نهاية أسبوع دامية في تونس، نيران تشتعل في الوطن، إطلاق نار في عدة مدن، قتيلان وأضرار مادية فادحة ومشاهد تذكر بأيام جانفي، «إلى أين تسير البلاد؟»، كما كتب ناشطون على الموقع. على الموقع أيضا، تبدو تفاصيل ما حدث في منزل بورقيبة وحي الانطلاقة مثل مشاهد من فيلم رعب، يتداول الناشطون معلومات وصورا ووثائق فيديو مخيفة، وندرك دون أي شك أنها أعمال إجرامية، لا يمكن أن يكون لها أي هدف سياسي بعد رحيل الطاغية. وتم تداول مقاطع فيديو مخيفة لأعوان الأمن الذين كانوا ضحايا الهجوم العنيف عليهم في مقر الأمن بمنزل بورقيبة، وبدت أغلب التعاليق متضامنة مع ضحايا هذا الاعتداء الذي لا يمكن تبريره بأي هدف سياسي. أما عن سيدي بوزيد، فإن الشعار الذي يتداوله الناشطون على عدة صفحات ومواقع ومنتديات هو «الثورة الثانية»، وينشر هؤلاء معلومات عن إحراق معدات ومقرات عمومية بنيت بأموال الشعب، بالإضافة إلى عمليات تدمير ونهب واسعة للممتلكات الخاصة، فلا تجد التعاليق أي مبرر لمثل ذلك حتى في ثورة ثانية. يمتد الحريق إلى عدة مدن أخرى، ترد معلومات تفيد أن مدينة سيدي بوزيد تعيش مواجهات دامية حتى الساعة الثانية ليلا، وأن المشاهد الليلية هناك أشبه بساحات الحرب. تكثر التعاليق والمعلومات المتضاربة أحيانا من حيث المحتوى، لكن ثمة إجماع لدى هؤلاء على وجوب «إسقاط الحكومة»، أما على مستوى التعاليق، فنبقى مذهولين بحالة الانقسام الحاد بين التونسيين الذين تحولوا إلى ضد النهضة مع شيطنتها بكل السبل ومنها التزييف أو معها والدفاع عنها بكل السبل أيضا. وفي هذا الإطار، أشعل بيان وزارة الداخلية حول الحادثة المزيد من النيران حول ما يحدث في البلاد، فقد جاء في البيان أن «مجموعة دينية متطرفة انساق وراءها منحرفون»، وهو كلام يفهم على أنه اتهام للنهضة أو حزب التحرير، لكن هذا الاتهام يفقد قيمته بعد أن تم توجيهه إلى النهضة في حادثة سينما أفريكا ثم أمام المحكمة وكذلك في إفساد اجتماع حزب العمال. غير أن الوزارة التي تملك كل الوسائل والمعدات لتوفير الأدلة لا تقول لنا شيئا دقيقا وواضحا عن هوية هؤلاء المتطرفين ولا عمن يقف وراءهم. وفي المقابل، تتكاثر الشهادات في الموقع الاجتماعي عن أشخاص يمولون المنحرفين ويستأجرونهم للهجوم على مقرات الشرطة وعلى الجيش ولإحراق الممتلكات العامة والخاصة. إلى أين تذهب البلاد، وماذا بقي فيها ليحرق أصلا سوى أكباد أمهات الضحايا من المتظاهرين أو من أعوان الأمن ؟