غير بعيد عن حمام الرميمي بالمدينة العتيقة يوجد أشهر نزل في العاصمة هو مقصد كل الزوار والقادمين من داخل البلاد لقضاء شؤونهم في العاصمة هو نزل العياشي او «أوتيل العياشي» كم هو معروف عنه وشعاره «أوتيل العياشي الماكلة والرقاد بلاش». هذا النزل أسس خلال أربعينات القرن الماضي تقليدا ضمن توجهاته واختياراته وخاصة في شهر رمضان من خلال تنظيم سهرات غنائية تونسية طربية متنوعة.. سهرات كان نجمها الملحن محمد التريكي والفنانة حسيبة رشدي... ومثلت تلك السهرات التي بلغت أوجها في ليالي رمضان 1943 «البروفة» الثنائي محمد التريكي وحسيبة رشدي يتم فيها الكشف عن أحدث الانتاجات الغنائية في تلك الفترة من ذلك أغنية «على ضوء القمرة يا سمرة» التي حققت نجاحا جماهيريا كبيرا. ويعدّ محمد التريكي أحد اقطاب الأغنية في تونس حفظ المالوف والأدوار والأغاني الصوفية في سنّ مبكرة عن طريق والده الذي كان من أقطاب شيوخ العيساوية مما دفعه الى تعلّم أصول الموسيقى على قواعد صحيحة بدراسة النوتة والعزف على آلة الكمنجة على أيادي أساتذة من أوروبا بالمدرسة العلوية... كما قاد فرقة الرشيدية في بدايتها وقام بالتدريس فيها مدة زمنية انتقل بعدها الى الجزائر للعمل في المسرح الغنائي سنة 1949.. ومثلت مشاركته في تأثيث سهرات رمضان في «أوتيل العياشي» وبدرجة أخص رمضان 1943 محطة هامة على درب التأثيث لمسيرة موسيقية متفردة ترجمها في تلحين العديد من الأغاني التي صنعت شهرته ك «عيون سود مكحولين» و«يالايمي ع الزين» و«زعمة يصافي الدهر» و«محلاك يا نقرتّا» و«زهر الليمون».. وغيرها من الألحان. ويحفظ التاريخ الفني لحسيبة رشدي أن أول ألبوم لها سجلته في باريس تحت إشراف الفنان محمد الجموسي في حين أن محمد التريكي مثل أول حب في حياتها توّج بالزواج وهو الذي وفّر لها شعراء وملحنين على غرار الهادي الجويني وقدور الصرارفي وعلي السريتي. وتبقى سهرات رمضان في «أوتيل العياشي» سنة 1943 محطة استثنائية في مسيرتها الفنية الثرية والمتنوعة.