أكّد ل"الصباح نيوز" عدد من أطباء الأسنان أن مواد أساسية مُصنفة أدوية تستعمل في مداواة المرضى غير موجودة في الصيدلية المركزية ولا تتوفر خارجها. كما أشاروا إلى وجود إشكال في توفر الادوية خاصة التي تهمّ التبنيج وتطهير الأسنان في حصص العلاج. وقال طبيب أسنان ان الأدوية الأساسية وخاصة منها الباهضة غير موجودة في الصيدلية المركزية رغم أن لها فاعلية أفضل، في حين توجد أدوية أساسية مثيلة متوفرة بكميات تكاد جد محدودة ولكن عدية الجدوى تقريبا ويمكن أن تؤثر على صحة المريض من ذلك دواء "مديكايني" المحلي الصنع والذي يعدّ دواء التبنيج الوحيد الموجود في الصيدلية المركزية والذي يرفض معظم الأطباء استعماله لما يمكن أن يُحدثه من مخلفات صحية للمريض لمحدودية مفعوله بما يستوجب استعماله بكميات كبيرة اذ تبنيج جزء من الفم يتطلب ذلك 3 عبوات ذات حجم صغير "dose" عوضا عن عبوة واحدة بالنسبة لدواء آخر، حسب أطباء أسنان تحدثوا ل"الصباح نيوز". كما يطرح كذلك إشكال بالنسبة للدواء المستعمل لمداواة الأسنان من ذلك «سياليت».. والذي وحسب مصادرنا فإنه غير متوفر وتوجد عند انجاز التحقيق كمية صغيرة لا تتعدى 9 علب بالصيدلية المركزية ويتم حاليا تعطيل بيعه في انتظار اختبار "المخبر الوطني للتحاليل الأدوية" والذي يشمل كل الادوية الموردة. أما الإشكال الثاني والذي يطرحه أطباء أسنان فيتمثل في أن عددا من مخابر الأدوية أوقفت التعامل مع الصيدلية المركزية لأسباب يجهلها البعض ويقول البعض الآخر إنها تعود لعدم حصولهم على مستحقاتهم. أما الإشكال الثالث بالنسبة للأدوية الأساسية الخاصة بطب الأسنان، فيتمثل في وجود أطراف وهم ممثلون تجاريون لمخابر أدوية يقومون باقتناء الدواء من الصيدلية المركزية وبيعه للأطباء بأسعار مختلفة، وهو ما اعتبره أطباء أسنان غير قانوني إلا أنهم يجدون أنفسهم مجبرون على اقتناء ذلك الدواء من الممثلين التجاريين على اعتبار أنهم يتحولون كل مرة لاقتناء نفس الدواء أو الأدوية المثيلة له من الصيدلية المركزية ببن عروس إلا أنهم لا يجدونها كما أنّ لا أحد هناك يقدم لهم المعلومة «الكافية والشافية»، على حدّ تعبيرهم، الأمر الذي عطل مصالحهم وجعل البعض منهم مجبر على التوقف عن العمل لفترات معينة كلما فقد الأدوية الأساسية التي يستعملها للقيام بمداواة المريض الذي بدوره أصبح منزعج من ذلك ويشعر دوما أنه ضحية سياسات الدولة في مجال الصحة خاصة، وفق قولهم. نقابة اطباء الاسنان تُهدد وفي هذا السياق، أكّد كاتب عام النقابة التونسية لاطباء الاسنان الممارسين بصفة حرة خالد التنازفتي وجود نقص في المواد الأساسية الخاصة بأطباء الأسنان، مؤكدا ان هناك مواد محتكرة من قبل الصيدلية المركزية وفي صورة عدم توفرها بها فان عمل الطبيب يتعطل ويتواصل الاشكال منذ 4 سنوات، اذ تم عقد لقاءات مع الصيدلية المركزية، وثبت وجود نقص في الأدوية الخاصة وان هناك شركة رغبت في الترفيع في أسعار بعض الأدوية الأمر الذي حتّم على الصيدلية المركزية مزيد التحكم في السوق حفاظا على مصلحة المواطن. وقال انه تم مدّ الصيدلية المركزية بقائمة من الأدوية المثيلة التي يمكن ان تعوّض الأدوية التي