقفه من الكرة التونسية. ففي جوان 2005، وفي أعقاب مقابلة تونس وألمانيا بمناسبة كأس الكنفدراليات، صرّح خالد حسني لإذاعة موزاييك أنه لم يعد يفصلنا عن العالمية سوى ربع ساعة ثم وبعد أشهر قليلة، أصبحت كرتنا لا تساوي في نظره شيئا... وأصبح منذ ذلك الحين يقدم لنا خطابا أخلاقيا وعظيّا نحن في غنى عنه. وتكرّر خطابه هذا في حصة الأحد الرياضي لسهرة الأحد غرة ماي 2011، لما علق على قرار هيئة مستقبل قابس تجاه الصحافيين. ولكنه لزم الصمت لما تدخل رياض بنّور المسؤول في هيئة الترجي الرياضي ليشكك في نزاهة الحكم سليم الجديدي الذي كان قد أدار مقابلة الأولمبي الباجي والنجم الساحلي، فما سرّ هذا الصمت؟! أما احتجاج الحكّام وإضرابهم ومطالبتهم بضمانات أمنية لإدارة المقابلات فإني أعتبره نوعا من المساومة لا أعرف بالضبط المقابل الذي يطلبونه... فهم شأنهم شأن لاعبي الفريق الضيف معرضون لبعض المخاطر ولا يوجد داع لحمايتهم دون غيرهم...أما اشتراط ممارسة النشاط بتوفر الأمن، فإني أراه موقفا قد يضرّ بالثورة فهذا الموقف قد يؤول بنا جميعا إلى ملازمة منازلنا وعدم مغادرتها وعدم مباشرة أية وظيفة في المجتمع...وشرط توفر الأمن في الملاعب نادى به أيضا نبيل معلول في ندوة صحفية عقدها يوم الثلاثاء 26 أفريل 2011، وقال إنه يحبذ شخصيا عودة الأمن إلى الملاعب كما كان قبل 14 جانفي 2011، وهو موقف مرفوض بالنسبة إلي فرغم مآخذي على سلوك جمهور الترجي التونسي فإنني لا أقبل أن يعاد قمعه كما كان يحصل في السابق والتونسيون لم يقوموا بالثورة لكي يعود الأمن كما كان من قبل. أنا أساند عودة أعوان الأمن إلى الملاعب ولكن طبق تصور وصياغة ومقاربة جديدة يكون فيها الاحترام متبادلا بين الجمهور وقوات الأمن. أمّا الموقف الذي ساءني كثيرا فهو ذاك الصادر عن مختار النفزي رئيس الأولمبي الباجي في أعقاب المقابلة التي جمعت فريقه بالنجم الساحلي يوم غرة ماي 2011. فقد ندد في مختلف وسائل الإعلام بتعيين وبمردود الحكم سليم الجديدي وقال إنه أبدى انحيازا واضحا للنجم واعتبر أن الاولمبي الباجي كفريق صغير ممنوع من الانتصار على النجم الساحلي كفريق كبير ولوّح بالاستقالة. وتعليقا على هذا الموقف، أقول إنني أرفض توظيف قضية الأندية الصغيرة لغايات ضيقة ولحسابات لا تهم إلا فريقا واحدا. ثم إن مردود الحكم في تلك المباراة لم يكن بذاك السوء ولم يحرم الأولمبي الباجي من الفوز. كما أن الأولمبي الباجي ليس ممنوعا من هزم النجم الساحلي فهذا الأخير لم ينهزم هذا الموسم في سوسة إلا في مناسبتين كانت الأولى أمام الاولمبي الباجي بالذات...! وإذا لوّح النفزي بالاستقالة قصد الضغط، فإنني أقول له إن هذه الأساليب لم تعد تجدي فليستقل لأن الأولمبي الباجي والكرة التونسية لن يتوقفا عليه أو على غيره...! ولنفترض أن الحكم الجديدي أساء للأولمبي الباجي فهل نسي النفزي كيف اقتلع فريقة نقطة التعادل من القيروان في شهر أكتوبر الماضي؟ هل كان حكم تلك المقابلة عادلا في إدارته للمباراة؟ قطعا، لا! ثم إن تصرف جمهور الأولمبي الباجي في لقاء مستقبل المرسى هو الذي قد يكون مثّل المنعرج السيء في بطولة الرابطة الأولى ومع ذلك فقد قلل النفزي من خطورة ما حدث وكان يعتبره أمرا عاديا...! كما أشجب ما صدر عن نبيل معلول في الندوة الصحفية التي عقبت لقاء فريقه بالملعب التونسي يوم الإربعاء 18/05/2011 حين طالب بتغيير حكم المباراة التي ستعاد بين فريقي الشبيبة والنجم الساحلي ومهما كانت درجة التنافس بين الترجي والنجم فإنني أرفض توظيف أي فريق وفريق شبيبة القيروان بالخصوص في هذا الصراع فقد أضر هذا التوظيف كثيرا بالشبيبة وبالكرة التونسية في العهد البائد . ختاما أقول إن أغلب الفاعلين في الساحة الكروية التونسية قد أخطؤوا في حق بعضهم البعض ومع أنني ضدّ تهويل الأخطاء فإنني أودّ ألا يقع توظيف بعض الوضعيات الخاصة لخدمة مصالح رياضية فئوية او غيرها لأننا «هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية» فلا تفسدوا كرتنا كما أفسدوها.