وزارة النقل: شحن الدفعة الأولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين قريبا    كأس أمم إفريقيا 2025: السودان وغينيا الاستوائية في اختبار حاسم لإنعاش آمال التأهل    النادي الصفاقسي: الكشف عن الحالة الصحية للاعبين إثر نهاية تربص سوسة    عاجل/ حجز يخوت ودرجات نارية فاخرة: تفاصيل تفكيك وفاق دولي لترويج المخدرات يقوده تونسي..    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    إيقافات جديدة في فضيحة مراهنات كرة القدم    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية: محرز بوصيان يواصل رئاسة اللجنة    الإتحاد الإسباني لكرة القدم يسلط عقوبة قاسية على نجم نادي إشبيلية    عاجل/ بعد اعتراف الكيان بأرض الصومال: حماس تصدر هذا البيان وتفجرها..    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    الرياض تحتضن الدورة 12 للجنة المشتركة التونسية السعودية    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    قابس: نجاح جديد بقسم طب العيون بالمستشفى الجامعي بقابس    عاجل/ تنبيه: انقطاع التيار الكهربائي غدا بهذه المناطق..    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    تقدم أشغال بناء المستشفى الجهوي بالقصرين مع توقع انطلاق استغلاله بداية السنة    حصيلة لأهمّ الأحداث الوطنية للثلاثي الثالث من سنة 2025    كرهبتك ''ن.ت''؟ هذا آخر أجل لتسوية الوضعية؟    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    قابس: تقدم مشروع اصلاح أجزاء من الطرقات المرقمة بنسبة 90 بالمائة    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    بعد ليلة البارح: كيفاش بش يكون طقس اليوم؟    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    التشكيلة المحتملة للمنتخب التونسي في مواجهة نيجيريا    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    الركراكي: التعادل أمام مالي كان محبطًا لكنه سيكون مفيدًا مستقبلاً    تنفيذا لقرار قضائي.. إخلاء القصر السياحي بمدنين    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    مانشستر يونايتد يتقدم إلى المركز الخامس بفوزه 1-صفر على نيوكاسل    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    ألمانيا.. الأمن يطلق النار على مريض بالمستشفى هددهم بمقص    فرنسا.. تفكيك شبكة متخصصة في سرقة الأسلحة والسيارات الفارهة عبر الحدود مع سويسرا    مزاجك متعكّر؟ جرّب هذه العادات اليومية السريعة    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    الإتفاق خلال جلسة عمل مشتركة بين وزارتي السياحة والفلاحة على إحداث لجنة عمل مشتركة وقارة تتولى إقتراح أفكار ترويجية ومتابعة تنفيذها على مدار السنة    نشرة متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..#خبر_عاجل    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    الأحوال الجوية: وضع ولايات تونس الكبرى ونابل وزغوان وسوسة تحت اليقظة البرتقالية    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    القيروان: حجز كمية من المواد الغذائية الفاسدة بمحل لبيع الحليب ومشتقاته    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    السجن المؤبد لصاحب شركة وهمية أغتصب طالبة وقتلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحثة زينب نابلطان ل«الشروق»: حلمي أن أرى تونس حرّة ديمقراطية


تونس «الشروق»:
المقاربة النسقية (L' approche systemique) ديدنها... والبحث العلمي في مجال العلوم الانسانية نهجها...
كما عرفتها منذ عشرين عاما... إمرأة مفعمة بالحيوية... وبحب البلاد والعباد... في هذه الأرض الطيبة...
ما فتئت تنادي بقيم مسكونة فينا... وكامنة في الذات التونسية....
بعد الثورة... أطلقتها عاليا: ارفع رأسك إنك تونسي...
تعيش اليوم على حلم... يسكنها حلم عنوانه: تونس تتصدر مكانة عليا في هذا العالم...
الأمر ليس أدبا... ولا هو بالشعر... بل عمل دؤوب تقوم به الباحثة زينب نابلطان، ضمن فريق عمل أمريكي أوروبي قوامه: البحث... والتكوين... لم يتغير نشاطها... ولا حيويتها... بل ان ثورة 14 جانفي دفعتها دفعا نحو مزيد التعمق في البحث وفي السبل التي تؤمن هذه الفترة الانتقالية من حياة تونس السياسية...
هاجسها الآن يتمحور حول سؤال: كيف يمكن للأحزاب ولمكونات المجتمع المدني، أن تؤمن الانتقال الديمقراطي... فالديمقراطية تقدم زينب نابلطان بحاجة الى كفاءات انسانية...
