"نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحثة زينب نابلطان ل«الشروق»: حلمي أن أرى تونس حرّة ديمقراطية


تونس «الشروق»:
المقاربة النسقية (L' approche systemique) ديدنها... والبحث العلمي في مجال العلوم الانسانية نهجها...
كما عرفتها منذ عشرين عاما... إمرأة مفعمة بالحيوية... وبحب البلاد والعباد... في هذه الأرض الطيبة...
ما فتئت تنادي بقيم مسكونة فينا... وكامنة في الذات التونسية....
بعد الثورة... أطلقتها عاليا: ارفع رأسك إنك تونسي...
تعيش اليوم على حلم... يسكنها حلم عنوانه: تونس تتصدر مكانة عليا في هذا العالم...
الأمر ليس أدبا... ولا هو بالشعر... بل عمل دؤوب تقوم به الباحثة زينب نابلطان، ضمن فريق عمل أمريكي أوروبي قوامه: البحث... والتكوين... لم يتغير نشاطها... ولا حيويتها... بل ان ثورة 14 جانفي دفعتها دفعا نحو مزيد التعمق في البحث وفي السبل التي تؤمن هذه الفترة الانتقالية من حياة تونس السياسية...
هاجسها الآن يتمحور حول سؤال: كيف يمكن للأحزاب ولمكونات المجتمع المدني، أن تؤمن الانتقال الديمقراطي... فالديمقراطية تقدم زينب نابلطان بحاجة الى كفاءات انسانية...
السيدة زينب نابلطان هي جامعية وباحثة متخرجة من جامعة «السوربون» بباريس، في مجال العلوم الانسانية، وهي باحثة ضمن فريق عمل أمريكي فرنسي...
في مجال التكوين، تبحث مع فريقها، عن العناصر الكامنة في الذات البشرية من خلال وسائل وأهداف بحث متطورة، مما جعلها تستخلص مثلا: بأن التونسي ديمقراطي بطبعه... وأن الديمقراطية والتحضر، عناصر كامنة فينا، ولسنا بحاجة الى الآخر القادم من وراء البحار، ليعلمها لنا في شكل قوالب مستوردة، لا تستجيب الى شروط التاريخ ولا الجغرافيا...
سألتها في البداية وهي التي ترأس جمعية «فضاء أرض التسامح» التي يشارك فيها محاميان وطبيب جراح وأربعة مدربين (خبراء دوليين) وديبلوماسي وصناعي مهندس، وقد تأسست الجمعية منتصف فيفري الفارط، عن الديمقراطية، وهل يمكن ان يخضع الانسان الى تدريب في مجال الديمقراطية حتى يصبح ديمقراطيا؟
جاء ردها تتخلله ابتسامة، لتقول: الديمقراطية بحاجة الى كفاءات انسانية...
الانسان مسكون بالقيم الديمقراطية، وعملية التدرب لا تغدو أن تكون عملية استخراج لطاقات كامنة في الانسان، كذلك الأمر بالنسبة الى التدريب على اتخاذ مكان الزعامة والقيادة... فهناك طاقات في هذا الاتجاه، تكمن في ذات بشرية دون أخرى... والحقيقة ان عندي حلم «I have a dream» كما قالها «لوثر كينغ» آخر الستينات في أمريكا... حلمي أنا أن أتوفق مع الفريق الذي أعمل معه، في تدريب نخبة يمكن ان تقود تونس كما فعل فريق مماثل مع أوباما...» نعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما خضع الى تدريب «coaching»... فمثل هذه الدورات التي تتحدث عنها الباحثة زينب نابلطان هي التي تفرز النخب والزعامات...
لماذا هذه الجمعية التي ترأسين، وما هي مهامها... وماذا تنتظرون كفريق من انجازات، خاصة وأنها تأسست بعد الثورة؟
ما نقوم به هو جزء من اضاءات من زاوية العلوم الانسانية... الدورات التدريبية التي نؤمنها، تستهدف الأحزاب، وكيفية تأمين عملية الانتقال (الديمقراطي)... وكذلك الجمعيات والشباب وكل «التونسيين».
