تعاون بين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وبلدية تونس لمكافحة إهدار الطعام    حكم غيابي بالسجن في حق شقيقة سنية الدهماني    الكاف: تجميع أكثر من مليون و100 الف قنطار من الحبوب ودعوة إلى التسريع في اجلاء الصابة    وزارة التجارة تعلن عن موعد إنطلاق موسم التخفيضات الصيفية    علاش الكليماتيزور في الكرهبة متاعك ما يبردش؟ أهم الأسباب والحلول    عاجل/ من بينها تونس.. ترامب يفرض رسوماً جمركية ب25% على 14 دولة..    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره الشيلي    صفاقس : "تركيز ملعب للكرة الطائرة بشاطئ الكازينو تزامنا مع الإحتفال باليوم العالمي للكرة الطائرة"    المنخفض الجوي يشتد غرب البحر المتوسط ومخاوف من الفيضانات    جمعية أحباء المكتبة والكتاب ببن عروس تطلق مسابقة في كتابة الشعر باللغة العربية الفصحى    بفضل شراكة تونسية سعودية.. 52 طفلاً يستعيدون نعمة السمع !    هزة أرضية بقوة 9ر4 درجات تضرب قبالة هذا الساحل..#خبر_عاجل    عاجل/ زلزال بقوة 5 درجات يضرب البحر الأبيض المتوسط قبالة تركيا..    الحماية المدنية: إطفاء 134 حريقا خلال ال 24 ساعة الماضية    صابة ''الهندي'' تراجعت برشا.. والحشرة القرمزية السبب    سينر يبلغ دور الثمانية في ويمبلدون للتنس بعد انسحاب ديميتروف للإصابة    رود بالك: زرّ صغير في'' كوموند الكليماتيزور'' ينجّم يكلّفك برشة فلوس في فاتورة الضوء!    تونس: انخفاض في درجات الحرارة وتحذيرات من السباحة بداية من مساء اليوم    حادث مرور قاتل بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    انقلاب شاحنة محمّلة بالطماطم..#خبر_عاجل    Activi Sifek مع شهري عرض Ooredoo الجديد للدفع الآجل على شبكة الجيل الخامس، مليء بالمزايا الحصرية    مجسّم ''الباخرة الغارقة'' يُثير الجدل في منزل جميل... والبلدية تؤكّد انه جميل وناجح    من دمشق إلى غزة… التراث العربي بين نيران الحروب وصمت العالم!    ترامب يستبعد ضرب إيران مجددا ويؤكد عقد اجتماع وشيك معها    الصباح ما يكمل كان بفنجان تاي ولا قهوة... أما شنوّة المفيد فيهم؟    علاش القطن ديما هو الحل في الصيف؟ اعرف السر!    سخانة الصيف ما عادش تعبك! 3''عصاير'' تردلك النشاط وتبردك على طول    مروان بن جمعة : المفاوضات مع واشنطن متواصلة وأجواؤها إيجابية    شنوّة معناها قرار ترامب بفرض 25% معاليم ديوانية على تونس؟    رسميا: النادي الإفريقي يكشف عن ثالث تعاقداته في المركاتو    التوقعات الجوية لهذا اليوم ودرجات الحرارة..    طقس اليوم الثلاثاء    عاجل/ منظمة إرشاد المستهلك تدعو لإيقاف فوري للشنقال والصابو المخالفة للقانون..    عاجل/ بعد الاجراءات الاخيرة في "التوينسار": هذا أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزير النقل..    نادي الدحيل القطري يتعاقد مع الإيطالي فيراتي    نتنياهو يعلن عن ترشيحه ترامب لجائزة نوبل للسلام    ترامب: سنرسل المزيد من الأسلحة الدفاعية إلى أوكرانيا    رئيس الجمهوريّة يستقبل وزيرة المالية    رئيس الجمهورية: وضع حد للفساد ودفع الاستثمار على رأس الأولويات..    لماذا ألغيت مباراة تحديد المركز الثالث في كأس العالم للأندية 2025؟    إلغاء مباراة تحديد المركز الثالث في مونديال الأندية    غدا: عملية جراحية بمستشفى سهلول للمرأة التي أفقدها زوجها عينيها    بعد الرسامة الدنماركية.. فنان فرنسي يتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة إحدى لوحاته    جهة وتاريخ: «بئر بروطة» بالقيروان... مَعلم مائي تتعدّد حوله الأساطير    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    دورة الصداقة الدولية الودية للكرة الطائرة: المنتخب التونسي يفوز على نظيره المصري 3-1    تونس تتمكن في تجميع 518 الف قنطار من الحبوب الممتازة الى حدود يوم 6 جويلية 2025    أولا وأخيرا ... فلفل بر العبيد    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب بولاية منوبة يومي 8 و9 جويلية    مدنين: الميناء التجاري بجرجيس يستقبل ثاني رحلة عودة لابناء تونس المقيمين بالخارج    الندوة الصحفية لمهرجان جمال: "مرتضى" في الافتتاح وأمينة فاخت في الإختتام    قبلي: تواصل مراقبة الوضع الصحي للواحات وعدم تسجيل بؤر مقلقة للاصابة بعنكبوت الغبار    عاجل/ نشرة تحذيرية جديدة للحماية المدنية..وهذه التفاصيل..    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفحات .. في الحياء والحياة
نشر في الشروق يوم 10 - 06 - 2018

من أحسن تعريفات الاسلام أنه دين الحياء. تعمدنا لفظه «أحسن» لاشتقاقها من الحسن الذي يمثّل أعلى درجات الإيمان.