السيدة زينب نابلطان هي جامعية وباحثة متخرجة من جامعة «السوربون» بباريس، في مجال العلوم الانسانية، وهي باحثة ضمن فريق عمل أمريكي فرنسي...
في مجال التكوين، تبحث مع فريقها، عن العناصر الكامنة في الذات البشرية من خلال وسائل وأهداف بحث متطورة، مما جعلها تستخلص مثلا: بأن التونسي ديمقراطي بطبعه... وأن الديمقراطية والتحضر، عناصر كامنة فينا، ولسنا بحاجة الى الآخر القادم من وراء البحار، ليعلمها لنا في شكل قوالب مستوردة، لا تستجيب الى شروط التاريخ ولا الجغرافيا...
سألتها في البداية وهي التي ترأس جمعية «فضاء أرض التسامح» التي يشارك فيها محاميان وطبيب جراح وأربعة مدربين (خبراء دوليين) وديبلوماسي وصناعي مهندس، وقد تأسست الجمعية منتصف فيفري الفارط، عن الديمقراطية، وهل يمكن ان يخضع الانسان الى تدريب في مجال الديمقراطية حتى يصبح ديمقراطيا؟
جاء ردها تتخلله ابتسامة، لتقول: الديمقراطية بحاجة الى كفاءات انسانية...
الانسان مسكون بالقيم الديمقراطية، وعملية التدرب لا تغدو أن تكون عملية استخراج لطاقات كامنة في الانسان، كذلك الأمر بالنسبة الى التدريب على اتخاذ مكان الزعامة والقيادة... فهناك طاقات في هذا الاتجاه، تكمن في ذات بشرية دون أخرى... والحقيقة ان عندي حلم «I have a dream» كما قالها «لوثر كينغ» آخر الستينات في أمريكا... حلمي أنا أن أتوفق مع الفريق الذي أعمل معه، في تدريب نخبة يمكن ان تقود تونس كما فعل فريق مماثل مع أوباما...» نعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما خضع الى تدريب «coaching»... فمثل هذه الدورات التي تتحدث عنها الباحثة زينب نابلطان هي التي تفرز النخب والزعامات...
لماذا هذه الجمعية التي ترأسين، وما هي مهامها... وماذا تنتظرون كفريق من انجازات، خاصة وأنها تأسست بعد الثورة؟
ما نقوم به هو جزء من اضاءات من زاوية العلوم الانسانية... الدورات التدريبية التي نؤمنها، تستهدف الأحزاب، وكيفية تأمين عملية الانتقال (الديمقراطي)... وكذلك الجمعيات والشباب وكل «التونسيين».
هنا سألت محدثتي: لماذا فكرت بهذه الطريقة في مسألة الانتقال الديمقراطي؟ قالت: «اللقاءات بين الناس من أجل التحاور والاختلاف والالتقاء حول مصير وواقع تونس، لم تكن لترى النور، لولا هذه الثورة... والديمقراطية تعني أول ما تعني أن يتجالس الجميع مع بعضهم البعض... ونحن، ضمن هذه الورشات التي ننجزها نسعى الى أن يعرف الشباب بعضه البعض... الديمقراطية لا ترى النور، الا متى تحلى الفرد بالواجبات قبل الحقوق...
ما يشهده العالم اليوم، هو عودة وعي... عودة وعي جماعي عالمي، لأن عالمنا يعاني من أزمة نظام وأزمة منظومة...
ألا تعتقدين أن العوائق متعددة، من تلك التي تقف أمام انتقال ديمقراطي حقيقي في تونس مثلا؟
نعم... أنا واعية بكل أصناف العوائق والمعوقات التي تقف أمام المسار... ولكن اذا عملنا بطريقة واقعية وقابلة للتطوير فسوف نسرع ب«اسكان» الديمقراطية في المكان الذي يجب ان تكون فيه... في البيئة التي بها جديرة... فالديمقراطية الحقة هي التي تنطلق من الذات... من داخل حاجاتنا وانتظاراتنا من آمالنا ومن أحلامنا... هكذا أرى تونس والتونسيين... نحن كتونسيين، اذا لا تلبسنا الديمقراطية لبوسا من الداخل فإنها لن تفلح... ويمكن ان أقول لك انني الى حد الآن، وبعد أن أنجزنا عددا من الحوارات والورشات، للبحث في سبل الانتقال الديمقراطي وأقصد المرحلة الانتقالية برمتها، وهي أفكار تطرح داخل عمل الفريق ككل فإننا نستطيع أن نحقق أهدافنا وانتظاراتنا من المهمة التي ننجزها أنا متفائلة، لأن الأفكار التي ألاحظ طرحها ضمن عمل الفريق، تبعث على هذا التفاؤل الذي أبديته...
