ورشة عمل دولية حول علوم المياه والبيئة يومي 15 و 16 ماي 2025 بقرطاج    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    تعيين مدير عام جديد على رأس "بي هاش" للتأمين    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    بداية من الثلاثاء: انقطاع مياه الشرب بهذه الضاحية من العاصمة.. #خبر_عاجل    تنويه واعتذار    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    سوسة: القبض على شخص مصنف خطير وحجز مواد مخدرة    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    شبهات فساد: قرار قضائي في حق وديع الجريء ومسؤولين آخرين.. #خبر_عاجل    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    سيدي بوزيد: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    التوقعات الجوية لليوم السبت    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بمشروع مدني بيئي وثقافي    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    تعزيز مخزون السدود وتحسين موسم الحبوب والزيتون في تونس بفضل الأمطار الأخيرة    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    طقس اليوم: أجواء ربيعية دافئة وأمطار رعدية محلية    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العملاق الصيني يبتلع صناعة النسيج
نشر في الوسط التونسية يوم 08 - 02 - 2008

إن الشعار الذي ترفعة الآن بلدان عدة مصنعة للنسيج في العالم الثالث هو “التكيف أو الموت”. ولم يأخذ هذا الشعار بعده الحقيقي إلا في مواجهة الرهانات العالمية التي ترتسم في الصناعة العالمية للنسيج والملابس. وقلب الاتفاق متعدد الألياف (حول النسيج) مع بداية عام ،2005 الذي منح حصصا (كوتا) للبلدان الغنية، رأسا على عقب توزيع الحصص، ودق جرس الإنذار عقب الوصول المدوي لكل من الصين والهند.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية تجاوزت واردات النسيج والملابس الآتية من الصين مبلغ 27 مليار دولار أمريكي في عام ،2005 بنسبة ارتفاع 100% خلال خمس سنوات. وحصل الأمر عينه في أوروبا، حيث ارتفعت وارداتها النسيجية من الصين إلى 28 مليار دولار في العام نفسه. وأحدث هذا الاتجاه التصاعدي قلقا كبيرا في البلدان المصنعة للنسيج في العالم الثالث، ولا سيما أن الحصص المحددة في شهر يونيو/حزيران ،2005 حول عشرة أنواع من المواد النسيجية الآتية من الصين ستختفي نهائيا في أول يناير/كانون الثاني 2008.
ويمس هذا القلق القارة الإفريقية بشكل خاص، التي تمثل المنتوجات النسيجية 75% من صادراتها، فالبلدان الإفريقية مثل جنوب إفريقيا، والمغرب، وتونس، وكينيا، وأوغندا، ومدغشقر، أو جزر الموريش، اختارت قطاع النسيج كمحرك لتنميتها، ولكنها لم تأخذ في حسبانها عند انطلاقتها بروز الصين كقوة عالمية رائدة في صناعة وتصدير الملبوسات والنسيج.
حسب ديوان المستشارين المتخصصين في النسيج “ويرنر الدولية”، فإن تكلفة الساعة الوسطية لعامل صيني تعتبر قياسية ولا تزاحم، فتكلفة ساعة العمل للعامل الصيني في الداخل هي 0،48 دولار، وللعامل الصيني على الساحل، هي 0،76 دولار، وللعامل المغربي 2،58 دولار، وللعامل البرازيلي 2،83 دولار، وللعامل الجنوب إفريقي 3،8 دولار، وللعامل الأمريكي 15،78 دولار، وللعامل الإيطالي: 19،76 دولار، وللعامل الفرنسي: 21 دولارا، وللعامل الألماني 27،69 دولار.
وكانت النتيجة، خفض العديد من المستثمرين في قطاع النسيج استثماراتهم في إفريقيا لكي يتجهوا وجهة آسيا، نظرا لرخص اليد العاملة الصينية، فالصناعيون يستبقون انخفاضا في الإنتاج، في ظل تزايد عدد العاطلين عن العمل في قطاع النسيج الإفريقي.إذ وصل عدد العاطلين عن العمل إلى نحو 300 ألف، حسب احصاءات الفيدرالية الدولية لعمال الصناعة والملابس، والجلد. وهناك بعض الاتفاقات مثل “الكل ماعدا الأسلحة” للاتحاد الأوروبي وأفريكان غراوثآند أوبورتينيتي (آغوا) الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية في عام2000 ، سمحت بكل تأكيد بدعم الصادرات الإفريقية في الوقت الحاضر، من خلال اقتراح إعفائها من الرسوم الجمركية أو غياب نظام الحصص.
