قال النبي صلى الله عليه وسلم في توجيهاته للصائمين: «الصيام جنّة فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنّي صائم». البخاري . عرّف النبي الصوم في الحديث بأنّه جنّة أي وقاية، فلا يرفث الصائم ولا يجهل ولا يقول قولا فاحشا فلا يخرج في كلامه أو فعله عن طريق الدين والأخلاق الحميدة لأنّه قد يتعرّض لما قد يثيره ويشنّج أعصابه، فعليه أن يذكّر نفسه بأنّه في عبادة الله وطاعته فإذا أستفزّ وأثير فليقل إنّي صائم ولينتظر الجزاء والثواب، وأولى قطرات الأجر أنّ فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك ثمّ إنّ الله تعالى أعلن بأنّ الصوم له حين قال في الحديث القدسي: «الصيام لي وأنا أجزي به» أي أكافئ عنه لأن المسلم الحقّ ليس طعانا ولا لعانا ولا فحاشا في الكلام. إنَّ اللسان هو الميزان الذي يوزن به الناس والمعيار الذي يعرف به قدرهم ومكانتهم حتى قال بعض العلماء: «إنّي لأرى الرجلَ فيعجبني فإذا تكلَّم سقطَ من عيني». كما أنّ الله تعالى شبّه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة: ﴿ألم تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ,تُؤْتِيَ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ. يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء﴾. إبراهيم:24/27 . الكلمة الطيبة تغسل القلوب من الضغائن وتزيلها وتجمع الأفئدة وتجلب المودة فكل كلمة لا تضر في الدين ولا تسخط الرب الكريم وترضي الجليس فلا يبخل بها المسلم على أخيه المسلم يؤجره الله عليها وتكون حجابا له من النار قال النبي: (اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة)، فإذا تأذى المسلم بكلام جارح أو بفعل سيّئ فلا يردّ الإساءة بمثلها وإنما يرد الإساءة بالإحسان والكلمة الطيبة فالرسول الأكرم عاش بين قوم يفترون عليه الكذب ويموهون على الناس حقائق الوحي، ويؤذونه بالفعل واللسان ومع ذلك يعرض عنهم ويدعو لهم بالهداية ويقول ﴿رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون﴾ مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾(فصلت:36 ).