فقدت من السوق، الا أن الصيدلية المركزية تلك الأدوية لم تقتني على اعتبار ان الشركة المذكورة سابقا رغبت في الترفيع في الأسعار. كما قال انه تمت دعوة الصيدلية المركزية لرقمنة المخزون الموجود بها وتمكين الأطباء من أرقام سرية. وللإشارة فإن 4200 طبيب أسنان مسجل في عمادة أطباء الأسنان من بينهم حوالي 2400 طبيب متعاقد مع الكنام أي يعمل بصفة حرة، 1250 منهم منضوي في النقابة التونسية لاطباء الاسنان الممارسين بصفة حرة. وأكّد وجود تجاوب مع رئيس مدير عام الصيدلية المركزية خلال اللقاءات التي جمعت الطرفين الاداري والنقابي، ولكن دون تسجيل أي متغيرات في ما يتعلق بتوفر الدواء. وعن دواء التبنيج "ميديكاييني"، قال ان هذا الدواء لا يشكل خطرا على صحة المريض وهو متحصل على ترخيص مؤكّدا أن 90 بالمائة من المرضى والذين استعملوا هذا الدواء لتبنيجهم لم يتعرّضوا لأيّة عوارض جوانبية، ولكن يجب تغيير التعليب ضمانا لعدم إتلاف تلك الحقن. ودعا الصيدلية المركزية لتوفير المواد الأساسية المستعملة في طب الأسنان، مشيرا إلى أن الاطباء هدّدوا في وقت سابق بتنفيذ وقفة احتجاجية في الصيدلية المركزية على خلفية نقص المواد الأساسية ولكن في صورة تواصل هذا الوضع على مثل حالته فإن هذا التهديد مازال قائما. وقال: "نحن ضد دعوات خوصصة الصيدلية المركزية التي تسهر على الحفاظ على القدرة الشرائية"، مستدركا بالقول انها يجب أن توفر الادوية بالكميات الضرورية. كما تساءل عن وجود أدوية «محتكرة» من قبل الصيدلية المركزية يتم بيعها في شركات خاصة، مضيفا: «هذا يطرح تساؤلات عدة». ما قصة "مديكايين medicaine"؟ وقال مسؤول بمخبر الأدوية «مديس» المصنع لدواء «مديكايين medicaine»، ان هذا الدواء أول دواء تبنيج أسنان تونسي، مضيفا أنه «مصدر فخر لتونس. كما أضاف: «في البداية رفعت ملاحظات في ما يتعلق بالشكل ولكن دون تسجيل أي ملاحطات حول تركيبته.. والإشكال ان التونسي يرغب في اقتناء مواد أجنبية في حين يشكك في المواد المصنعة في تونس». وأوضح ان التشكيات في انطلاق توزيع هذا الدواء تمثلت خاصة في أن بعض اطباء الأسنان يعتبرون أن تبنيج مريض يتطلب أكثر من حقنة على عكس بعض الأدوية الأجنبية الأخرى المتوفرة في الأسواق، غير أن ذلك لا علاقة له بالدواء وانما مرتبط بحالة المريض. ودعا كل من له تشكيات من هذا الدواء أن يتوجه للمركز الوطني للتيقظ والسلامة الدوائية. وقال: "من الصعب أن يمر دواء في مسالك البيع دون مراقبة صحية من المخبر الوطني لمراقبة الأدوية ووزارة الصحة والمركز الوطني للتيقظ والسلامة الدوائية ووحدة الدواء والصيدلة..." وعن وجود أدوية تابعة لطب الأسنان يتم تسويقها من قبل موزعين أجانب أو محليين غير أنها تخضع لاحتكار الصيدلية المركزية، قال: «إذا كان هناك مخبر أدوية أو موزع أجنبي متحصل على رخصة من مخبر الأدوية الأصلي ومتحصل كذلك على رخصة من وزارة الصحة فإنه بإمكانه بيع الدواء بعد أن يتم التثبت من سلامته». الصيدلية المركزية توضح ولمزيد الاستفسار حول الموضوع، التقت «الصباح نيوز» بكل من الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية الأمين مولاهى والمديرة