أمر الإسلام أتباعه بالتآلف والمودة وحثّهم على اجتماع الكلمة ووحدة القلوب و الصفوف وبالمقابل حذّرهم من التنافر والفرقة والشقاق والتنازع فكان من أهم ما جاء به هذا الدين بعد عقيدة التوحيد توحيد الكلمة ولمّ الشعث وجمع الشمل لأن في ذلك سر بقاء المسلمين أقوياء وضمان انتصارهم على أعدائهم وصلاح أمورهم في دينهم ودنياهم وأخراهم لما للوحدة والتضامن والاجتماع والإخاء من منزلة عظيمة وآثار فريدة ولما للفرقة والخلاف والتنازع والشقاق من آفات وأمراض كثيرة وشرور مستطيرة. إن من أهم عوامل قوة أمة من الأمم الاتحاد الذي تنال به مجدها وتصل إلى مبتغاها وتعيش حياة آمنة مطمئنة بالاتحاد تكون الأمة مرهوبة الجانب مهيبة عزيزة . هذا ما دعا إليه الإسلام وأشار إليه القرآن الكريم: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَ0تَّقُونِ﴾ (المؤمنون:52).وقال أيضا: ﴿وَ0عْتَصِمُواْ بِحَبْلِ 0للَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَ0ذْكُرُواْ نِعْمَةَ 0للَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ 0لنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيّنُ 0للَّهُ لَكُمْ ءايَٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (آل عمران:103).وبالمقابل نهى عن التنازع والتفرّق في قوله تعالى: ﴿لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم﴾ (آل عمران:105) نحن في وقت أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة وجمع الكلمة واجتناب التنازع والخلاف لأن هذه الصراعات لا تحلّ المشاكل بل تزيدها تعقيدًا إنها فتنة جهلاء وضلالة عمياء لا يستفيد منها إلا الأعداء فالأخوة واجب أمر بها ربّ العزة: ﴿إِنَّمَا 0لْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات:10) ولهذه الأخوة بين المسلمين والمؤمنين حقوق عظيمة وثمرات كريمة قد بينها الله ورسوله في الكتاب والسنة تجب مراعاتها والقيام بها ولا يجوز إهمالها والتهاون بها. ومن هذه الحقوق والثمرات وجوب الإصلاح بين المسلمين عندما يحصل بينهم اختلاف ونزاع أو تظهر بينهم عداوة وقطيعة قال تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ 0لْمُؤْمِنِينَ 0قْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا﴾. إنّ التديّن الحقيقي لا يعني فقط الاستقامةَ والطهر والعفاف وغضّ البصر والبعد عن الفجور والخمور والمخدِّرات وأذيّة المؤمنين باللّسان واليد وإنما يجعل من المسلم نبعَ خير يتدفّق لتنميةِ المجتمع والمحافظة على تماسكه وتقويةِ أواصره والعمل على ائتلاف القلوب والمشاعر .