هنا سألت محدثتي: لماذا فكرت بهذه الطريقة في مسألة الانتقال الديمقراطي؟ قالت: «اللقاءات بين الناس من أجل التحاور والاختلاف والالتقاء حول مصير وواقع تونس، لم تكن لترى النور، لولا هذه الثورة... والديمقراطية تعني أول ما تعني أن يتجالس الجميع مع بعضهم البعض... ونحن، ضمن هذه الورشات التي ننجزها نسعى الى أن يعرف الشباب بعضه البعض... الديمقراطية لا ترى النور، الا متى تحلى الفرد بالواجبات قبل الحقوق...
ما يشهده العالم اليوم، هو عودة وعي... عودة وعي جماعي عالمي، لأن عالمنا يعاني من أزمة نظام وأزمة منظومة...
ألا تعتقدين أن العوائق متعددة، من تلك التي تقف أمام انتقال ديمقراطي حقيقي في تونس مثلا؟
نعم... أنا واعية بكل أصناف العوائق والمعوقات التي تقف أمام المسار... ولكن اذا عملنا بطريقة واقعية وقابلة للتطوير فسوف نسرع ب«اسكان» الديمقراطية في المكان الذي يجب ان تكون فيه... في البيئة التي بها جديرة... فالديمقراطية الحقة هي التي تنطلق من الذات... من داخل حاجاتنا وانتظاراتنا من آمالنا ومن أحلامنا... هكذا أرى تونس والتونسيين... نحن كتونسيين، اذا لا تلبسنا الديمقراطية لبوسا من الداخل فإنها لن تفلح... ويمكن ان أقول لك انني الى حد الآن، وبعد أن أنجزنا عددا من الحوارات والورشات، للبحث في سبل الانتقال الديمقراطي وأقصد المرحلة الانتقالية برمتها، وهي أفكار تطرح داخل عمل الفريق ككل فإننا نستطيع أن نحقق أهدافنا وانتظاراتنا من المهمة التي ننجزها أنا متفائلة، لأن الأفكار التي ألاحظ طرحها ضمن عمل الفريق، تبعث على هذا التفاؤل الذي أبديته...
شخصيا أنطلق دائما من «حلم» عندي حلم... فهذه الجملة حين نطقها أوباما في البيت الأبيض «أنا عندي حلم»، أتت بأوباما الى البيت الأبيض...
ما هي آخر المواضيع التي تشتغل عليها السيدة زينب نابلطان ضمن فريق العمل المذكور؟
مؤخرا، راج حديث فيه أخذ ورد، حول تأخير انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وكان السؤال يتعلق بالاعلان عن هذا التأخير على صعيد المعلومة طبعا... نحن كمواطنين تقبلنا المعلومة أو الخبر على أساس أن التأخير جاء نتيجة غياب الجانب «اللوجستي»، وهنا تنبعث الأسئلة هكذا بدون تفكير: ما معنى «لوجستيك»؟
وهذا ما يحيل 12 مليون تونسي على مفردتين وهم يتلقون المعلومة: التأخير واللوجستيك، بحيث أصبحت المفردة الثانية (لوجستيك) هي السبب لاعلان الأولى (التأخير).
هكذا وصلت الصورة الى ذهن المواطن التونسي.
السؤال الثاني الذي يتبادر الى الذهن، لنفس المناسبة: الذين أصدروا القرار، هل يعنيهم كيف وصلت الرسالة؟ هل فكروا في الجمهور (المواطنون) وكيف سيكون وقع المعلومة عليهم... ان الكلمة هي الرمز... لذا عليهم ان يتوقفوا عن اعتماد سحر الكلمة اذن كل من يتفوه بكلمة، عليه أن يعطيها توضيحها ومحاملها... احتراما للآخرين... احتراما للمتقبل... وهذه شروط الديمقراطية...
