مهما كانت الاسباب والدوافع الكامنة وراء الاحداث المأساوية التي شهدتها مدينة المتلوي، فإنها تبقى مرفوضة على طول الخط، ولامكان لها في تونس الحديثة التي استعادت حريتها وكرامتها... تونس الحديثة صارت الآن مضرب الأمثال وصارت قبلة تتطلع اليها كل الشعوب، ترقب بانتباه وباعجاب شديدين هذا المولود وهو يخطو خطواته الاولى ويرسم للبشرية ملامح تجربة فريدة، ضاربة في التحضّر والمدنية وفي الاعتدال... وهذه من مكونات الشخصية التونسية على مر العصور. لماذا حدث في المتلوي ما حدث؟ ولماذا تفجّر كل ذلك الحقد بين ابناء الوطن والبلدة وبين الاجوار والأقارب؟ اسئلة تبقى اجوبتها برسم الدوائر الأمنية والتحقيقات التي سوف تكشف المخفي وتعرّي المستور... ومهما يكن الاسباب ومهما يكن الاشخاص أو الجهات الذين يسحبون خيوط الفتنة ويصبّون الزيت على نار العروشية التي خلنا ان شعبنا ودّعها الى غير رجعة فإن المجموعة الوطنية تجد نفسها امام امتحان صعب... امتحان لا خيار ثالث امامنا اما ان ننجح او ننجح فيه لأن مستقبل بلادنا وشعبنا معلق بنجاحنا في اجتياز هذه المحنة وفي النجاح في هذا الامتحان... فإن كانت الأسباب تنموية وتتعلق بالخلاف حول نصيب كل طرف من مواطن الشغل، نقول بأن الشغل حق مقدس للجميع وأن الجهات المسؤولة وكل فئات الشعب من باب تحمل المسؤولية ومن باب التكافل والتضامن مطالب بالتعجيل بتوفير مواطن الشغل للجميع حتىنفكك هذه «القنبلة الموقوتة» نهائيا ونعيد جسور الوئام والمحبة والتعايش بين أبناء المتلوي. وأما إذا كانت هذه الأحداث الدامية بفعل فاعل... فعلى التحقيقات ان تأخذ مداها وان تذهب الى الآخر لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المتورطين في زرع الفتنة وتغذيتها اشد واعسر حساب... وعلى الدوائر الامنية ثم القضائية ان تتحرك بسرعة ل «تفكيك» هذا اللغم من خلال محاكمات شفافة وعاجلة وتكشف كل خيوطها امام الشعب لتكون عبرة لأصحاب الانفس المريضة ولنئد هذه الفتنة في مهدها وننصرف الى انجاز ما ينفع البلاد والعباد في كنف الوحدة الوطنية والتوافق.