لعل من أطرف ما قيل في كرة القدم ما جاء على لسان انقليزي وهل هناك أطرف من الانقليز؟... إنه لسان اللاعب الدولي غاري لينيكار (Gary Lineker) الذي قال إثر المقابلة الهوميريّة التي جمعت في نصف نهائي كأس العالم لسنة 1990 فريق انقلترا بفريق ألمانيا وفاز فيها هذا الأخير: «كرة القدم لعبة بسيطة: 22 لاعبا يركضون وراء كرة لمدّة 90 دقيقة وفي النهاية ينتصر الألمان دائما». ذاع قول لينيكار ذيوعا كبيرا في أوساط كرة القدم وجرى مجرى الامثال للتدليل على إرادة الانتصار عند الألمان وإصرارهم اللامتناهي على اقتلاع نقاط الفوز حتى آخر دقيقة مهما كان الخصم. ولكن، ومنذ مساء أول الأمس انتهت صلاحيّة قول لينيكار لأن الألمان لم ينتصروا وخسروا في النهاية ليس أمام الانقليز ولا أمام البرازيليين ولا أمام الرّوس، بل أمام الكوريين الجنوبيين الذين هزموهم شرّ هزيمة وأقصوهم منذ الدور الأول وأجبروهم على الانسحاب مطأطئي الرؤوس يجرّون أذيال الخيبة، منهكين مستنفدين كما لم نرهم من قبل أبدا. ألمانيا تنهزم؟ المكينة الألمانية تتعطّل؟ بطل العالم يسقط؟ غير معقول.. لكنه حقيقي! وللحقيقة نقول إن الألمان لم يكونوا الألمان الذين كنّا نعرفهم: مثابرين محاربين وفعّالين. لقد كانوا خلال المقابلات الثلاث التي لعبوها دون تلك الروّح ودون تلك الشعلة اللتان كانتا تميّزانهم. هل لأنهم «شبعوا» من الانتصارات أم لأنهم شاخوا وكبروا، أم فقط لأنها نهاية مرحلة وبداية أخرى؟ لقد أنستنا الهزيمة الألمانية التي هزّت عرش كرة القدم انتصار كوريا الجنوبية هذا البلد الصغير الذي تحوّل في بحر نصف قرن إلى تنّين اقتصادي بقوة العمل والالتزام بالانضباط. إن في انتصار كوريا على الألمان إشارة إلى أن شمس آسيا بدأت تشرق من الغرب. أما نحن العرب فإن الهزيمة الألمانية جاءت لتخفّف قليلا من وطأة نكستنا وتمكّننا من أن نلتفت إلى أبطال الأمس المنهزمين اليوم لنقول لهم: حتى أنتم يا الألمان!