أما السؤال الثاني الذي يفرض نفسه على المعنيين بأمر الخبر الذي يعلن تأخير الانتخابات فهو ينص: هل فكرتم في ان تنظم فضاءات حوار سواء في الاعلام المرئي والسعمي أو من خلال فضاءات الجمعيات حتى تجيبوا المواطن وترضوا تطلعاته؟...
ان الفكرة تلد أخرى.... وكلمة تجيب عن أخرى، لذا أقول ان هذا هو سؤالي الى الذين أعلنوا عن أن الانتخابات التي كانت مقررة ليوم 24 جويلية القادم ستؤخر الى يوم آخر، بسبب عدم توفر الجانب «اللوجستي»...
هنا لابد وأن أوضح: لست هنا بصدد اعطاء رأيي في هذا التوقيت أو ذاك لعملية الانتخابات...
أنا دوري أن أبحث وأبرز ما يمكن ان يحدثه خبر مثل الذي ذكرت على نفسية الناس... أنا أتحدث في نطاق مسؤوليتي المعتمدة على رصد المعلومة والتواصل وعلاقتهما في اقناع المتقبل...
لماذا وقفت عند هذا المستوى، ولماذا تتكلمين هكذا... هل أنت كباحثة وفريق تدريب، تعنين بالمواطن من حيث مكوناته الانسانية، أم أنت حريصة على تجربة ديمقراطية، لكي ترى النور، لابد من تحضير الفترة الانتقالية جيدا؟
تكلمت هكذا لأن المعلومة كرسالة تقدم في شكل قرار، لابد أن تحمل في ذاتها الوضوح والمرونة معا... يعني أن المعلومة المقدمة، لابد وأن تعتني برد فعل المواطن ولا يلقى بها هكذا من «السماء»... القاء... وينتظر من المواطن أو المتقبل فقط القبول والاذعان دون أن يحسب حساب لانتظاراته... وأحلامه... وأسئلة الحيرة التي تخالج نفسه...
ان معنى الاعلان والاتصال، هما نقطتان تكمن أهميتهما في تلك العلاقة الجدلية التي تربط الواحدة بالأخرى... ان مهمة الباث، لا تكمن في صدقية أو حجم المعلومة التي يدفع بها نحو المتقبل بل في مدى استيعابها كرسالة، لانتظارات المتقبل... لذلك أدفع بالسؤال التالي: أنت يا من دفعت بالمعلومات أو الخبر أو الرسالة بأن انتخابات المجلس التأسيسي تتأخر لأن السبب لوجستيكي، ثم تصمت وتقف عند هذا الحد، هل توقعت رد فعلي كمواطن كمتقبل؟... لماذا ترعبني ولماذا تخيفني هكذا بكلمتين فقط: تأخير موعد الانتخابات والسبب لوجستي؟ هنا أيضا أجدني أشير بالبنان الى الأحزاب والمنظمات وماذا فعلت مع هذه المعلومة وطريقة الدفع بها نحو المتلقي ومدى القطع أو تجاوز نظام الحاكمية السابق «L› ancien mode de gouvernance»؟ إن أول محطة للديمقراطية، هي معرفة ادارة الذات البشرية والتعامل معها... حتى تنجح الديمقراطية...
ماذا استخلصت اذن من هذه الحادثة؟
من زاوية نظري، يبدو أن هناك القليل من العقلانية في طريقة التعامل... مع المتلقي، كذلك الشأن بالنسبة للمتلقي الذي عادة ما يتصرف مع المعلومة الغامضة، أو التي يغيب عنها الوضوح، برد فعل فيه عنف: كمواطن اذا لم أفهم شيئا فإن العنف هو الذي يصدر عني أولا...
فكل شخص أو إنسان يتميز بالذكاء والانطباع... وانعكاس الطبيعة على ذاته... والجغرافيا والثقافة...