شخصيا أنطلق دائما من «حلم» عندي حلم... فهذه الجملة حين نطقها أوباما في البيت الأبيض «أنا عندي حلم»، أتت بأوباما الى البيت الأبيض...
ما هي آخر المواضيع التي تشتغل عليها السيدة زينب نابلطان ضمن فريق العمل المذكور؟
مؤخرا، راج حديث فيه أخذ ورد، حول تأخير انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وكان السؤال يتعلق بالاعلان عن هذا التأخير على صعيد المعلومة طبعا... نحن كمواطنين تقبلنا المعلومة أو الخبر على أساس أن التأخير جاء نتيجة غياب الجانب «اللوجستي»، وهنا تنبعث الأسئلة هكذا بدون تفكير: ما معنى «لوجستيك»؟
وهذا ما يحيل 12 مليون تونسي على مفردتين وهم يتلقون المعلومة: التأخير واللوجستيك، بحيث أصبحت المفردة الثانية (لوجستيك) هي السبب لاعلان الأولى (التأخير).
هكذا وصلت الصورة الى ذهن المواطن التونسي.
السؤال الثاني الذي يتبادر الى الذهن، لنفس المناسبة: الذين أصدروا القرار، هل يعنيهم كيف وصلت الرسالة؟ هل فكروا في الجمهور (المواطنون) وكيف سيكون وقع المعلومة عليهم... ان الكلمة هي الرمز... لذا عليهم ان يتوقفوا عن اعتماد سحر الكلمة اذن كل من يتفوه بكلمة، عليه أن يعطيها توضيحها ومحاملها... احتراما للآخرين... احتراما للمتقبل... وهذه شروط الديمقراطية...
أما السؤال الثاني الذي يفرض نفسه على المعنيين بأمر الخبر الذي يعلن تأخير الانتخابات فهو ينص: هل فكرتم في ان تنظم فضاءات حوار سواء في الاعلام المرئي والسعمي أو من خلال فضاءات الجمعيات حتى تجيبوا المواطن وترضوا تطلعاته؟...
ان الفكرة تلد أخرى.... وكلمة تجيب عن أخرى، لذا أقول ان هذا هو سؤالي الى الذين أعلنوا عن أن الانتخابات التي كانت مقررة ليوم 24 جويلية القادم ستؤخر الى يوم آخر، بسبب عدم توفر الجانب «اللوجستي»...
هنا لابد وأن أوضح: لست هنا بصدد اعطاء رأيي في هذا التوقيت أو ذاك لعملية الانتخابات...
أنا دوري أن أبحث وأبرز ما يمكن ان يحدثه خبر مثل الذي ذكرت على نفسية الناس... أنا أتحدث في نطاق مسؤوليتي المعتمدة على رصد المعلومة والتواصل وعلاقتهما في اقناع المتقبل...
لماذا وقفت عند هذا المستوى، ولماذا تتكلمين هكذا... هل أنت كباحثة وفريق تدريب، تعنين بالمواطن من حيث مكوناته الانسانية، أم أنت حريصة على تجربة ديمقراطية، لكي ترى النور، لابد من تحضير الفترة الانتقالية جيدا؟
تكلمت هكذا لأن المعلومة كرسالة تقدم في شكل قرار، لابد أن تحمل في ذاتها الوضوح والمرونة معا... يعني أن المعلومة المقدمة، لابد وأن تعتني برد فعل المواطن ولا يلقى بها هكذا من «السماء»... القاء... وينتظر من المواطن أو المتقبل فقط القبول والاذعان دون أن يحسب حساب لانتظاراته... وأحلامه... وأسئلة الحيرة التي تخالج نفسه...
ان معنى الاعلان والاتصال، هما نقطتان تكمن أهميتهما في تلك العلاقة الجدلية التي تربط الواحدة بالأخرى... ان مهمة الباث، لا تكمن في صدقية أو حجم المعلومة التي يدفع بها نحو المتقبل بل في مدى استيعابها كرسالة، لانتظارات المتقبل... لذلك أدفع بالسؤال التالي: أنت يا من دفعت بالمعلومات أو الخبر أو الرسالة بأن انتخابات المجلس التأسيسي تتأخر لأن السبب لوجستيكي، ثم تصمت وتقف عند هذا الحد، هل توقعت رد فعلي كمواطن كمتقبل؟... لماذا ترعبني ولماذا تخيفني هكذا بكلمتين فقط: تأخير موعد الانتخابات والسبب لوجستي؟ هنا أيضا أجدني أشير بالبنان الى الأحزاب والمنظمات وماذا فعلت مع هذه المعلومة وطريقة الدفع بها نحو المتلقي ومدى القطع أو تجاوز نظام الحاكمية السابق «L› ancien mode de gouvernance»؟ إن أول محطة للديمقراطية، هي معرفة ادارة الذات البشرية والتعامل معها... حتى تنجح الديمقراطية...
