سورة غافر هي السورة الأربعون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي السورة الستون بحسب ترتيب النزول، نزلت بعد سورة الزمر، وقبل سورة فصلت، وهي سورة مكية إجماعا، وآياتها خمس وثمانون (85) آية. وردت تسمية هذه السورة في السنة (حم المؤمن) ووجه التسمية أنها ذُكرت فيها قصة مؤمن آل فرعون، ولم تذكر في سورة أخرى بوجه صريح. وتسمى سورة «غافر» لذكر وصفه تعالى:»غافر الذنب» غافر:3 ومقصود السورة إجمالا معالجة قضية الحق والباطل، وقضية الإيمان والكفر، وقضية الدعوة والتكذيب، وأخيرا قضية العلو في الأرض والتجبر بغير الحق، وبأس الله الذي يأخذ العالين المتجبرين. وتفصيل هذه المقاصد التي اشتملت عليها هذه السورة جاءت وفق التالي: - ابتدأت السورة بما يقتضي تحدي المعاندين في صدق القرآن، كما اقتضاه الحرفان المقطعان في فاتحتها «حم» - حملة العرش ومن حوله يعلنون إيمانهم بربهم، ويتوجهون إليه بالعبادة، ويستغفرون للذين آمنوا من أهل الأرض، ويدعون لهم بالمغفرة والنعيم والفلاح. - بيان أن دلائل تنزيل هذا الكتاب من الله بينة، لا يجحدها إلا الكافرون - تمثيل حال المجادلين بحال الأمم التي كذبت رسل الله بذكرهم إجمالا، ثم التنبيه على آثار استئصالهم، وضرب المثل بقوم فرعون. - تقرير أن الذين يجادلون في آيات الله بغير حجة ولا برهان، إنما يدفعهم إلى هذا كِبْرٌ في نفوسهم عن الحق، - بيان أن الوجود كله مُسْلِمٌ مستسلم لله، وأنه لا يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا، فيشذون عن سائر الوجود بهذا الجدال. والتذكير بمجيء الساعة، والتوجيه إلى دعاء الله، الذي يستجيب لدعاء من دعاه؛ فأما الذين يستكبرون، فسيدخلون جهنم أذلاء صغراء، و عرض جانب من قصة موسى عليه السلام مع فرعون وهامان وقارون، تمثل موقف الطغيان من دعوة الحق. فيها ظهور رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه، يدفع عن موسى ما هموا بقتله، ويصدع بكلمة الحق والإيمان وحوار بين الضعفاء والذين استكبروا، وحوار لهم جميعا مع خزنة جهنم، يطلبون فيه الخلاص. توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل حال رسالة دعوته من بعده أن ينذر المجادلين في آيات الله بغير علم عقاب الله يوم القيامة، ويبين لهم أنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأنه يقضي بين عباده بالحق، وأن الذين يدعون من دونه من شركاء لا يقضون بشيء، وأن الله هو السميع لشكوى عباده، والمجيب لدعائهم، وأنه هو البصير بحركاتهم وسكناتهم. تثبيت الله رسوله صلى الله عليه وسلم بتحقيق نصر هذا الدين في حياته وبعد وفاته. الثناء على المؤمنين، ووصف كرامتهم، وثناء الملائكة عليهم. وتعرض السورة بعض آيات الله الكونية، التي يمر الناس عليها غافلين، وبيان أن في الكون آيات قائمة، وبين أيديهم آيات قريبة، ولكنهم يغفلون عن تدبرها. وتلويم المكذبين الكافرين، الذي يجادلون في آيات الله بالباطل؛ إذ لم يتعظوا بما شاهدوا في مواطن متعددة من الأرض آثار المهلكين السابقين.