كيف تناولت، كباحثة، المعلومة الصادرة عن اجتماع مجموعة الثمانية والتي أعطت، اعلاميا، مكانة خاصة لتونس...؟
في الحقيقة، كمهتمة بمسار البناء الديمقراطي، احتفظ بحدثين: أولهما قمة مجموعة الثمانية (الأكثر تطبيعا) «بدوفيل» بفرنسا، وما نتج عنها من قرارات خاصة ما يهم أصحاب الشهائد التونسيين... فهذه المسألة تهم الكثير من الجمعيات... نحن متوسطيون نعم، ومن خلال موقعنا الجغرافي لنا شركاء... ولكن يجب ان تكون الشراكة على نفس قدم المساواة... في حوار يضمن خصوصيتنا، من ايماننا وثقافتنا وطريقة تفكيرنا وكذلك الأحداث التي همت تاريخنا... يجب ان تتحلى بما هو فينا: ذات قوية ومرفوعة الرأس...
«Figure Forte»
والقولة التي أراها مناسبة: «أنا تونسي» ويجب ان يراه الآخر هكذا... وجه مفعم بالكرامة في بلد ديمقراطي... كل هذا لابد وأن يكون مترابطا ضمن علاقة نسقية systémique... وهذا ما يجعل منا شركاء على نفس قدم المساواة.
أما الحدث الثاني فهو على مستوى الاعلام السمعي البصري، وأعني مباشرة تكوين الصحفيين أتمنى أن ينكب تكوين الصحفيين في هذه المرحلة الانتقالية نحو تأمين العلاقة بين المواطن والمؤسسات الديمقراطية... مع استيعابهم أنهم ممثلو اعلام يمثلون ديمقراطية لها مكانتها في العالم...
في نفس النسق الذي تبحثين فيه، كيف ترين المشهد السياسي ما بعد الثورة... ثمانون حزبا وأكثر... هل أن ذلك مرده الى أن مدة تكميم الأفواه في تونس طالت أكثر من خمسين عاما، أم هو أمر يحمل فوضى... أم هو مشهد مخيف وبلا مراقبة أو تحكم؟... كيف ترين الأمر حقيقة؟
من منطلق نسقي systemique أعود وأقول: لا شيء يفاجئني... ولا شيء من هذا الذي ذكرت يبعث في الاستغراب... فالتونسي عاش 56 سنة بلا رأي... علني... ولا مشاركة سياسية... تبعه ذلك أو تضمنه نوع من الألم... والمعاناة... والاحباط...
واذا كانت لهذا المشهد المتعدد حزبيا بشكل كبير وملفت كما ذكرت، اذا كانت له مزية واحدة... فهي بالضرورة ستكون على الأقل الاعتراف.... هناك دافع شخصي لكل تونسي، يتمثل في أن عملية الاعتراف به ك«رأي» و«موقف» وهذا في حد ذاته انتصار للثورة... وانتظار من انتظارات التونسي الذي ثار على السائد... من منظار العلاج النفسي (الذي تختص فيه السيدة نابلطان) هكذا لابد أن ننظر الى الظاهرة.
من جهتي كمختصة في العلاج النفسي أفهم هذه الحاجة الملحة عند التونسي أكثر من أنني استغرب من وجود أكثر من ثمانين حزبا... وسوف يصنع التونسي محاذيره وحدوده.... عبر صندوق الاقتراع... لا ننسى أن مجرد الكلام في الشأن العام كان محرم... وينال صاحبه المقدم عليه عقاب... اذن أمر عادي أن تعلو الأصوات بقوة الآن وبشكل متعدد وملفت من حيث كثرته...