التقنية بها كاميليا السويسي. ومن جانبه قال مولاهي ان المواد الموردة المصنفة أدوية في طب الأسنان وأكثرها التي تهمّ "التبنيج" تخضع لاحتكار الصيدلية المركزية والتي بدورها تسهر على ضمان ديمومتها في الأسواق، مضيفا أنه بالنسبة للمواد التي ليس لها صبغة احتكارية فانها تهم الموردين الخواص غير أنها تخضع للمراقبة الفنية عند التوريد ومنها «السياليت». يأتي ذلك ردّا على ما اعتبره أطباء أسنان خرقا للقانون بتواجد ممثلين تجاريين لمخابر أدوية يقومون بييع مواد أساسية تخضع لاحتكار الصيدلية المركزية، حيث أكّد مولاهي أنه من حق هؤلاء الممثلين التجاريين بيع المواد الأساسية المصنفة أدوية في طب الاسنان، نافيا وجود أي خرق من حيث تمكين الصيدلية المركزية ممثلين تجاريين من أدوية لبيعها في الأسواق أو لدى الأطباء، وأوضح أن مخابر أدوية تبيع مباشرة بعض الأدوية غير المحتكرة عن طريق ممثلين تجاريين. وعودة لدواء التبنيج "ميديكايين" المحلي الصنع، والذي أكّد عدد من أطباء الأسنان عدم استعماله، قالت السويسي ان الصيدلية المركزية لم تتلق أيّة شكاية في الغرض، مضيفة ان لا اثار جانبية لهذا الدواء كما أنه متحصل على رخصة ويفي بالحاجة بالنسبة لأطباء الأسنان، مشيرة إلى رغبة بعض الأطباء اقتناء أدوية مخبر أدوية معيّن. وقالت انّه إذا تعلق الأمر بمدى مفعول دواء، فإن الأمر ليس من مشمولات الصيدلية المركزية، فهناك هياكل أخرى من مشمولاتها مراقبة الأدوية. وعن وجود نقص في الأدوية بالصيدلية المركزية، أشارت إلى أنه بالنسبة ل»السياليت» فإنه توجد كمية أكبر بكثير من 9 وتتجاوز الكمية الموجودة والتي يتم التثبت منها من قبل المخبر الوطني للتحاليل المئات، مضيفة أنه بالنسبة للمواد الصيدلانية التي يتم توريدها من مصنعين مختصين فإنّ الصيدلية المركزية تعترضها مشاكل خاصة في ما يهم سعر بيع الدواء والذي يمكن أن يؤثر أحيانا في تكاليف العلاج سواء تعلق الأمر بالطبيب أو المريض. ومن جانبه، عاد مولاهي ليؤكّد ان الصيدلية المركزية مؤسسة وطنية تسهر على توفير الأدوية سواء كانت محلية الصنع أو موردة وبقطع النظر عن التسمية التجارية، بهدف تلبية حاجيات المهنة والمريض بدون الحاق ضرر باي طرف من الاطراف. وقال ان الأدوية متوفرة في الصيدلية المركزية وبدون انقطاع. وأشار إلى أنه في سنة 2011 تكبدت الصيدلية المركزية خسارة فاقت 300 ألف دينار نتيجة عدم بيع بعض المواد الأساسية التي يستعملها أطباء الأسنان، على اعتبار أن الصيدلية المركزية اقتنت تلك المواد عن طريق التفاوض المباشر بينما كان يقوم الأطباء باقتنائها من الخواص، الأمر الذي تسبب في انتهاء مدة صلوحية تلك الأدوية وبالتالي اتلافها. وحول ما يتم تداوله بشأن عدم خلاص الصيدلية المركزية مخابر الأدوية، ما تسبب في فقدان بعض الأدوية في الأسواق، نفى مولاهي ذلك مؤكّدا أنه ومنذ نوفمبر 2011 لم تتخلف الصيدلية المركزية عن سداد مستحقات مزوديها ولو ليوم واحد، مضيفا أنه ومن ذلك التاريخ إلى اليوم هناك سيولة كافية لمجابهة الالتزامات المالية في الآجال التعاقدية، وأوضح: «لدينا مخزون احتياطي من المواد الصيدلانية تناهز قيمته ال400 مليون دينار».