خَلّف السّقوط المُؤلم للمنتخب الوطني أمام أنقلترا إستياءً كبيرا في الأوساط الرياضية. وهذا الغَضب العَارم لا يعود إلى الهزيمة في حدّ ذاتها وإنّما مَردّه الأداء المُحتشم لأبناء نبيل معلول الذي أغرقنا بالوعود وتعهّد بأن يقود الجيل الحالي إلى المجد العالمي وهو ما ضَاعف حَجم الصّدمة التي امتدّت من الأراضي التونسية إلى الملاعب الروسية. ويعتقد شقّ كبير من أنصار «النّسور» بأنّ الخَسارة بهدفين أمام أنقلترا تُعتبر منطقية وعادية قياسا بإختلال مَوازين القوى وفي المقابل لم يَهضم الأحباء المردودية «الكَارثية» لعناصرنا الدولية. عكس الإنتظارات أثناء الوديات الأخيرة أظهر المنتخب الوطني عدّة مؤشرات إيجابية يُمكن أن نَختزلها في الإندفاع نحو الأمام والمُجازفة بلعب ورقة الهجوم مع التخلّص من الرّهبة أمام «النجوم» وهي حقيقة تأكدت مثلا أثناء مُواجهتي البرتغال وإسبانيا. وقد كان من المفروض أن يؤكد الفريق الوطني المستوى الجيّد الذي ظهر به في الإختبارات الودية أثناء الإمتحانات الرسمية غير أن الوقائع أثبتت العكس تماما حيث إرتكب المنتخب هفوات بدائية وكان شَبحا لذلك «النّسر الكاسر» في الوديات التي كان العارفون بالكرة على علم بأنها ليست مقياسا حقيقيقا للوقوف على مُؤهلاتنا. (منتخب الشتالي مثلا إنهزم برباعية أمام هُولندا عشيّة مونديال 78 ومع ذلك فإن فريقنا حقّق بعد ذلك أفضل إنجاز تونسي في كأس العالم). تأثّر كبير شَعر الجمهور التونسي ب»الخِذلان» بعد أن قدّم المنتخب أداءً سيئا مع التعرّض إلى خَسارة مُوجعة في الوقت البديل وقد تراوحت ردود الفعل بين الغضب الشديد على المدرب واللاعبين و»إستثمار» هذه العثرة للسّخرية من الواقع المرير للكرة التونسية عبر مواقع التواصل الإجتماعي. الجمهور التونسي صنع الحدث من خلال إحتلال الساعات العامّة والفضاءات التجارية وحتى المسارح الأثرية (مثل الجمّ) وذلك من أجل وضع اليد باليد ومساندة «النسور» في أجواء إحتفالية أملا في «التعملق» أمام الأنقليز و»الثأر» من هزيمة 98 في مرسيليا. وقد ضاعفت الوعود التي قدّمها معلول ببلوغ الدور ربع النهائي ثقة الشعب في المنتخب هذا قبل أن يَستفيق من هذا «الحلم» بصدمة أخرى على يد فريق «الأسود الثلاثة» الذين أكدوا بأن المباريات تُلعب إلى حين الصّافرة النهائية للحكم ولا تَنتهي اللّعبة في الرّبع ساعة الأخير كما تعوّد على ذلك فريقنا الوطني. خيبة الأمل لم تَقتصر على ملايين المواطنين داخل الحدود التونسية وإنّما شملت أيضا الصّدمة الحشود الجماهيرية التي «غَزت» «فولغوغراد» الروسية نصرة ل «النسور». هذه الجماهير جاءت من تونس ومن كافّة أنحاء العالم وتكبّدت مَشاقا كبيرة لتوفير الدّعم المعنوي للمنتخب غير أنّها لم تجن سوى التّعب. هذا المطلوب بعد أن «خَذل» المنتخب أنصاره في لقاء الأنقليز وإرتكب المدرّب هفوات فادحة من الضروري طي صفحة هذه الخسارة والتفكير في مواجهة بلجيكا أملا في التدارك وهو مُمكن شرط إصلاح الأخطاء والمحافظة على نَقاوة الأجواء داخل معسكر «النسور». ولاشك في أن سيناريو 98 في البال عندما توتّرت الأجواء بعد هزيمة إنقلترا وتعمّقت هُوّة الخلاف بين المدرب «كاسبرجاك» وعدد من الأشخاص المُؤثرين في الكواليس لتحصل الفَضيحة ويغادر المدرّب منصبه إثر المباراة الثانية أمام كولومبيا وقد كانت الحصيلة آنذاك هزيلة ورجع فريقنا من بلد الأنوار وهو يجرّ أذيال الخيبة. وهذا ما لا نتمنّاه لمنتخب معلول.