الكتاب يمكّنك من السفر حتى إن لم يُتح لك فرصة الذهاب في إجازة. وهو يساعدك على التمتّع أكثر باجازتك إن ذهبت في اجازة. لذلك رأينا أن نقترح عليك كل يوم كتابا حتى يكون للمطالعة، التي تبقى أهم نشاط انساني، في صيفك نصيب. هذه احدى الروايات الخمس إلى حد الآن للصافي سعيد مع أربعة عشر كتابا صحفيا (سوتيميديا، تونس، ط1 / 2013، ط2/2017 في 318ص). وسواء أكتب رواية أو سيرة رجل دولة أو في أي جنس أدبي فالصافي سعيد هو نفسه بفكره وبأسلوبه ذلك الذي يتكلّم في المجالس التلفزية مهما كانت القناة ومهما كان المنشط، وكأنه يستدعي لغرض ما في علاقة بنسبة المشاهدة. وهو في «الإغواء الملكي» يستدعي التاريخ الحسيني من الداخل ليخوض في الحاضر مع الراكبين على التاريخ من خلال حياة ناردين باي ومصطفى علوان وعديد الشخصيات السلطوية في تونس ومصر، في السياسة وحتى في الفن كسلوى يعقوب «لوزة» ناردين البارعة في الصفقات العاطفية والتجارية وفي نسج العلاقات المشبوهة والمؤامرات الأليمة لإبعاد وزير وتنصيب آخر، في منزلها بقمرت من ضواحي تونس أو في شقتها بحي المهندسين من أحياء القاهرة. على ألسنة تلك الشخصيات ولكن بأسلوب الكاتب الصحفي وهو نفس الأسلوب الذي سمعناه به يطنب في عرض أفكاره والتعبير عن مواقفه بالتفصيل المريح، وهذا الفصل الثالث والثلاثون وهو الأخير، يقدم بطاقة تعريف «التونسي» بتناقضاته «يتفاخر التونسيون أو التوانسة كما يسمونهم جيرانهم في المغرب والمشرق بأنهم شعب نشط ومتضامن ويحب الحياة ويمثل طليعة المغرب العربي، بل يبالغ بعضهم بأن بلدهم أفضل بلد عربي، وهم شعب مقدام وممتلئ بالطموح، غير أن جيرانهم يصفونهم بالأنانية والتعصب وحتى بالطمع والجشع والجبن...» (ص313). «... ولكن متى أصبح التوسني هكذا؟ (...) هل العصر الجمهوري هو الذي جعل منهم كائنات تنهش بعضها البعض وهي مصابة بسعار التحاسد والتخاصم؟ هل الزمن التوتاليتاري هو الذي محا تمايزهم وذكاءهم وذاكرتهم...؟». (ص315). هكذا يدمج الصافي سعيد فيما يكتب كل شيء مع الكثير من ذاته ليمتع القارئ رغم بعض اللحن.