ما أكثر المهن حين تعدها في بطاقات التعريف الوطنية. وأخشى ما نخشاه ألا نتفطن الى مهنة جديدة تمخّض عنها وضعنا المتشعب، وهي مهنة «متحدث باسم الشعب» التي باتت تمتهنها عدة وجوه باسم الشعب تتحدث. وباسم الشعب تصرّح. وباسم الشعب تلعب بالشعب. وجوه مختلف الاشكال فيها الطويل كالحذاء من حيث الحجم ووسع الفم وطول اللسان لا تخرج منه الا الرائحة الكريهة وفيها المكوّر كالبالون من حيث الانتفاخ بالهواء وفيها ما هو منبطح كالرقعة من حيث متانة الجلد والانحلال وانبعاث رائحة الخمير «القارصة».ولا غرابة ان سألت أيا كان عن الحالة أجابك: «نشمها قارصة». ومنها ما هو معلّب تماما كقارورة الغاز المشل للحركة من حيث «الفشفشة» والمفعول. وجوه إذا لامس أحدهم قلما حوله الى «فركة» وركب عليها وهنأ نفسه «مبروك الحصان» ونادى هاتوا سيوفكم ورماحكم وهيا بنا الى معركة الأوس والخزرج لننحر الناقة التي عكرت مياه العين،وفيها من ما دخل موكبا الا وحوّله الى جحش قُصيّر. وركبه ونادى هلموا جميعا لغزوة المدينة الفاضلة. وفيها من إذا مسك ميكروفونا الا وحوله الى حصان طروادة وركبه ونادى ألا اتبعوني فهذا «باب العرش» مدخل بيت مال فرعون وخزائن قارون. وذاك وجه ما إن تربع على بلاتو تلفزة الا وحوله الى فيل من فيلة أصحاب الفيل وركبه ونادى ألا انتظروني سآتيكم بحرير طشقند وبيتزا روما وقطن تايوان و«قشطة» اسطنبول فلا عراء ولا جوع بعد اليوم. ولا أحد يدري من اين جاءت هذه الوجوه «المضروبة؟» ولا أحد يدرك ولا أحد هنا يعي أيّهما أخطر على الوطن الاوراق النقدية من صنف العشرة والعشرين والثلاثين والخمسين دينارا في الورقة الواحدة المزيّفة؟ أم هذه الوجوه المدلسة ذات العشرة والعشرين والثلاثين والخمسين وجها في الوجه الواحد؟ وأيّهما أولى بالمقاومة عصابات تدليس العملة؟ أم عصابات تدليس الوجوه؟ لا جواب عندي سوى انتبه عصابة.