هي شابة في الواحدة والعشرين ربيعا طالبة في معهد الفنون الجميلة.. دخلت المستشفى بحرارة مرتفعة وخرجت منه ميّتة.. حكاية معاناة من نفطة الى توزروصفاقس يرويها والدها حائرا باحثا عن حق طفلته. تونس (الشروق) يقول الأب الملتاع «لقد بدأت مأساتي يوم الخميس 23 جوان المنقضي حين رافقت ابنتي الى قسم الاستعجالي بمستشفى نفطة حوالي الساعة السابعة مساء بسبب ارتفاع طفيف في حرارتها، لم أكن أتوقع أني سأخسرها الى الأبد.. لقد كشف عليها الطبيب وجسّ حتى ضغط الدم الذي وجده 10.5 ومن ثم حقنها هو وأحد الممرضين بحقنة تمّ جلبها من الصيدلية وكانت الحقنة عبارة عن حقنتين.. الأولى على مستوى الذراع والثانية بالفخذ.. كما قدم لها مشروبا في كأس. حرارة وبعد ويضيف الأب «لقد أعلمني الطبيب بكون ابنتي ستعود الى طبيعتها وفعلا رافقتها الى المنزل بعد حوالي عشر دقائق أصيبت ميساء بحالة إغماء وسقطت أرضا.. فعدت معها مرة ثانية الى المستشفى.. لكن تجاهلني الطبيب ولم يعرني أيّ اهتمام بل وتغافل عنّا الممرض وبقيت ميساء تعاني ضيق التنفس وتصارع الموت.. الى حين دخول ممرضة متربصة صحبة زميلة لها قامت بجلب الأكسيجين ووقع حقنها هذه المرة بمادة مخدرة اسمها «Valiom» إثرها دخلت ابنتي في حالة غيبوبة تامة.. شعرت حينها أنها ستفارق الحياة أمام عيني.. خفت.. ارتجفت.. وكانت زوجتي الى جانبي.. وبعض الأقارب. من نفطة الى توزر يواصل الأب سرد قصته «الطبيب نفسه شرع في الهرع واتصل بصديق له في مستشفى توزر وطلب منه امكانية نقلتها الى المستشفى الجهوي هناك.. وفعلا نقلت ابنتي على متن سيارة اسعاف الى مستشفى توزر وأدخلتها غرفة الانعاش وأعلمني الطبيب أن ابنتي ميساء تعاني نقصا في الكريات البيضاء ووعدني بأن يتمّ جلب الدم المصفى لها من مستشفى قفصة من الغد. ... ومنها الى صفاقس وفي اليوم الموالي 24 جوان اتصلت بالمستشفى صباحا وفوجئت بكون السيارة التي ستجلب الدم لم تغادر توزر بعد، وبعد إلحاح مني لناظر المستشفى تحرّكت السيارة لكن طبيب المستشفى غيّر رأيه واقترح نقل ابنتي ميساء الى مستشفى صفاقس الجامعي وبقيت أنتظر 3 ساعات حتى انطلقت سيارة الاسعاف التي لم تكن مجهزة بأي شيء.. ووقع منعي من مرافقتها وهي في غيبوبة تامة وبعد جهد جهيد وقعت اضافة اسمي الى إذن المهمة. ما آلمني أن سائق سيارة الاسعاف نقل من الطريق فتاتين على متن السيارة مدعيا أنهما إطار طبي والحال أنهما غير ذلك وقد قام بإيصالهما معه في الطريق الى صفاقس، في حين انتقلت أنا الى حيث ابنتي وحيث آلة (السيروم) لا تعمل. وماتت ميساء يضيف الأب المنكوب «لقد وصلنا الى صفاقس وبقيت ابنتي في البهو حوالي الساعة ولم يتدخل لنجدتها أي كان.. بل تقدمت نحونا طبيبة متربصة وجهتنا الى قسم آخر مطالبة ببعض الصور وتمّ فصل أنبوب التنفس عنها وبقيت وابنتي ساعتين ونصف الساعة ببهو المستشفى الى حين فارقت الحياة.. نعم فارقت الحياة وأنا أنظر إليها عاجزا بلا خيار.. ماتت وهي تتنقل من مستشفى الى آخر.. من نفطة الى توزر الى صفاقس ولا أحد اهتمّ لحالتها. أسئلة حائرة !! لقد ماتت ابنتي وبقيت كل الأسئلة عالقة بذهني لماذا بقيت أكثر من 13 ساعة في غرفة الانعاش ثم أرسلوها في سيارة اسعاف خالية من كل شيء الى صفاقس؟ لماذا لم يعطوها الدم الذي طالب به الطبيب من نفطة وذهبت السيارة لجلبه من قفصة؟ لماذا وعدوا مستشفى توزر بوجود فريق طبي في انتظار ابنتي ضمن مراسلة طبية عبر الفاكس عن حالتها وتمّ قبول الحالة، لكن حين وصلنا الى مستشفى صفاقس بقيت ابنتي ملقاة على البهو ساعتين ونصف الساعة حتى ماتت..؟ ما حدث مازلت لم أصدقه بعد، ولم أستوعبه.. كيف تكون حياة الناس عندهم تافهة الى هذا الحدّ؟ كيف يخلّون بالواجب.. ومن سينير حقّ طفلتي ذات 21 ربيعا. كل ما أرجوه هو فتح تحقيق في وفاة فلذة كبدي ليتحمل كل واحد مسؤوليته.