الكتاب يمكّنك من السفر حتى إن لم يُتح لك فرصة الذهاب في إجازة. وهو يساعدك على التمتّع أكثر باجازتك إن ذهبت في اجازة. لذلك رأينا أن نقترح عليك كل يوم كتابا حتى يكون للمطالعة، التي تبقى أهم نشاط انساني، في صيفك نصيب. العنوان الكامل لرسالة ماجستير الصحبي بن منصور هو «المرأة والعلاقات الزوجية بإفريقية في العصر الوسيط» (مجمع الأطرش، تونس 2018 في 256 ص). ومن خلال موضوع المرأة تتضح جوانب من حضارة تونس في عصر القيروان. أول ما لاحظه الباحث هو عدم تطابق صورة المرأة في الواقع مع الصورة المثالية في المتخيّل الاسلامي، فهي امرأة، حسب القضاة والمفتين والمؤرّخين، تتخبّط في المشاكل اليومية والصراعات العائلية والاجتماعية والسياسية متأرجحة بين المقدّس والمدنّس سواء في إطار الزواج أو في إطار الطلاق، وسواء أكانت حرّة أو مملوكة أو كانت محسنة أو قينة، وليّة صالحة أو عاهرة. أثناء الدراسة عرّى الباحث بعض الظواهر السلبية كالتحيّل على الرجل بردّ الثيب بكرا وسلب إرادة المرأة بالسحر والشعوذة، ولاحظ أن الخطوة لم تكن دائما لذات الدين، كما جاء في الحديث، بل كانت غالبا لذات المال والحسب والنسب والجمال وحتى للمرأة الفنانة، كما لاحظ أنها، في مجتمعها الذكوري، بين وضعيتين، فإما مقموعة من الرجل وإما سيّدة عليه. والمهم أن أحكام القضاء والحسبة كرّست عوامل صيانة العلاقات الزوجية حماية للأسرة وخاصة الأبناء من عواقب الانهيار والفساد، وذلك بالتشدّد في الطلاق. وكمثال فقد حكم الإمام سحنون بصفع قفا رجل حلف بطلاق زوجته عقابا له على استهانته بها وبأولاده، ولكن الأمثلة على التجاوزات عديدة أيضا. ويتميّز في موضوع المرأة الصداق القيرواني كصورة متقدّمة للمرأة التونسية منذ الاسلام المبكّر. فبموجبه تشترط على الرجل المشاركة في أي قرار مصيري قد يضرّ بالعائلة فتمنعه من الزواج بثانية أو الانتقال بها الى مدينة أخرى من دون موافقتها. وقد توسّع المؤلّف فاهتمّ بالمرأة اليهودية والمسيحية، واستعرض حالات طريفة كافتضاض بكارة المرأة قبل الزواج ومحاسبتها في ليلة الامتحان، بعد تغرير زوج المستقبل بها. وأطرف من الورطة اختلاف القضاة حسب وقت تقديم المهر إن كان قبل الافتراع أو بعده.