من المشهور أنَّ قابس قد أسسها الفينيقيون غير أنَّ بعض الباحثين يحتملون أنَّ البربر هم الذين سبقوا الفينيقيين بتأسيس تكاب القديمة، ومن هؤلاء محمد المرزوقي في كتابه قابس جنة الدنيا. قد يكون هذا صحيحا، ويحتمل أن يكون بناؤها سابقا للفينيقيين، وأنَّ المؤسسين الأصليين هم البربر الذين عرفتهم قبل الفينيقيين، ولعلَّ في ابتداء اسمها بالتاء المفتوحة ما يرجح هذا الاحتمال إذ المعروف أنَّ أسماء المدن البربرية تبدأ غالبا بالتاء مثل تطاوين.. تاوجت.. تامزرط.. تاهرت.. تافلات. وقد عرض بلقاسم بن محمد جراد في كتابه قابس عبر التاريخ بعضا من المؤيدات التي تؤيد ما احتمله المرزوقي، ومنها وجود مقابر على الشكل البربري والفينيقي والروماني والإسلامي بمقبرة سيدي بولبابة القديمة، وأثناء الحفريات لبناء المساكن، وكذلك عند توسيع الضريح من الخلف حيث بني المسجد الجديد وجدت بعض المقابر في صناديق من الحجارة وفي خوابي فخارية مما يثبت الأطوار التاريخية التي مرَّت بها قابس منذ تاريخها القديم. ثم ورثتها عنهم الإمبراطورية القرطاجية. خلال القرن الثاني قبل الميلاد وبعد انتصار روما على قرطاج في الحرب البونيقية الثانية أصبحت المدينة مستعمرة تابعة لمقاطعة طرابلسالرومانية وعرفت باسم تاكابي حيث ذكرها أبوليوس في أعماله. عرفت قابس كذلك باسم تاكابيس أو تاكاباس كما عرف خليجها باسم مينوريس سيرتيس أو سيرتيس الصغرى. وأرجع كثير من الباحثين أهميَّة قابس التاريخية إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي إذ أنَّها تقع على البحر وتطل على خليج سيرتا الصغير، وقد سمَّى المؤرِّخ اليوناني هيرودوتس الملقب بأبي التاريخ الخليج ببحيرة تريتونس. وتحيط بقابس الواحة في أغلب جهاتها، ومن عوامل أهمية موقعه الجغرافي الاستراتيجي هو كونها واقعة على الطريق التجارية التي تربط المشرق بالمغرب والمحطات التجارية الإفريقية، بالإضافة إلى كونها الباب الذي دخل منه الفاتحون العرب لإفريقيا.