طيب، لنواصل على نفس نهج البحث، الذي يغوص في الذات البشرية، هناك الكثير من الأفكار والتصورات من أجل مشهد ديمقراطي تعددي، لكن يحدث ان هناك الكثير منها، وكأنه معلب وقادم من خارج حدود ومكونات الذات... التونسية، وسؤالي لا يعني البتة أن نصنع ديمقراطية خاصة بنا، ولكن الحد الأدنى، أن نستنطق الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والانساني، حتى نؤسس لمشهد سياسي تعددي فيه الآراء مختلفة من أجل بناء تونس الوطنية الديمقراطية؟
لا يمكن أن نتصرف الا في الزمن الحاضر أمامنا العديد من التجارب المختلفة ومنها ما هو سابق في التاريخ... وهذا غير مقنع... أي أن تكون مثالا لنا... قلت في البداية: لا يمكن ان نتصرف الا في الزمن الحاضر... لأن نقل تجارب أخرى... بعيدة عنا ثقافيا... وتاريخيا... لن تؤدي الى شيء.. فهذا حوار وجدل... لا يوصلنا الى هدف... طريقة Copier coller (قص ولصق) واقع مختلف، لا تجدي نفعا... خصوصيتنا تاريخية وجغرافية وثقافية...
كيف تنظرين الى التدخل الخارجي الفج... أي المسلح مثلا في تغيير أوضاع ما؟
هذا الأمر عشناه في تاريخنا الماضي مع الاستعمار حين يأتي بعناوين الحداثة والتحديث وبث الحضارة... ومؤخرا مع أمريكا وتدخلاتها عبر العالم... لكني أقول ولا أذيع سرا... هولاء يرعون ويؤمنون مصالحهم... وإلا لماذا يتدخلون بقوة عسكرية في ليبيا، أين يسكن النفط باطن الأرض، ولا يتدخلون في اليمن أو البحرين؟
وفي هذا الصدد، أقول انني أدعو دائما الى رفع الرأس... ارفع رأسك حتى لا تدع الآخر يسيطر عليك... فعندما تنبطح، يطلب منك الفعل ورد الفعل...
العالم، يا سيدتي، لا يمكن ان يكون فاضلا... في يوم وليلة... يجب ان تكون عندي القدرة بأن أقر أن حريتي تقف عندما تبدأ حرية الآخر... وهذه أساس الديمقراطية.
ان القدرة الكامنة في الانسان، وهي متنوعة وثرية ثراء واضحا، هي التي تميز هذا الانسان عن ذاك... ان الديمقراطية ستعلمنا الكثير... وأولها أن نعود الى أصولنا المتحضرة... ونحن أصولنا متحضرة... والديمقراطية كامنة أسسها فينا... فأنا لا تهمني نوايا الآخر تجاهي... نواياه السلبية خاصة... بالمقابل يجب ان أتعلم كيف أضع الحدود وأبلورها من أجل أن يتم احترامي... من الآخر... وهذا هو الأسلوب النسقي في العلاقة... وهذا النهج طبعا سيوفر علينا الاتكاء على شماعة المؤامرة... نحن ندرب الناس حتى يرجعوا الى أصولهم: الرأس مرفوع وليس مطأطأ...
في تونس اليوم، لابد من تأمين الانتقال الديمقراطي... وكيفية ادارة عملية الانتقال... وأساسها أن يتواصل التونسيون مع بعضهم البعض... الدليل أننا في نفس المنظومة، أنظري «الفايس بوك» كيف يتواصل التونسيون، يتفقون ويختلفون دون أن يتقابلوا وجها لوجه... فهذا تأكيد آخر بأننا نفس المنظومة... ولكن لنوجه الدعوة لأنفسنا جميعا: «تعالوا نفكر في تونس سويا»...
هل أنت متفائلة؟
سأبقى متفائلة الى حدود ثواني قبل انتقالي الى العالم الآخر... لأنني مفعمة بحب تونس أتذكر هنا ألبير انشتاين في قولته الشهيرة:
«Le mal existe, quand le coeur ne connait plus l› amour» يوجد الشر عندما يقطع القلب مع الحب»...
وهنا لا أدري ان كان الحب هو مكون من مكونات ديمقراطيتنا... في علاقاتنا...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.