رئيس الجمهورية: "تونس تعيش جملة من الظواهر غير الطبيعية هدفها ضرب الدولة وتفتيتها"    بالفيديو.. شجار 3 من لاعبي تشلسي حول تنفيذ ركلة الجزاء    قيس سعيد: تونس لن تكون لا معبرا ولا مستقرا للمهاجرين غير النظاميين    عاجل: قيس سعيد: آن الأوان لمحاكمة عدد من المتآمرين على أمن الدولة محاكمة عادلة    حركة المسافرين تزيد بنسبة 6،2 بالمائة عبر المطارات التونسية خلال الثلاثي الأوّل من 2024    زغوان: تكثيف التدخلات الميدانية لمقاومة الحشرة القرمزية والاصابة لا تتجاوز 1 بالمائة من المساحة الجملية (المندوب الجهوي للفلاحة)    تونس تشارك في اجتماعات الربيع السنوية لمجموعة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.    مصر: جثمان سيدة يتحرك خلال جنازتها والأطباء يؤكدون وفاتها    وزارة التشغيل: قريبا اطلاق برنامج "كاب التشغيل" لمرافقة المؤسسات الصغرى والمتوسطة    دربي مصر: الجزيري يقود الزمالك الى الفوز على الاهلي    البطولة الوطنية لكرة السلة(مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة التاسعة    رابطة أبطال أوروبا: مباريات في قمة الإثارة في إياب الدور ربع النهائي    ميناء حلق الوادي الشمالي: احباط محاولة تهريب أكثر من 7 كلغ من مخدر القنب الهندي    معرض تونس الدولي للكتاب 2024: القائمة القصيرة للأعمال الأدبية المرشحة للفوز بجوائز الدورة    دار الثقافة بمساكن تحتضن الدورة الأولى لمهرجان مساكن لفيلم التراث من 19 الى 21 افريل    قرطاج: القبض على منحرف خطير محل أحكام قضائية تصل إلى 20 سنة سجنا    عاجل/ الكيان الصهيونى يتوعد بالرد على ايران..    البطولة الافريقية للاندية البطلة للكرة الطائرة: فوز ثاني لمولدية بوسالم    فتح بحث تحقيقي ضدّ رئيس جمهورية سابق وصاحب قناة خاصّة ومقدم برنامج    جرزونة: القبض على مروج مخدرات وحجز 1131 قرصا مخدرا    والية نابل تواكب اختبارات التربية البدنية لتلاميذ الباكالوريا    وزير الشؤون الاجتماعية يزور مقر CNRPS ويصدر هذه التوصيات    الاتحاد الجهوي للفلاحة بجندوبة يدعو إلى وقفة احتجاجية    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    القصرين: وفاة شابة أضرمت النار في جسدها    وزيرة الأسرة تحدث خليّة الأزمة    وزير الدفاع يستقبل رئيس اللجنة العسكرية للناتو    معرض تونس الدولي للكتاب.. 25 دولة تسجل مشاركتها و 314 جناح عرض    منظمة الأعراف تُراسل رئيس الجمهورية بخصوص مخابز هذه الجهة    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    اضطراب و انقطاع في توزيع الماء في إطار مشروع تزويد الثكنة العسكرية بفندق الجديد من ولاية نابل بالماء الصالح للشرب    الحماية المدنية:11حالة وفاة و310إصابة خلال 24ساعة.    الموت يفجع اسماعيل هنية من جديد (صورة)    هزة أرضية تضرب شرقي ليبيا    وزارة الفلاحة: الحشرة القرمزية طالت 9 ولايات وهي تقضي على التين الشوكي.    الدورة السادسة لملتقى "معا" للفن المعاصر بالحمامات يستضيف 35 فنانا تشكيليا من 21 بلدا    بهدف في الوقت بدل الضائع ... محمد علي بن رمضان يقود فرينكفاروش للفوز على زالاغيرسيغي 3-2    نابل: إصابة 7 أشخاص في حادث نقل جماعيّ    أنس جابر تبقى في المركز التاسع في التصنيف العالمي لرابطة محترفات التنس    إيران تحتجز سفينة إسرائيلية في مضيق هرمز    نصائح للمساعدة في تقليل وقت الشاشة عند الأطفال    المؤتمر الدولي "حديث الروح" : تونس منارة للحب والسلام والتشافي    المقاومة ترد على عرض الصهاينة: لا تنازل في صفقة التبادل    صفاقس .. رغم المجهودات المبذولة ...الحشرة القرمزية تنتشر بقوة    من «طاح تخبل هز حزامك» إلى «وينك وقت البرد كلاني» .. الأغنية التونسية في غرفة الإنعاش !    