في مثل هذا التوقيت من كل سنة ومع بدايات فصل الصيف ترتفع أصوات منبهات السيارات مع اطلالة كل غروب معلنة عن قدوم موكب لحفل زفاف ومرور آخر في اتجاه احدى قاعات الأفراح، ولفت أبصارنا مشاهدة الطوابير المزدحمة على المحلات التجارية المخصصة لبيع مستلزمات الأفراح وحفلات الزواج أما الآن فبالكاد تنتبه الى ذلك. كل المؤشرات باتت تتحدث عن موسم أفراح وأعراس بعيد عن المعتاد وتقلص غير منتظر في عدد الحفلات المبرمجة لأسباب قيل ان لها علاقة بتبعات الثورة والتغيرات السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد. «الشروق» توجهت الى أكثر الاطراف المعنية بحفلات الزواج والأعراس وحرصت على أن ترصد الحقيقة من موقعها. كانت الانطلاقة من داخل أروقة سوق العطارين بالمدينة العتيقة أين التقينا عددا من التجار وباعة مستلزمات الأفراح والأعراس حيث أكد جميعهم أن اقبال الحرفاء لم يبلغ مستواه المعتاد وكل المؤشرات توحي بأن هذا الموسم لن يكون كسابقيه حيث خفت الطلبات وتأثر حجم المداخيل مقارنة بما كانت عليه واعتبر العديد منهم أن طبيعة الوضع السياسي في البلاد وآفاق المرحلة المقبلة ربما أجلت التفكير بالنسبة الى أكثر العائلات في اقامة ارتباطات أسرية الى حين بلوغ الدرجة المطلوبة للاستقرار الاجتماعي. الاشاعات أضرت بالمداخيل السيد نبيل بلحاج وكيل لقاعة أفراح بأحد الأحياء المتاخمة للعاصمة قام بمقارنة موثقة بين الحجوزات المسبقة للسنة الفارطة وهذا الموسم كاشفا عن تقلص بشكل رهيب واعتبر ذلك نتاجا طبيعيا لانخفاض معدلات الزواج بسبب التغيرات السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد وعدم اتضاح الرؤية بشأن المصير السياسي وموعد الانتخابات الرئاسية. زميل له في نفس القطاع ويدعى خالد. قال انه في غياب الارقام الرسمية لا يمكن الجزم بأن هناك انخفاضا في معدلات الزواج لكنه أكد أن عدد الحرفاء قد تقلص بنسبة كبيرة مفسرا ذلك بتدفق وتواتر الاشاعات على مسامع المواطن التونسي بخصوص الانفلات الأمني وتعمد مجموعات من المنحرفين اقتحام القاعات ليلا بغاية السلب مما دفع بالعديد من المقبلين على الزواج الى الاكتفاء بمراسم بسيطة. كراء الفساتين وركود محير من المشاريع التي تدر أرباحا كبيرة على أصحابها محلات كراء الفساتين. السيدة منية بن عربية صاحبة احدى هذه المحلات تقول ان تدفق الحرفاء عليها لم يكن بالشكل الذي اعتادته منذ مواسم واعتبرت أن الاضطراب الحاصل في تحديد موعد الانتخابات الرئاسية جعل العديد من المقبلين على الزواج يؤجلون حفلاتهم الى حين، وبالتالي تقلص المداخيل وهي ترجو أن تؤخذ بعين الاعتبار خصوصية هذه الفترة والتخفيض في حجم الاداءات المفروضة على تجارتهم. السيدة سهام بن رجب صاحبة مشروع في نفس الميدان أكدت أنها باتت تفكر بجدية في اغلاق المحل والتفريط في البضاعة المتكونة من 50 فستانا بالبيع وقالت ان مشروعها قد تضرر كثيرا نتيجة الركود الحاصل. مؤشرات سلبية لموسم غير عادي أصحاب المحلات المخصصة لكراء لوازم الافراح من كراس وأطقم ومضخمات صوت وكل ما يتطلبه اقامة حفل لم يكونوا بدورهم في منأى عن تأثيرات الوضع السلبي والاجتماعي الراهن فقد أكد أغلبية من تحدثنا اليهم من أصحاب هذه المشاريع ان الركود قد أصاب محلاتهم وأضر بحجم المداخيل مقارنة بما كانوا يتحصلون عليه في موسم الأعراس مما اضطر العديد منهم الى الاغلاق المؤقت نتيجة العدد الضئيل من الحرفاء وغياب مؤشرات عن موسم حافل بالنظر طبعا الى رقم الحجوزات السيد أنور العوادي أحد أصحاب هذه المشاريع ذكر أن حجز بعض المستلزمات كان يتم قبل أشهر عن موعد اقامة الحفل أما الآن فصارت الحجوزات تحصل قبل أيام قليلة نتيجة لتردد المقبلين على الزواج وعدم ضبطهم لموعد محدد باعتبار ان الوضع العام في البلاد لم يتضح بعد بالاضافة الى أن الصائفة الحالية سيتخللها شهر رمضان وختم محدثنا قوله بأن الأمل يبقى قائما في عودة الروح مع الاستقرار التدريجي للوضع الأمني. باعة الزهور يشتكون المحلات التجارية المخصصة لبيع الزهور على اختلاف ألوانها وأشكالها ارتبط نشاطها هي الأخرى بموسم الأفراح وطبيعي أن تتأثر بإفرازات الثورة وركود الحالة الاقتصادية في البلاد. السيد وليد الجلاصي صاحب محل لبيع الزهور وسط العاصمة اعتبر أن هذا القطاع هو الأكثر تضررا وأن تبعات الثورة قد قلصت من مردودية تجارتهم لأسباب عدة يرى أن بعضها تعلق بانخفاض معدلات الزواج في هذا الموسم واحجام البعض عن اقامة الحفلات بالاضافة الى تزامن فصل الصيف مع حلول شهر رمضان المبارك والى تقلص الحركية وسط العاصمة في ظل مخاوف كبيرة لدى المواطن التونسي من وقوع حالات اجرامية خاصة في ساعات الليل. من جهته أيد السيد زهير لحمر تاجر زهور ما جاء على لسان زميله واعتبر ان بضاعتهم لم تعد تلقى الرواج وأضاف أنه يأمل في عودة الروح الى هذا القطاع مع اقتراب موعد الحملات الانتخابية والاجتماعات السياسية التي تحتاج الى ديكور خاص أما بالنسبة الى حفلات الزواج فيرى أن كل المؤشرات تؤكد أن الرقم سيكون ضعيفا.