غريب أمرهم. عجيب فظيع جمود فكرهم. مازالوا يتحدثون عن الفتاة الريفية وكأنها معزولة عن عالمهم تعيش في مطلع الستينات والسبعينات من القرن الماضي حتى أنهم مازالوا يبرمجون لها في مشاريعهم احداث مراكز للتكوين في «الصوف والسداية» مع السعي إلى أن يوفروا لها مورد رزق كتمكينها من عشر نعاج وكبش. أو بقرة حلوب أو بعض دجاجات وديك مع حفنة من بذور الخضر وفأس ورفش ومذراة. فوالله «لو كانت الدنيا دنيا» لكانوا هم أولى بتربية الدجاجات والنعجات والبقرة وزراعة حفنة بذور الخضر ولكانوا بذلك أنفع للبلاد من أن يتربعوا على عرش كراسي الحكم والسلطة هل هو غباء أو عيش في الأبراج العاجية. إن كان هذا أو ذاك أو هذا وذاك معا فعلى تونس قبل السلطة السلام. كيف لا يعرفون الفتاة الريفية وهي التي تعجّ بها اليوم الجامعات والمعاهد العليا في تونس وحتى في الخارج دارسات ومدرسات طالبات ودكتورات. ريفيات ويعتززن بموطنهن تجاوزن مرحلة عيش جداتهن زمن كانت فيه أوتارهن وأعوادهن «الصوف والسداية» صدقت جدتي يوم قالت من يفكر في الوقوف عند النعجة فهو نعجة مصابة بالعقم وحرباء. أما أنا فأضيف أن من يجعل من عشر دجاجات مورد رزق فهو مسكون بالسردكة. ومن يفكر في ضمان العيش من وراء بقرة حلوب يتيمة فهو عجل أو عجلة. بقي في الريف فتيات وأمهات كادحات مناضلات أيضا يقاومن هم الزمان وغطرسة الاجحاف في حقوقهن المهضومة باسم الرجولة والشريعة والحريم. اعتقوهن ففيهن صلاح الأمور ففيهن من هن أرجح عقلا ومعرفة أكثر منكم يا وجوه اللوح.