القيروان .. مدينة العلوم تساهم في تنشيط مهرجان الإبداع الطلابي بجامعة القيروان    ايطاليا ضيف شرف معرض تونس الدولي للكتاب 2024    الكاف ... قطعان بلا تلاقيح .. الفلاح يستغيث.. الطبيب البيطري يتذمّر والمندوبيّة توضّح    خالد عبيد: "هجوم إيران أسقط أسطورة إسرائيل التي لا يمكن لأيّ قوّة أن تطالها.."    بطولة إيطاليا : توقف لقاء روما وأودينيزي بسبب إصابة خطيرة للمدافع نديكا    تألق المندوبية الجهوية للتربية صفاقس1 في الملتقى الاقليمي للموسيقى    تونس: التدخين وراء إصابة 90 بالمائة من مرضى سرطان الرئة    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    أولا وأخيرا... الضحك الباكي    تونس تحتضن الدورة 4 للمؤتمر الأفريقي لأمراض الروماتيزم عند الأطفال    فتوى جديدة تثير الجدل..    اكتشاف متغير جيني يقلل من خطر مرض لا دواء له    الزرع والثمار والفواكه من فضل الله .. الفلاحة والزراعة في القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحاليل الشروق :المسكوت عَنْهُ في خطاب النهضة والمخفي في سياساتها:التوافق المتوازن والانتقال من «التكتيكي» إلى «الإستراتيجي»؟
نشر في الشروق يوم 27 - 09 - 2018

بعد أن أصبحت اللاعب الحزبي والسياسي الرئيسي في البلاد، مثلما عكستهُ نتائج الانتخابات البلديّة الأخيرة وتدعمه باستمرار حالة التماسك وقوّة المؤسّسات ووضوح المواقف وهامش المناورة الواسع، تتحرّك حركة النهضة في اتجاه امتلاك زمام المبادرة والتحرُّر من قيود الضغوط والإكراهات.
واجهت حركة النهضة منذ الثورة عواصف جمّة، ومنها الثقيلة على غرار الأزمة ما بعد الاغتيالات السياسيّة، واستطاعت، وهذا باعتراف الكل بمن فيها خصومها، تخطي العقبات الواحدة تلو الأخرى بقدر مهم من النجاح انتهى بها الى ما هي عليه اليوم، الطرف المحدّد للتوجهات الكبرى للحياة الوطنيّة.
التوافق سياسة وخيار ثابت
لا شكّ في تمسّك النهضة بالتوافق كسياسة ثابتة وكخيار لا رجعة فيه لاستكمال البناء الديمقراطي وبقية الاستحقاقات الدستوريّة والمؤسساتيّة للحكم الدائم والمستقر، كما لا شكّ مُطلقا في صدق السيّد رئيس الجمهوريّة، فقد تخلّت النهضة عن توافق لامتوازن فيه الكثير من الإكراهات وكان محكوما منذ انطلاقه بطلب المزيد من التنازلات منها باستمرار، وكان رفض إزاحة يوسف الشاهد عن موقعه حجرة الصّد أو الملعب الذي اختارته النهضة لوقف ما تعتبره نزيف التنازلات.
في هذا الصدد، قد لا يكون الشاهد سوى مكبح لوقف ذلك النزيف والانطلاق في التفكير في رسم ملامح لمرحلة قادمة تنشدُ فيها النهضة حقّها في الدفاع عن مواقفها بل وفرض خياراتها من منطلق الغلبة العدديّة والتحفيز الكبير الذي توفّره كتلتها البرلمانيّة المتماسكة، هذا إلى جانب ما بدأت في حصاده من ثمار تنفيذ مخرجات مؤتمرها العاشر في التونسة والتخصّص السياسي والتخلي عن عباءة العقيدة والإيديولوجيا الدينيّة والقدر الهام من قابليّة الاندماج المجتمعي والاندراج في مسارات إدارة الشأن وقيادة الدولة.
ولكن أيضا قد يكون الشاهد الطرف المقابل في معادلة التوافق المتوازن المأمول في تفكير النهضة إذا أمكن له بناء مشروعه الحزبي والسياسي في المدى القريب ليكون الشريك في تشييد مرحلة ما بعد 2019، وما يجري الآن أنّ النهضة تتَّجه بقدر كبير من امكاناتها ومواقفها لتعزيز هذا المسار، فوقوفها الداعم لبقاء الشاهد على رأس الحكومة، والذي كلَّفها اختلافا جوهريا مع نداء تونس ورئيس الجمهوريّة، ليس سوى ضخا لحساب تقوية الشريك أو الحليف الذي ستنتقلُ معه لاحقا الى أفق «التوافق الاستراتيجي» الذي يتجاوز الشؤون الظرفية والعابرة إلى تفاهمات تعزّز مناعة الدولة وفاعليتها وتمكّن من تجسيد الاستحقاقات الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي ينتظرها الشعب.
