عقدت «المبادرة من أجل الجمهورية» أمس اجتماعها الثالث بمشاركة نحو 30 حزبا لبحث بعض المقترحات بشأن مسار الانتخابات، لكن الاجتماع لم يخل أيضا من الملاسنات والمشاحنات التي كادت أن تصل إلى تشابك بالأيدي بين بعض ممثلي الأحزاب. وقال المنسق العام للمبادرة طارق بن مبارك إن المبادرة بدأت ب 19 حزبا ثم ارتفع العدد إلى 32 حزبا خلال الاجتماع الثاني قبل أسبوعين واليوم أصبح عدد الأحزاب التي تتفق مع روح هذه المبادرة 43 حزبا (حضر ممثلون عن بعضها وغاب آخرون عن جلسة أمس). وأضاف بن مبارك أن اجتماع أمس هدفه إنشاء مشروع عريضة وطنية حول الاستفتاء واقتراح تكوين لجنة دراسة مشروع نصّ ينظم المجلس الوطني للأحزاب ولجنة أخرى لدراسة تمويل الأحزاب السياسية فضلا عن القيام بحملة تحسيسية حول الانتخابات. من جانبه قال أمين عام الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، أحمد الإينوبلي الذي احتضن مقر حزبه أشغال هذا الاجتماع انه من المفترض أن تصدر عن الأحزاب الحكمة والرصانة والهدوء، مشيرا إلى أن الأحزاب التي حصلت على تأشيراتها بعد 14 جانفي هي أحزاب ولدت من رحم الثورة وهي أحزاب ثورية ربما أكثر من الأحزاب التي كانت موجودة من قبل، لذلك لا يوجد منطق في اقصائها أو التشكيك فيها. وأضاف الاينوبلي أن «المبادرة ليست تنزيلا بل هي عمل بشري ونحن نريدها مبادرة من أجل جمهورية مدنية حداثية تحافظ على هويتها العربية الإسلامية». وأكد الاينوبلي أن الرئيس المؤقت فؤاد المبزّع والوزير الأول في الحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي يمثلان شرعية الضرورة التي لا تسمح لهما بإقصاء أي كان. كما أنه لا حقّ للأحزاب الممثلة في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في سنّ قانون الأحزاب أو المصادقة على العهد الجمهوري. لكن ممثل «تيار الغد» خليفة بن سالم رأى أن السلطة الحالية هي سلطة الأمر الواقع بالنظر إلى ضعف الأحزاب، وقال إن الحكومة الحالية لم تكترث بمقترحنا ببعث مجلس وطني للأحزاب. وأضاف بن سالم أن على أحزاب المبادرة التحرك وفرض كلمتها على الحكومة قائلا: «لقد حددنا وجهتنا وطريقنا بشكل لا رجعة عنه، ومن ليس معنا فهو ضدنا وأمامه أقطاب ومبادرات إن شاء انخرط فيها». لكن هذه التصريحات أثارت حفيظة أمين عام حزب العدل والتنمية محمد صالح الحدري الذي احتج على ما اعتبره «منطق الاقصاء» وهدّد بالانسحاب مرددا «لا إله إلا اللّه محمد رسول الله» هذا توجه حزبنا ونحن نرفض مثل هذه العبارات التي استعملها جورج بوش (من ليس معنا فهو ضدّنا). وعلّق أمين عام حزب الحداثة (المتحصل على التأشيرة قبل أيام) عبد الرؤوف البعزاوي بالقول «كلنا مسلمون ولست وحدك من يشهد أن لا إله إلا اللّه، نحن لا نخدم أية أجندا خارجية، نريد مصلحة تونس ونحن كتلة واحدة» وقد كررها مرارا وهو يضرب بكلتا يديه على الطاولة (وكان جالسا إلى يسار الحدري الذي همّ مرة أخرى بالانسحاب) لولا أن بعض الأطراف هدأت من روعه وتدخلت بين الرجلين بالحسنى لاستئناف النقاشات. وعاد خليفة بن سالم إلى أخذ الكلمة قائلا: «إننا لا نريد حوارا داخل هذه المبادرة كمثل ذلك الحوار القائم في الهيئة العليا وتساءل، لماذا لم تطرح علينا مسألة العهد الجمهوري، ولماذا لا نشارك في قانون الأحزاب إذا كنها نمثل نحو 50٪ من الأحزاب الموجودة حاليا؟». وفي تدخله قال أمين عام حزب المستقبل من أجل التنمية والديمقراطية سميح السحيمي إنه يتفق مع النقاط الواردة في بيان المبادرة خلال اجتماعها الأخير لكنه يضيف بعض الملاحظات مثل عدم جدوى تحديد مدة للمجلس التأسيسي حتى يفرغ من صياغة الدستور الجديد وأن تكون الحكومة مستقلة عن المجلس التأسيسي. ورأى محمد صالح الحدري أمين عام حزب العدل والتنمية أن هذه المبادرة قد تمثل فضاء بديلا لهيئة عياض بن عاشور التي فشلت في تحقيق مهامها. وأضاف الحدري الذي التحق حديثا بهذه المبادرة: «نحن نوافق على ما جاء في المبادرة مع تحفظ على نقطة واحدة وهي دعوة الرئيس المؤقت والحكومة المؤقتة إلى مواصلة مهامها حتى إعداد الدستور الجديد، فنحن ندعو إلى إسقاط هذه الحكومة وإبدالها بحكومة ائتلافية».