بيد أن هذا الوضع لا يجوز أن ينخدع به أحد. وعلى الرغم من المزايا التي تمثلها للصناعات الإفريقية، فإنها لم تسمح إلا بتعويض جزئي للتأثيرات المدمرة الناجمة عن التخلي عن اتفاق تحديد الحصص. وفضلا عن ذلك، باتت الصناعات الإفريقية مطالبة بأن تأخذ في الاعتبار لتهديد آخر:ألبسة البالة. ففي خلال سنوات أصبح بيع الملابس العتيقة تجارة مربحة في العديد من البلدان. والمشهد أصبح مألوفا، في بداية كل شهر، تفرغ مئات البالات الآتية من أوروبا بشكل خاص، محتوياتها من الملابس العتيقة في العواصم الإفريقية الكبيرة، مقدمة للمستهلكين إمكانية شراء الملابس بأسعار أقل، وملحقة الضرر بالقطاعات المحلية.وخلال خمس سنوات، خسرت صناعة القطن في الكاميرون نصف مبيعاتها، وسرحت ربع العاملين فيها.
في مواجهة هذه التهديدات، بدأت بعض البلدان تنظيم ردودها. ويضطلع كل من المغرب وتونس بدور طليعي في ذلك، إذ يبحثان كيفية توظيف قربهما من السوق الأوروبية. وأصبحت قابلية ردّ الفعل، والتدفقات الممدودة، وتخفيض قيمة التكلفة وكذلك المدة لتسليم البضائع، من المبادىء الجديدة. واليوم، بإمكان الآمرين بالسحب الإسبانيين أو الإيطاليين أن يغيروا التشكيلة حتى ست مرات في السنة. إنهم يفضلون تحديد الكميات المخزونة والشركات القادرة على تلبية احتياجاتهم بأسرع وقت ممكن. ويقول مدير المجموعة المغربية “داتما” التي مقرها في الدار البيضاء، والتي تشغل حوالي 800 شخص، إننا قادرون على تلبية احتياجاتهم خلال عشرة أيام فقط. وللمجموعة عشرات من الزبائن الأوروبيين، منهم كيابي، وبورتون، كامايوأو زورا.
وفهمت السلطات المغربية الموضوع جيدا، ووضعت قيد الإنجاز أيضا، عن طريق إطلاق مشاريع كبيرة لإعادة التنظيم والترميم، مثل ميناء طنجة. وتتركز الجهود حول الشروط الاجتماعية والبيئية للإنتاج، حيث يوليه المستهلكون الأوروبيون أهمية كبيرة عند شرائهم للمنتوجات.
في دراسة حديثة قامت بها المؤسسة الفرنسية للموضة، أكدت على ضرورة تطوير الشركات النسيجية في البلدان المغاربية إنتاجها لكي تضمن بقاءها. ويجب عليها اقتراح من الآن فصاعدا، مزيدا من الخدمات لمموليها لكي تزيد من قيمها المضافة حسب شرح جيلداس مانفيال صاحب التقرير. فالشركات المغاربية تخشى أن تتخطاها البلدان المنافسة الأخرى، مثل تركيا حيث صناعة النسيج فيها تعتبرأكثر اندماجا.
وتتجه سياسة إبرام الاتفاقات التي طورها كل من المغرب وتونس خلال السنوات القليلة الماضية في هذا الاتجاه. فقد وقع المغرب اتفاقية للتجارة الحرة مع كل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية يناير عام ،2006 ووقعت تونس كذلك اتفاقية للتجارة الحرة مع تركيا يوليو/تموز 2006.
واختارت بلدان إفريقية عدة استراتيجيات مغايرة، تقوم على أساس زيادة الاستثمارات في ميدان البحث- التنمية، وهي تبحث في تحقيق اقتصاديات على مستوى عال، ولا سيما حول تشكيلة من المنتوجات النسيجية لم تدخلها المنافسة الصينية بعد.
سوف تمثل السوق العالمية للنسيج 150 مليار دولار من الآن وحتى سنة ،2010 مقابل 90 مليار دولار في عام ،2000 في ظل طلب متزايد من أوروبا.
* باحث اقتصادي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.