ماذا استخلصت اذن من هذه الحادثة؟
من زاوية نظري، يبدو أن هناك القليل من العقلانية في طريقة التعامل... مع المتلقي، كذلك الشأن بالنسبة للمتلقي الذي عادة ما يتصرف مع المعلومة الغامضة، أو التي يغيب عنها الوضوح، برد فعل فيه عنف: كمواطن اذا لم أفهم شيئا فإن العنف هو الذي يصدر عني أولا...
فكل شخص أو إنسان يتميز بالذكاء والانطباع... وانعكاس الطبيعة على ذاته... والجغرافيا والثقافة...
كيف تناولت، كباحثة، المعلومة الصادرة عن اجتماع مجموعة الثمانية والتي أعطت، اعلاميا، مكانة خاصة لتونس...؟
في الحقيقة، كمهتمة بمسار البناء الديمقراطي، احتفظ بحدثين: أولهما قمة مجموعة الثمانية (الأكثر تطبيعا) «بدوفيل» بفرنسا، وما نتج عنها من قرارات خاصة ما يهم أصحاب الشهائد التونسيين... فهذه المسألة تهم الكثير من الجمعيات... نحن متوسطيون نعم، ومن خلال موقعنا الجغرافي لنا شركاء... ولكن يجب ان تكون الشراكة على نفس قدم المساواة... في حوار يضمن خصوصيتنا، من ايماننا وثقافتنا وطريقة تفكيرنا وكذلك الأحداث التي همت تاريخنا... يجب ان تتحلى بما هو فينا: ذات قوية ومرفوعة الرأس...
«Figure Forte»
والقولة التي أراها مناسبة: «أنا تونسي» ويجب ان يراه الآخر هكذا... وجه مفعم بالكرامة في بلد ديمقراطي... كل هذا لابد وأن يكون مترابطا ضمن علاقة نسقية systémique... وهذا ما يجعل منا شركاء على نفس قدم المساواة.
أما الحدث الثاني فهو على مستوى الاعلام السمعي البصري، وأعني مباشرة تكوين الصحفيين أتمنى أن ينكب تكوين الصحفيين في هذه المرحلة الانتقالية نحو تأمين العلاقة بين المواطن والمؤسسات الديمقراطية... مع استيعابهم أنهم ممثلو اعلام يمثلون ديمقراطية لها مكانتها في العالم...
في نفس النسق الذي تبحثين فيه، كيف ترين المشهد السياسي ما بعد الثورة... ثمانون حزبا وأكثر... هل أن ذلك مرده الى أن مدة تكميم الأفواه في تونس طالت أكثر من خمسين عاما، أم هو أمر يحمل فوضى... أم هو مشهد مخيف وبلا مراقبة أو تحكم؟... كيف ترين الأمر حقيقة؟
من منطلق نسقي systemique أعود وأقول: لا شيء يفاجئني... ولا شيء من هذا الذي ذكرت يبعث في الاستغراب... فالتونسي عاش 56 سنة بلا رأي... علني... ولا مشاركة سياسية... تبعه ذلك أو تضمنه نوع من الألم... والمعاناة... والاحباط...
واذا كانت لهذا المشهد المتعدد حزبيا بشكل كبير وملفت كما ذكرت، اذا كانت له مزية واحدة... فهي بالضرورة ستكون على الأقل الاعتراف.... هناك دافع شخصي لكل تونسي، يتمثل في أن عملية الاعتراف به ك«رأي» و«موقف» وهذا في حد ذاته انتصار للثورة... وانتظار من انتظارات التونسي الذي ثار على السائد... من منظار العلاج النفسي (الذي تختص فيه السيدة نابلطان) هكذا لابد أن ننظر الى الظاهرة.
