تتتالي الأحداث السياسيّة بشكل يبدو فيه الكثير من التقلّبات والتجاذبات، ومن الواضح أنّ جهود لمّ الشمل وتحقيق الوئام بين مختلف الأطراف الحزبيّة والسياسية ستكون جهودا عسيرة نظرا لما بدا من تعنّت لدى البعض من الأطراف وما ظهر عليها من تمسّك بتلابيب الإيديولوجيات القديمة المحنّطة والمنمّطة. لكن مع ذلك الصخب السياسي بدا الشارع التونسي أكثر انسجاما مع طبيعة المرحلة الاجتماعية بما فيها من اصطياف وأفراح ومظاهر للتسوّق والسياحة وقضاء العطلة في أبهى الحُلل، نعم المُراقب الأمين لحياة التونسيين هذه الأيّام يتلمّسُ تحوّلا مهمّا لديهم في اتجاه تجاهل المحاذير والمخاوف والفزّاعات الصادرة عن بعض السياسيين وانطلاقهم لكي يحيُون حياتهم على نمطها المعتاد من ارتياد للشواطئ وإقامة حفلات الزفاف والنجاح والتزاور والتنّقل إلى الأهالي في الجهات الداخلية... فحتى وسط العاصمة عاد إلى طبيعته ومقاهيه ومحلاته غدت مفتوحة تستقبل زوّارها إلى ساعة متأخّرة من الليل. ضرب الناس بهواجس السياسيين عرض الحائط وأحبطوا حيلهم ومكرهم وأفشلوا خططهم ومن الواضح أنّ التونسيين قد وعوا جيّدا حقيقة ما أصبحت الأحزاب والنخب تسعى إلى «خياطته» وحبكه لتحقيق أهدافها وغاياتها الفئويّة والحزبيّة والسياسيّة. إنّ فزّاعات التخويف والتهويل بدأت تفقدُ بريقها وبدأت خيوطها المحبوكة في الصالونات والكواليس تنكشفُ للعيان مع انجلاء أجزاء مهمّة عن بعض الأحداث التي وقعت مؤخرا والتي أبرزت أنّ هناك من يسعى الى الارتداد بالثورة عن أهدافها وهناك من يبحث عن مغانمه من هذه الثورة ولو كان ذلك على حساب راحة الناس وطمأنينتهم وهنائهم، ولو كان ذلك بإحداث الفتنة والانقسام داخل المجتمع. إنّها مؤامرات محبوكة، وهي في آن أضحت ممجوجة وفي غاية الافتضاح لأنّها تعتمدُ في منهجها على آليات قديمة وبالية وتستخدمُ الإشاعة والتهويل والتعميم وحتى الأراجيف والأكاذيب، إنّها أسلحة الضعفاء والمنهزمين والمتهافتين على فتات الكراسي والمصالح وعتبات السلطة والسلطان. إنّ على النخب والأحزاب أن تكفّ عن سلوك هذا المنهج الّذي يسعى الى استغفال الناس والضحك على ذقونهم واستبلاه عقولهم، والحال أنّ مثل هذه «الفزّاعات»، ومثلما أثبتت في السابق فشلها فهي اليوم تنهار خائبة أمام إصرار المواطنين من مختلف الفئات والجهات على حب الحياة بالتضامن والتعايش المطلوبين وفي أجواء من الأمن والاستقرار وفي تآلف مثلما ألفوا ذلك لعقود طويلة غابرة. لقد انكشف القناع وسقطت ورقاتُ التوت جميعها... كفاكم مؤامرات وإشاعات مُغرضة واتهامات وتوتير للأوضاع ودعوا الناس... «دعونا نعيش» فهذا موسم البحر والأفراح والمسرّات وضحكات وبهجة الكبار والصغار. حيّدوا الناس عن مشاكلكم وقضاياكم الآن... افعلوا ما شئتم بأنفسكم وفي ما بينكم ولا تخشون شيئا فسيأتي يوم الاقتراع يوم الحساب.