قبل الدخول في لب المسألة يجدر بنا أن تتعرّض لبعض التعريفات الميكروبيوت: هو جملة كل الكائنات الحية الدقيقة التي تسكن الجهاز الهضمي وأساسا الأمعاء. تأوي هذه الأخيرة 100،000 مليار البكتيريا الإيجابية التي تساهم بصفة أساسية في عملية الهضم. البروبيوتيك: هي مكملات غذائية تحتوي على البكتيريا الحية من الأنواع المفترض أن تكون مفيدة للجسم. البروبيوتيك الأكثر استخداما هي بكتيريا أجناس لكتوباكيللوس وBifidobacterium. في العقود الأخيرة أصبح العلماء أكثر اهتمامًا الآن بتأثير التغذية على السرطان. كل يوم تبرز لنا البحوث والبيانات العلمية أن اتباع نظام غذائي غني بالدهون الجيدة ومحدودة الكربوهيدرات أي السكريات (خصوصا الكربوهيدرات التي وقع تخليصها من الألياف أي الكربوهيدرات غير ليفية) يحدّ بشكل كبير من خطر الإصابة بالسرطان ويحسّن من وظائف الميتوكوندريا mitochondries وهي مكون للخلية له دور في توفير الطاقة والتمثيل الغذائي métabolisme. تبيّن هذه البحوث أيضا أن للأطعمة المخمرة دور هام في مكافحة السرطان. من المعلوم أن هذه الأطعمة تحتوي بكتيريا جيدة لها فعالية عالية ضد سرطان القولون لكنها قد تمنع أيضًا سرطان الثدي والكبد والأمعاء الدقيقة وسرطانات الأعضاء الأخرى. لا يخفى على القارئ أن 90 بالمائة من الأمراض تنشأ في الجهاز الهضمي وهذا بارتباط بنوعية النظام الغذائي. وقد تبين ، على سبيل المثال ، أن سلسلة من الأحماض الدهنية القصيرة التي تنتجها عملية تخمر الألياف عن طريق الميكروبات في الأمعاء ، تتسبب في الوفاة لخلايا سرطان القولون. تشير الدكتورة جوهانا لامب، من مركز أبحاث السرطان فريد هاتشينسون إلى أن عملية التمثيل الغذائي الميكروبي قد تؤثر على خطر الإصابة بالسرطان وذلك من خلال القيام بعملية إصلاح الحمض النووي وإزالة السموم من المواد المسببة للسرطان والحد من الالتهابات وذلك من خلال عملية تعرف بالموت الذاتي للخلية السرطانية Apoptosis (موت الخلية المبرمج). من عجائب هذه الميكروبات الجيدة التي توجد في الأمعاء أنها تحتوي على 100 مرة أكثر من الجينات من جينوم الجسم بأكمله. أما الأهم من ذلك، فإن جراثيم الأمعاء تساهم في توليد مركبات جديدة (الأيض البكتيرية) التي قد يكون لها تأثير مفيد، أو سلبي على الصحة. تؤكد نفس الباحثة أن توفير مواد غذائية ونشطة بيولوجيا مهمة للصحة ويمكن أن تؤثر على الجراثيم المعوية وهذا يساعدنا في تطوير استراتيجيات جديدة وحميات لمنع السرطان. الحد من الالتهاب هو واحد من الإجراءات الهامة لمكافحة السرطان وهذه أهم ميزة للأطعمة المخمرة. أوضح ستيفاني ماكسون، رئيس علم التغذية السريرية في الطب التكاملي مركز إم دي أندرسون، أن الالتهاب لفترة طويلة يمكن أن يلحق الضرر بالخلايا والأنسجة السليمة في الجسم ويحدّ من قدرة الجهاز المناعي. بما أن نظام المناعة هو خط الدفاع الأول، فإن ضعفه يعني إمكانية التعرّض لأمراض مثل السرطان. بكتيريا كلوستريديوم هي مجموعة من البكتيريا التي تعتبر مهمة للحفاظ على جهاز مناعة سليم. ومن المفارقات، يشمل هذا الجنس أيضا نوعا أخر يمكن أن تسبب التهابات معوية خطيرة تهدد الحياة. ففي حين أن C. difficile تسبب التهابًا مزمنًا ، فإن clostridia العنقودية تساعد في الحفاظ على الحاجز المعوي ووظائفه الصحيحة مما يمنع العوامل الالتهابية من التأثير على الدم. من بين العوامل التي تتسب في الالتهاب نذكر: البدانة – التدخين – الإجهاد - عدم ممارسة الرياضة والسير على الأقدام – نظام غذائي سيئ غني بالشحوم الحيوانية والسكريات. يلعب الالتهاب والجراثيم أيضًا دورًا في داء السكري من النوع الأول. فالصلة بين الجراثيم والالتهاب واضحة أيضًا في النوع الأول من داء السكري (السكري المعتمد على الأنسولين).