يتميز شهر ماي بخاصية موسمية تربط بين فصلين من السنة يعمد خلالها المستهلك الى طي عادات يغلب عليها الطابع الشتوي من غذاء ولباس وتجهيزات موليا اهتماماته الى نوعية استهلاكية مغايرة، مركّزا بذلك على المتطلبات الترفيهية ونوعية جديدة من اللباس والمصوغ والتجهيز المنزلي. من أهم النتائج التي أمدّنا بها المعهد الوطني للإحصاء إثر البحث الميداني الخاص بتطور أسعار الاستهلاك العائلي طيلة شهر ماي 2011 نشير الى ان أسعار المواد الغذائية الفلاحية منها والصناعية لم تتعد نسبة نموها 0.1٪ تحت تأثير الانخفاضات التي لحقت أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 0.9٪ وأسعار البيض بنسبة 1.6٪ وذلك رغم الزيادات التي أبرزتها أسعار الخضر بنسبة 1.4٪، المشروبات 0.7٪ والغلال 0.5٪. أما في ما يخص الملابس والاحذية فقد تطورت أسعارها مرتفعة الى مستوى 0.5٪ نتيجة غلو أسعار الملابس الجاهزة والاحذية المعدة للموسم الصيفي والتي تعرض لأول مرة. وقد كان لقطاع السكن المردود الأوفر في المعدل الشهري العام لتطور الاسعار حيث سجل أعلى مستوى شهري قدّر ب0.9٪ تحت تأثير الزيادات الهامة لأسعار مواد البناء بنسبة 6.6٪ والمرشحة للارتفاع مجددا على ضوء الانفلاتات التي يعيشها هذا القطاع مع غياب المراقبة الادارية. ويعدّ شهر ماي من كل سنة فترة التجهيزات والتأثيث المنزلي نظرا لإقبال العائلات على موسم التفرغ الى النشاطات الصيفية من أفراح واصطياف فتكون فرصة سانحة لأصحاب المحلات التجارية لتوفير السلع الجديدة وتحسين الخدمات على وقع منافسة كبيرة وحركة استثنائية للبيع والشراء تنمو على إثرها الاسعار فكانت كالتالي الأثاث والتجهيز المنزلي زايد 0.5٪ المطاعم والنزل وخدمات أخرى زايد 0.3٪. كان لهذه التطورات الطفيفة لأسعار البيع عند التفصيل انعكاس ايجابي على نسبة التطور السنوي لتضخم أسعار الاستهلاك العائلي التي حافظت على مستوى يعد من أحسن المستويات السنوية ويعود للفترة الفاصلة بين شهري ماي 2010 و2011 بتناسق مع مستوى معدل الخمسة أشهر الاولى من السنة الجارية والمقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية في حدود 3.1٪ نسبة استقرت منذ شهر مارس المنقضي. ويعود ذلك للمجهودات الجبّارة المبذولة من طرف جميع القوى الفاعلة لاحتواء مستوى تدهور القيمة الشرائية للمستهلك قصد المحافظة على السلم الاجتماعية الضرورية لهذا الظرف الخاص لدفع عجلة النمو. وباللجوء الى الضغط على أسعار بعض المواد ومنها المدعمة والمتكوّنة من أهم المواد الأساسية وتمثل أكثر من 33٪ من ميزانية المستهلك مما أثقل ميزانية الدولة وهي عازمة على مواصلة هذه الخيارات الاقتصادية لخلق توازن اجتماعي واقتصادي في البلاد. وتقلصت نسبة نمو أسعار المواد المؤطرة الى 45٪ مقارنة بما كانت عليه في السنة الفارطة لتبقى في حدود 1.4٪ بعد ما كانت 2.6٪ أما الأسعار المحررة فقد نمت بنسق أكثر بطءا مقارنة بسنة 2010 لتبقى في مستوى 3.9٪ مقابل 5.8٪. انها خيارات صعبة في ظروف استثنائية كانت في الاهتمامات الرئيسية للحكومة التي أقرّت رغم كل التحديات الخارجية المتمثلة في ارتفاع أسعار المواد الأساسية في السوق العالمية مثل الحبوب والسكر والزيوت النباتية والمحروقات ان تضاعف في حجم الميزانية المخصصة لصندوق الدعم للإحاطة اللازمة بالمستوى المعيشي للمستهلك والتصدي للمزايدات اللامشروعة وتوفير الأمن الغذائي للمواطن التونسي. إن العناية الموجهة خاصة للقطاع الفلاحي كمصدر أساسي لجل المواد الغذائية حظيت بعزيمة صادقة من لدن كل القوى الفاعلة والمجتمع المدني لضمان الاكتفاء الغذائي وتزويد السوق بدون خلل لتعديل الأسعار فنجد أن أسعار المواد الفلاحية قد تطورت بمعدل سنوي ناهز 3.4٪ لسنة 2011 مقابل 10.2٪ لنفس الفترة من السنة الماضية مما أضفى اعتدالا ملحوظا على أسعار المواد الغذائية الفلاحية التي بقيت في مستوى 2.8٪ لهذه السنة مقابل 7.8٪ للسنة الفارطة. كما أن أسعار مواد الصناعات المعملية والخدمات قد ناهزت ارتفاعا يكاد يكون عاديا وهي على التوالي 3.1٪ و3.3٪ رغم التقلبات التي عرفها القطاع الصناعي وسوق الخدمات.