البحث عن شراكة متوازنة
هل كان التوافق مع السبسي والنداء تكتيكيا مرحليا؟، لم يصدر عن النهضة ما يُفيد ذلك ولكنّ خيارات الطرف المقابل كشفت عن رغبة في إبقاء النهضة في موقع التابع القابل بالتنازل المستمر الراضي بالمجال الذي لا بدّ أن يبقى رهينته.
ظلّت النهضة تنشدُ توسيع التوافق والمرور به الى الشراكة الفعليّة، ولكن أزمات النداء والوضع الذي آل إليه عسّر من إمكانية استمرار النهضة في ذلك المسلك، فأوضاع الحكم لا تسرّ والمشكلات الاقتصاديّة والاجتماعية تتراكم يوما بعد يوم وأفق الإصلاحات الضرورية للانقاذ مؤجّلة ومرتكزات الدستور وانقاذ توجهاته الكبرى، في تقسيم السلطة المركزيّة ومنح صلاحيات للقصبة على حساب قرطاج وتفعيل سياسة الحكم المحلي، باتت وكأنّها مهدّدة، فرئيس الجمهوريّة عمل طويلا على محاولة استملاك صلاحيات في القرار الوطني خارج محددات الدستور، فوثيقة قرطاج انكشف أنّها وسيلة لتطويع القرارات وحتى الرغبات الشخصيّة والضيّقة بعد أن طفا على السطح خلاف السبسي الابن مع الشاهد، ونداء تونس يرغبُ في مواصلة الانفراد بتسيطر أولويات الحكم، توجّهات وأسماء، برغم افتقاده للأغلبيّة البرلمانيّة والثقل السياسي الذي يمكّنه من الاستمرار في ذلك الدور.
انتخابات ودستور
من هذه الزاوية فإنّ يافطة المحافظة على الاستقرار الحكومي، يافطة تُخْفِي خلفها مخاوف من المس من ثوابت الدستور في توزيع السلطة بين قرطاج والقصبة وباردو منعا لسلطة الفرد والرئاسويّة، ونقل مركز ثقلها، أي السلطة، رمزيا تاريخيا من قصر قرطاج المتعالي إلى قصر الحكومة بالقصبة بين المواطنين على أطراف المدينة العتيقة ووسط مؤسّسات الخدمات العامة من معاملات تجاريّة وأمن وتعليم وصحّة وقضاء.
ما يجري الآن، ليس مرتبطا بشأن راهن عاجل بل هو، على الأرجح، رسم لملامح الحياة الوطنية وما يُمكن أن تكون عليه التحالفات وشراكات الحكم في أفق ما بعد الاستحقاق الانتخابي المقرر نهاية العام القادم وربّما على مدى متوسّط يتجاوز الشراكة التي كانت مع السبسي والنداء والتي لم تمكّنها الظروف والمستجدّات، وخاصة الظروف الطارئة التي أصبح عليها نداء تونس، من الاستمرار أكثر من خمس سنوات.
وهذا ما يُفهم ربّما من دفاع النهضة المستميت والمستمر والدائم على ضرورة احترام الموعد الدستوري للانتخابات (أكتوبر 2019)، فهو وبخلاف أنّه منحُ مناعةٍ إضافية للدستور، فهو موعد الانطلاق الفعلي في تجسيد الرؤية الاستراتيجيّة في التوافق المتوازن والعادل وفق ما وُضع من إسقاطات ممكنة للحصاد الانتخابي الرئاسي والتشريعي.
هكذا يبدو اشتغال العقل النهضاوي الآن، مسكون بهواجس الحاضر يفكّر في استحقاقات المستقبل، ولكن بين الآن وغدا، لا شكّ هناك محاذير متأتية خاصة من غموض مشاريع الآخرين وأيضا من الدروس المفترض أن تكون التجارب الدوليّة والإقليميّة وتجارب الماضي المحلي منذ حكم الرئيسين بورقيبة وبن علي وكذلك تجربتي الترويكا والتوافق مع السبسي والنداء قد وفّرتها، وايضا متغيّرات قد تأتي فتفرض إكراهات أو تعديل للبوصلة في هذا الاتجاه أو ذاك، وذلك موضوع آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.