لقد جاء النبي إلى البشرية بتطهير النفس من الأخلاق الرديئة، وحثها على الأخلاق الحسنة. ومن أعظم الأخلاق الفاضلة التي أوصى بها النبي خلق الرفق ذلك الخلق الرفيع الذي يضع الأمور في نصابها ويصحح الأخطاء ويقوم السلوك ويهدي إلى الفضائل بألطف عبارة وأحسن إشارة وطريقة مؤثرة. لقد أكثر النبي في الرفق فقال: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله". [متفق عليه]. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه". وهذا يدل على أهمية هذا الخلق وحاجة الخلق إليه في سائر شؤونهم. إن الرفق يعني لين الجانب بالقول والفعل واللطف في اختيار الأسلوب وانتقاء الكلمات وطريقة التعامل مع الآخرين وترك التعنيف والشدة والغلظة في ذلك والأخذ بالأسهل. والرفق عام يدخل في كل شيء تعامل الإنسان مع نفسه ومع أهله ومع أقاربه وأصحابه ومع من يشاركه في مصلحة أو جوار وحتى مع أعدائه وخصومه فهو شامل لكل الأحوال والشؤون المناسبة له. إن استعمال الرفق في الأمور يؤدي إلى أحسن النتائج وأطيب العواقب ويبارك الله في هذا السلوك وينفع به. أما استعمال العنف والشدة والغلظة فتفسد الأمور وتصعبها على أصحابها وتجعل النتائج عكسية ويحرم الخير من ترك الرفق وترفع البركة من عمله ويصعب عليه الأمر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من يحرم الرفق يحرم الخير كله". [مسلم]. وقال : "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه". [مسلم]. كما أن الرفق له أثر حسن في التأليف بين القلوب والإصلاح بين المتخاصمين وهداية الكفار وجلبهم إلى حظيرة الإسلام والبركة في الرزق والأجل كما قال النبي : "إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار". [رواه أحمد].