تحوّل مضمون تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة الى مادة للصراع السياسي و محاولة كسب نقاط على خصوم محتملين في الانتخابات التشريعية و الرئاسية القادمة . تونس الشروق: خارج السياق التقيني -القانوني لتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة, أحدثت مضامين هذا التقرير ارتدادات كبرى إجتماعيّا تمت ترجمتها في نقاشات مطولة في فضاءات التواصل الاجتماعي , وفي وقفات احتجاجية .. أما الاستتباعات السياسية لمضمون التقرير فاختلفت اوجهها والياتها . أرضية صراع سياسي منذ نشر التقرير , انطلقت حملات التشويه لاعضاء اللجنة ,و تلفيق بعض المضامين التي لم ترد في التقرير , وشحن الشارع التونسي , الى ان اصبح جاهزا للانخراط في صراعات وتجاذبات سياسية , قد تكون الأفكار التي تضمنها التقرير اخر اهتماماتها , ولا تُفكّر الا في الانتخابات التشريعية و الرئاسية لسنة 2019 . مثل تقرير لجنة الحريات , أرضية مثالية للانطلاق في حملات انتخابية مسبوقة , فالمشهد السياسي انقسم الى شقّين , الأول «محافظ» و تقوده حركة النهضة وبعض المكونات الأخرى منها السياسي , ومنها الجمعياتي .. و تتمسّك مكونات هذه المجموعة بأن بعض مضامين هذا التقرير منافية لتعاليم الدين الإسلامي وتهدف الى تفكيك الاسرة التونسية . اسقاط التقرير وتنقسم هذه المجموعة الى راغبين في اسقاط التقرير قبل وصوله للبرلمان و طالب هؤلاء بسحبه دون مناقشته , و اخرين يطالبون بمناقشة مضامين التقرير و التخلي عن بعض الأفكار الواردة فيه , مثل المثلية الجنسية , في حين يبدون مرونة مع بعض الأفكار الأخرى مثل المساواة في الميراث وتمكين الام من منح لقبها لابنها . هذه المجموعة تحاول بشكل غير مباشر , إظهار كل داعم لمضامين التقرير , بمظهر المعادي للدين الإسلامي , و هويّة المجتمع التونسي , وفي ذلك مكسب يمكن ترجمته سياسيا في استقطاب قواعد إضافية في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة . الاحراج السياسي أما المجموعة الثانية , والتي يصطلح على تسميتها ب « الحداثيين « وتتكون من حزب حركة نداء تونس , وعدد من الشخصيات السياسية والنواب و الخبراء في القانون ..فتعتبر أن تقرير لجنة الحريات إنجازا يضاف الى المنظومة التشريعية التونسية . مكونات هذه المجموعة لا تستنكر وجود بعض النقاط التي يمكن مناقشتها , لكنها تدفع في سياق فتح نقاش رسمي في التقرير و تبني كل ما يمكن المصادقة عليه , وتدفع هذه المجموعة في سياق طرح التقرير للنقاش واستغلاله سياسيا بحشر المجموعة الأولى في الزاوية و إحراجها خارجيا , خاصة وان بعض مضامين التقرير تستجيب لمعايير دولية وقعت عليها تونس في معاهدات ومواثيق دولية اكثر من مرة . معارك الكواليس هذه المعارك السياسية تبدو شديدة الوضوح بالنسبة للراي العام التونسي , إلا انها تُخفي صراعات أخرى في الكواليس لم تظهر بملامح واضحة أكثر , ومن المنتظر ان تطفو على السطح فور إحالة التقرير الى البرلمان وطرحه للنقاش . يُضاف كل هذا الى ما يُروّج مؤخرا حول إمكانية عقد صفقات سياسية , مُنطلقها التقرير , ومنتهاها صفقات ومقايضات , ولئن لم تظهر الى الان مؤشرات واضحة حول ما يتم ترويجه , إلاّ أن اللقاء الأخير بين زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي , تم تاويله في هذه السياق , حيث أكد متابعون للمشهد السياسي , أن اللقاء تمحور حول امكانية حذف بعض العناصر من تقرير لجنة الحريات , وهي عناصر تُحرج حركة النهضة خارجيا , مقابل رفع النهضة دعمها ليوسف الشاهد . من المنتظر ان يحيل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي , جزءا من تقرير لجنة الحريات , الى البرلمان , ليتحول النقاش حوله من الفضاءات الافتراضية و الشارع التونسي , الى داخل لجان البرلمان , و تتحول مضامين النقاشات الى أفكار تُثري مشاريع القوانين المقدمة .