فالإنسان المسلم يلتزم بتجنّب القبيح والسّيئ والبشع ليقينه أن اللّه يراقبه ويراه «وإن لم يكن هو يرى اللّه فإن اللّه يراه».
وهو، إصطلاحا، خلق نبيل وزينة النفس ورافد من روافد التّقوى.
في حديث للنّبي (صلعم) أخرجه الترمذي: «الحياء من الإيمان، والإيمان من الجنّة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النّار».
فالحياء لغويا هو الإحتشام وخلافه هو البذاء أي الفاحش من القول(1) والحياء نوعان: نوع فطري وهو أمر مشاع بين كل بني البشر مهما كانت ثقافاتهم ودياناتهم.
ونوع يكتسب بالتربية والتثقيف والتعويد على حبّ الجمال والتعلّق بالخير. ولقد ركّز الإسلام على هذا البعد الأخلاقي، الحياء، وجعل منه ثابتا من ثوابت الحياة، فرديّة كانت أم جماعيّة، إلى حدّ أن الحياء كان إحدى أكبر ميزات المجتمع الإسلامي.
أحد أشهر كتاب فرنسا للقرن التاسع عشر أرتور غوبينو(2) والذي كان يدافع عن تفوّق حضارة الجنس الأبيض الأوروبي لم يستطع تجنّب الإعتراف بأن «القبح يغيب في العالم الإسلامي». هل مازال القبح غائبا أم صار حاضرا بقوة في كل مستويات حياتنا الإجتماعية، في الشارع حيث لا تكاد تسمع غير الكلام البذيء في الإذاعات والتلفزات التي تحوّلت إلى أنهج متفرّعة عن الشارع الكبير، في حواراتنا السياسية، وفي إنتاجاتنا الثقافية؟
أنا لا أدّعي أن «التديّن» بالمفهوم الرائج من تمظهر باللّحية أو الحجاب والاقبال على العبادات هو وحده الضامن للحياء وما يترتب عنه من تسامح ونبذ للعنف ومن إقبال على الجمال. لكن ما هو متأكد أن معرفتنا بثقافتنا الإسلامية في بعدها الروحاني لممّا يجنّبنا القبح والبشاعة ويدفعنا إلى التواضع ويولّد فينا حبّ الجمال والكمال والشعور بالسّكينة.
وعلى المدرسة والأسرة يتوقّف اكتمال بناء مواطنة سليمة من آفات العنف والانحراف والبذاءة.
فالحياء ليس مطلبا أخلاقويّا وليس إطلاق إحكام أخلاقية. وإنما هدفنا الوقوف عند قيم ديننا الحنيف التي منها الحياء هذه اللفظة التي أصبحت غريبة في لغتنا.
فالحياء هو صفة من صفات الأنبياء والرسل. والنبي محمد (صلعم) عُرف بهذا الخلق واشتهر به حتى قال عنه أبو سعيد الخذري: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدّ حياء من العذراء في خدّها»(3) وكذلك النبي موسى عليه السلام. فعن أبي هريرة أن الرسول (صلعم) قال إن موسى كان رجلا حيّيا ستّيرا.
وكان النبي يوسف عليه السلام متحليا بالحياة مثلما في الآية: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ (سورة يوسف آية 24)وقد فسّر العلماء أن البرهان هو حياؤه من اللّه تعالى.
فالحياء خلق حسن بل هو الخلق الحسن بامتياز حيث يقول الرسول (صلعم) في حديث رواه ابن ماجة: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ».
فالحياء علامة الإيمان وآيته الكبرى كما يقول المتصوّفون. ويكون الحياء من اللّه، ومن النّاس، ومن النّفس. ومن الحياء أشتُقّ الإستحياء، والاستحياء يعني الخجل. وقد وردت لفظة الحياء والاستحياء عشر مرّات في القرآن الكريم ومنها الآية 25 من سورة القصص: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾.
يقول أحد أعلام التصوّف يحيى بن معاذ الرّازي: «من استحيا اللَّه مُطِيعًا، اسْتَحْيَا اللَّهُ تعالى مِنْهُ وَهُوَ مُذْنِبٌ».
1) ابن منظور: لسان العرب
2) Arthur de Gobineau: Essai sur l›inégalité des races humaines
3) هو أبو سعيد بن مالك بن سنان الخذري توفي سنة 74ه. صحابي من صغار الصّحابة فقيه وراوي أحاديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.