كشف الملتقى الوزاري حول مستقبل قطاع النسيج والملابس في المنطقة الأورومتوسطية المنعقد أمس بأحد نزل قمرت الضاحية الشمالية لتونس العاصمة عن المخاوف التي بدأت تنتاب الصناعيين في منطقة جنوب المتوسط ومنهم الصناعيون التونسيون العاملون في قطاع النسيج بسبب اقتراب موعد انتهاء العمل بالاتفاقيات متعددة الأطراف الذي يتزامن مع غرّة جانفي المقبل (2005) والذي يتوقع الخبراء أنه سيفضي الى تزايد المنافسة المباشرة في السوق الأوروبية من قبل المنتوجات الآسيوية وعلى رأسها المنتوجات الصينية التي سيتسنّى لها ابتداء من الموعد المذكور دخول هذه السوق دون حواجز وقيود. وكان من اثار الغاء العمل بالاتفاقيات وتفكيك نظام الحصص في السوق الأوروبية للنسيج أن ارتفعت حصص بعض البلدان الأخرى مثل الصين في الأسواق العالمية وفي السوق الأوروبية على وجه الخصوص ويتوقع الخبراء أن تتوصل الصين في غضون سنة 2010 الى احتكار 50 من السوق الأوروبية للنسيج. أما بالنسبة الى تونس فإن الخبراء يرون أن الغزو الصيني سيظهر ابتداء من السنة المقبلة (2005) على اعتبار أن آخر حصة ستصدرها تونس نحو السوق الأوروبية في اطار نظام الحصص في موفى ديسمبر المقبل تضمّ المنتوجات التونسية الأكثر تصديرا بهذه السوق. تأثر وذكرت مصادر مهنية ل»الشروق» أن عددا من مؤسسات النسيج في تونس قد بدأت بعد تتأثر بالوضع الجديد وبعملية الإلغاء والتفكيك التدريجي للحصص التونسية في السوق الأوروبية التي انطلقت منذ 1994 ويظهر هذا التأثر في الصعوبات التي تواجهها بعض المؤسسات. ودعا السيد أحمد السلامي رئيس الغرفة الوطنية للنسيج باتحاد الأعراف في المؤتمر الوزاري في تصريح ل»الشروق» الى اتخاذ كافة القرارات والاجراءات المناسبة للتصدي لإغراق سوق النسيج من طرف الصناعيين الصينيين الذين يلجؤون الى أساليب مخلّة بالمنافسة مثل البيع بأقل من السعر الحقيقي نظرا لتدنّي كلفة الانتاج لديهم وأيضا لإنقاذ الصناعيين العاملين في قطاع النسيج ببلدان المتوسط من ركود محقق. وأكد السيد السلامي تأثر الصناعيين التونسيين المباشر من الوضع الجديد بالقول ان صادراتنا من النسيج قد شهدت استقرارا واضحا ولم تحقق الزيادة التي كانت تحققها قبل سنتين والمتراوحة بين 10 و15 سنويا. ولم يذكر السيد السلامي مظهرا آخر يؤكد تأثر تونس ولكنه قال ان استقرار صادرات النسيج وعدم تطورها يشكل عنصرا يدعو الى التخوف والحذر. وبخصوص الحلول العملية التي يقترحها الصناعيون وأهل المهنة لتفادي الانعكاسات السلبية لهيمنة الصين على سوق النسيج العالمية قال رئيس الغرفة ان اجتماعا عقد يومي 24 و25 سبتمبر الجاري وأفضى الى صياغة مقترحات تم توجيهها الى الحكومة في هذا الشأن ومن أهمها بعث مرصد لمتابعة التطبيقات الصينية في صناعة النسيج حتى يمكن مجاراتها من جهة والتصدي لتجاوزاتها وجعلها تتقيد بقواعد اللعبة وقوانين الشغل وضوابط المنافسة الشريفة من جهة ثانية. كما اقترح المهنيون على الحكومة بعث برنامج لمساعدة المؤسسات على المرور من نظام المناولة الى نظام المنتوج النهائي وإيجاد صيغ لتمويل الاستثمارات الأوروبية في بلدان جنوب المتوسط. يُذكر أن تونس تضم حاليا نحو 2400 مؤسسة عاملة في قطاع النسيج والملابس 70 منها مصدرة كليا والبقية مصدرة جزئيا وتروّج منتوجها في السوق الداخلية. وتشغل هذه المؤسسات قرابة 250 ألف عامل وعاملة وهو ما يعادل نصف مواطن الشغل التي يوفرها قطاع الصناعات المعملية للتونسيين. وتبلغ صادرات هذه المؤسسات سنويا نحو 5 ملايين دينار أي ما يمثل 50 من اجمالي الصادرات التونسية. وتحتل تونس المرتبة السادسة ضمن مزودي سوق الاتحاد الأوروبي من منتوجات النسيج والمرتبة 15 ضمن مصدري العالم من هذه المنتوجات. وكان السيد منذر الزنايدي وزير التجارة افتتح أمس المؤتمر الوزاري حول قطاع النسيج في المنطقة الأورومتوسطية بحضور السيد باسكال لامي مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التجارة ووزراء التجارة في البلدان الأوروبية والمتوسطية وعدد هام من الخبراء والمختصين. وشدّد وزير التجارة بالخصوص في كلمة على ضرورة اعطاء نفس جديد ودفع للشراكة الأورومتوسطية وتحسين الانتاجية لقطاع النسيج في المنطقة.