من جهتي كمختصة في العلاج النفسي أفهم هذه الحاجة الملحة عند التونسي أكثر من أنني استغرب من وجود أكثر من ثمانين حزبا... وسوف يصنع التونسي محاذيره وحدوده.... عبر صندوق الاقتراع... لا ننسى أن مجرد الكلام في الشأن العام كان محرم... وينال صاحبه المقدم عليه عقاب... اذن أمر عادي أن تعلو الأصوات بقوة الآن وبشكل متعدد وملفت من حيث كثرته...
طيب، لنواصل على نفس نهج البحث، الذي يغوص في الذات البشرية، هناك الكثير من الأفكار والتصورات من أجل مشهد ديمقراطي تعددي، لكن يحدث ان هناك الكثير منها، وكأنه معلب وقادم من خارج حدود ومكونات الذات... التونسية، وسؤالي لا يعني البتة أن نصنع ديمقراطية خاصة بنا، ولكن الحد الأدنى، أن نستنطق الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والانساني، حتى نؤسس لمشهد سياسي تعددي فيه الآراء مختلفة من أجل بناء تونس الوطنية الديمقراطية؟
لا يمكن أن نتصرف الا في الزمن الحاضر أمامنا العديد من التجارب المختلفة ومنها ما هو سابق في التاريخ... وهذا غير مقنع... أي أن تكون مثالا لنا... قلت في البداية: لا يمكن ان نتصرف الا في الزمن الحاضر... لأن نقل تجارب أخرى... بعيدة عنا ثقافيا... وتاريخيا... لن تؤدي الى شيء.. فهذا حوار وجدل... لا يوصلنا الى هدف... طريقة Copier coller (قص ولصق) واقع مختلف، لا تجدي نفعا... خصوصيتنا تاريخية وجغرافية وثقافية...
كيف تنظرين الى التدخل الخارجي الفج... أي المسلح مثلا في تغيير أوضاع ما؟
هذا الأمر عشناه في تاريخنا الماضي مع الاستعمار حين يأتي بعناوين الحداثة والتحديث وبث الحضارة... ومؤخرا مع أمريكا وتدخلاتها عبر العالم... لكني أقول ولا أذيع سرا... هولاء يرعون ويؤمنون مصالحهم... وإلا لماذا يتدخلون بقوة عسكرية في ليبيا، أين يسكن النفط باطن الأرض، ولا يتدخلون في اليمن أو البحرين؟
وفي هذا الصدد، أقول انني أدعو دائما الى رفع الرأس... ارفع رأسك حتى لا تدع الآخر يسيطر عليك... فعندما تنبطح، يطلب منك الفعل ورد الفعل...
العالم، يا سيدتي، لا يمكن ان يكون فاضلا... في يوم وليلة... يجب ان تكون عندي القدرة بأن أقر أن حريتي تقف عندما تبدأ حرية الآخر... وهذه أساس الديمقراطية.
ان القدرة الكامنة في الانسان، وهي متنوعة وثرية ثراء واضحا، هي التي تميز هذا الانسان عن ذاك... ان الديمقراطية ستعلمنا الكثير... وأولها أن نعود الى أصولنا المتحضرة... ونحن أصولنا متحضرة... والديمقراطية كامنة أسسها فينا... فأنا لا تهمني نوايا الآخر تجاهي... نواياه السلبية خاصة... بالمقابل يجب ان أتعلم كيف أضع الحدود وأبلورها من أجل أن يتم احترامي... من الآخر... وهذا هو الأسلوب النسقي في العلاقة... وهذا النهج طبعا سيوفر علينا الاتكاء على شماعة المؤامرة... نحن ندرب الناس حتى يرجعوا الى أصولهم: الرأس مرفوع وليس مطأطأ...
في تونس اليوم، لابد من تأمين الانتقال الديمقراطي... وكيفية ادارة عملية الانتقال... وأساسها أن يتواصل التونسيون مع بعضهم البعض... الدليل أننا في نفس المنظومة، أنظري «الفايس بوك» كيف يتواصل التونسيون، يتفقون ويختلفون دون أن يتقابلوا وجها لوجه... فهذا تأكيد آخر بأننا نفس المنظومة... ولكن لنوجه الدعوة لأنفسنا جميعا: «تعالوا نفكر في تونس سويا»...
هل أنت متفائلة؟
سأبقى متفائلة الى حدود ثواني قبل انتقالي الى العالم الآخر... لأنني مفعمة بحب تونس أتذكر هنا ألبير انشتاين في قولته الشهيرة:
«Le mal existe, quand le coeur ne connait plus l› amour» يوجد الشر عندما يقطع القلب مع الحب»...
وهنا لا أدري ان كان الحب هو مكون من مكونات ديمقراطيتنا... في علاقاتنا...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.